إستحقاقات تنتظرنا بعد تحرير كل الأسعار

يطرح تحرير الاسعار معضلة أخرى هي مدى قدرة السيولة المتوفرة بالليرة اللبنانية على تمويل مستوى الاسعار الجديد. فالمحروقات ستشهد ارتفاعاً يعادل 1000 % مقارنة بالعام الماضي، وهذا وحده كفيل بإطلاق دينامية جهنمية لارتفاع مستوى الاسعار لكافة السلع والخدمات، كون المحروقات هي عَصب أي اقتصاد، وتدخل في احتساب كلفتي النقل والإنتاج والتوزيع، كما تعتبر مؤشراً للسعر العادل لتقديم الخدمات المتنوعة في الاقتصاد.

يمكن النظر إلى تعميم مصرف لبنان رقم 158 كأحد منافذ خلق سيولة إضافية في السوق تلبّي المستويات الجديدة للأسعار، حيث سيستفيد أصحاب الحسابات الخاضعة للتعميم من مبلغ 7 ملايين ليرة شهرياً تقريباً وفقاً لسعر منصة صيرفة الحالي.

وكيف سيتم التوسع في السيولة ومن اية مصادر؟ في الظروف الحالية يمكن ذلك من 3 مصادر فقط:

1 – إستخدام السيولة الدولارية لحصّة لبنان من مخصصات صندوق النقد الدولي لسحب كميات النقد الإضافي المطبوع وتمويل سوق القطع لاحتواء التضخم

2 – رفع الرسوم وإعادة تسعير الدولار الجمركي.

3 – طبع المزيد من العملة وتوسيع القاعدة النقدية.

ونتيجة لهذا التوسّع، سوف تنطلق موجة تضخم جديدة يصعب السيطرة عليها، بل قد تؤسّس لدينامية ارتفاع أسعار مستقلة عن رفع الدعم، وتتطلب المزيد من طبع السيولة لتمويل مستويات تضخم مرتفعة باضطراد.

هكذا ندخل في دوّامة التضخم المفرط (الجامح) التي لم تدخلها دولة الّا من خلال طريقة لحس المبرد، الذي يتحوّل من خيار مضبوط في الإجراءات النقدية إلى مسار اضطراري يُشبه القطار الذي فقد مكابحه في طريقٍ منحدر.

هناك دواع كثيرة للهلع من أنّ النماذج الحديثة للتضخم المفرط، مثل فنزويلا وزيمبابوي، قد تصبح على ألسنة التشبيه قريباً.

مصدرجريدة الجمهورية - د. بيار الخوري
المادة السابقةفقدان المستلزمات الطبية: مرضى تعرّضوا للموت!
المقالة القادمةعكر: لإعادة إحياء التواصل مع مؤسسات الإتحاد الأوروبي لتفعيل المشاريع التنموية