إختلفوا على كل شيء واتفقوا مجدداً على سرقة المودعين

تفيد مصادر متابعة أن كل الإجراءات التي تتخذ، وبمعظمها نقدية، هدفها تأجيل الإنفجار المحتم لما بعد انتهاء العهد. وبغض النظر إن كانت هذه السياسة ستصمد 16 شهراً في ظل تسارع وتيرة الإنهيار، فان كلفتها على المواطنين عموماً والمودعين خصوصاً هائلة. ذلك انها تتمحور حول فرضية وجود 14 مليار دولار “نظرياً” تمثل ما تبقى من أموال المودعين، ستوزع على البطاقة التمويلية المقرة والمقدرة كلفتها بـ 1.2 مليار دولار، وعلى استمرار دعم الأدوية وبعض المستلزمات الطبية بنحو مليار دولار، وعلى فيول الكهرباء بمقدار 1.6 مليار دولار، وعلى استيراد البنزين والمازوت بنحو 2 مليار دولار وعلى الطحين بـ 150 مليون دولار، وعلى تسديد جزء من الودائع بالعملة الصعبة بمقدار 1.5 مليار دولار. ما يعني أنه إذا لم يتغير شيء بقوانين اللعبة فان التوظيفات الإلزامية ستنخفض بما لا يقل عن 7.5 مليارات دولار في الفترة الفاصلة المقبلة. ومع كل تراجع بالتوظيفات تزداد الضغوط على الليرة، بناء على قاعدة العرض والطلب البسيطة.

“كيفية توزيع أعباء وتمويل البطاقة وآلياتها ستبقى على عاتق الحكومة”. بهذه الجملة أدى المشرعون “قسطهم للعلى”، وارتاح ضميرهم بالطلب من الحكومة المستقيلة حتى من تصريف الأعمال، فتح اعتماد لتمويل البطاقة في الموازنة. لكن من أين سيتأمن التمويل؟ “الأكيد من التوظيفات الإلزامية”، يجيب البروفيسور روك-أنطوان مهنا. وكل ما يشاع عن طرق أخرى لتأمين الأموال من خارج التوظيفات ما هو في الحقيقة إلا “هرطقة”. “فلا قروض، ولا مساعدات ستدفع إلى لبنان من دون قيامه بالإصلاحات المطلوبة منه”. وعدا عن قرض الحماية الإجتماعية بقيمة 246 مليون دولار الذي يغطي شريحة بسيطة ولم يوضع بعد موضع التنفيذ، فان “لا بوادر تشي بامكانية حصول لبنان على المزيد من التمويل الخارجي”، بحسب مهنا. “هذا وتتقهقر أعداد العائلات التي ستستفيد من البطاقة مع كل جولة نقاش ومفاوضات بما خص تمويلها والشريحة التي ستطالها”. كما أن هناك نية حقيقية بعدم إعطائها لكل الذين سيستفيدون من التعميم 158.

استحالة التمويل الخارجي والمستوى الخطير الذي وصلته الأزمة، ستفرض على الحكومة استمرار الدعم المرشّد. إلا أن ما يحصل اليوم لا يعتبر ترشيداً، إنما هندسة جديدة تقضي بتسديد نفس الكمية، أو حتى أكثر، من الدولارات لكن مقابل 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة. هذه الأموال “ستؤمن مما تبقى من أموال المودعين حتماً”، يقول البروفيسور مهنا. و”من المتوقع أن يستعمل مصرف لبنان كمية أكبر من الدولار في الفترة المقبلة لاستيراد المشتقات النفطية وبقية السلع، نتيجة الإتجاه التصاعدي لبرميل النفط، وانعكاسه على مختلف الأسعار في الأسواق العالمية”. وبالتالي فان تقاضي المركزي 3900 ليرة مقابل الدولار في ظل سعر صرف حقيقي يوازي 18 ألف ليرة لن يخفض الطلب، بل العكس سيحفزه أكثر. فـ”تجار السلع المدعومة سيعمدون إلى مضاعفة الكميات المستوردة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة للإستفادة القصوى من السعر المنخفض للإستيراد. وسيستمرون باللعبة القديمة نفسها أي التهريب والتخزين والإحتكار لتحقيق أرباح خيالية على حساب المواطنين. يساعدهم على ذلك، غياب السلطة الرقابية، وعدم وجود نية حقيقية لوقف التهريب والتهرب”، بحسب مهنا.

إذا كان الأمل بتغيير سياسي جدي معدوم، فان “بامكان الحكومة المستقيلة القيام بعدة خطوات لتخفيف ضغط الأزمة، سنداً على الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور”، برأي مهنا. ومن هذه الخطوات: العودة إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يمثل السبيل الوحيد لوقف انهيار سعر الصرف. تشكيل خلية أزمة طارئة من الحكومة والنواب والمدراء العامين لوضع آلية لوقف التهريب، الذي يستنزف الدعم.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةبوالص تأمين السيارات: 3900 ليرة للدولار
المقالة القادمةنزاع الأقساط في LAU: الجامعة تنسف «الحل الحبّي»