قرار مجلس الوزراء نقل إدارة شركتي الخليوي الى الوزارة وتشغيل القطاع بانتظار اعداد دفتر شروط جديد لمناقصة عالمية من أجل التعاقد على إدارة وتشغيل الشبكتين، يفتح الباب على إصلاحات مالية وإدارية.
أولا لجهة ضرورة خفض أكلاف التشغيل بما في ذلك النفقات غير المجدية والتضخم في محاصصات حزبية وسياسية بلغت ٢١٠٠ موظف، وكلفة اتصالات هي بين الأعلى وربما الأعلى في العالم.
وثانيا لجهة ان اكلاف الاتصالات المرتفعة بما تشكّله من عبء على المؤسسات والأفراد في بلد مرتبط تاريخيا بالعالم الخارجي اقتصاديا واغترابيا، تشلّ من معدلات النمو.
فما تأخذه الدولة من تعرفة الخليوي المرتفعة، تخسر منه جزءا كبيرا من واردات الضرائب على مختلف القطاعات المرهقة.
وفي الموجز: ليس المهم أن تأتي الواردات بالمطلق وإنما المهم ما يأتي منها عبر الاستثمارات التي تولد الاقتصاد الحقيقي الذي يحقق النمو الفعلي ويزيد في فرص العمل.
يضاف ان الاستثمارات المحلية والعربية التي تراجعت في لبنان الذي بات بين البلدان الأغلى في العالم، لا يمكن اجتذابها واستعادتها بأكلاف اتصالات عالية في قطاع هدر الواردات بلا رقيب أو حساب، وزاد في النفقات التي تضخمت من ٢٨٩ مليون دولار عام ٢٠١٠ الـ ٦٦٠ مليون دولار عام ٢٠١٨ مع تناقص الواردات من 1,1 مليار دولار عام ٢٠١٠ الى ٨٩٠ مليون دولار عام ٢٠١٨.
في حين ان تقديرات لجنة الإعلام والاتصالات ان المال المهدور في قطاع الخليوي لا يقل عن ٢٥٠ مليون دولار منه انفاق تنفيعي وتلزيمات مشبوهة أو مضخمة بأكلاف معدات، وايجارات مكاتب ومحطات، وإعلانات ودعايات، و«تبرعات»، وصيانة شبكات، بما دفع باللجنة الى أن تطلب بعد انتهاء العقد الى اعداد جردة تفصيلية رسمية بكل تفاصيل نفقات وإيرادات الشركتين ليصار بعد ذلك الى تحديد المسؤوليات عن حجم الهدر، من واردات بلغت خلال ١٠ سنوات حوالي ١٤ مليار و٢٤٠ مليون دولار مقابل ما حوّلته الشركتان الى وزارة الاتصالات خلال تلك السنوات ٩ مليارات و٩٥٤ مليون دولار.
ولنصل الى السؤال: بعد أن استردت الدولة القطاع (الذي وصفه الرئيس عمر كرامي يوما بانه «بترول لبنان») هل يمكن إيلاء إدارته للدولة التي توصف بانها قطاع عام فاسد؟ أم للقطاع الخاص الذي ثبت من خلال التجربة مع الشركتين انه ليس أقلّ من الدولة بل الأكثر في الهدر والفساد.