إسترجاع المال المنهوب يبدأ بالبحث في “جيوب” المهرّبين

مئات ملايين الدولارات خرجت خلال العامين المنصرمين من أموال المودعين إلى جيوب المهربين والمتهربين من تسديد الضرائب والرسوم. نسبة “السرقة” من فاتورة الدعم التي تخطت لغاية اليوم 10 مليارات دولار، تتراوح بين 10 و20 في المئة على أقل تقدير. ما يعني أن هناك أموالاً منهوبة حديثاً، المطلوب “دق حديد” استرجاعها وهي “حامية”، قبل أن “تبرد” وتلحق بالأموال الموضوعة بـ”ثلاجة” التحويل إلى الخارج.

في ملف المازوت والبنزين وحدهما تقدّر أرقام “الدولية للمعلومات” أن تكون الكمية المهربة في العام الماضي بحدود 33 مليون صفيحة بقيمة 205 ملايين دولار. وهي تنقسم بين 5 ملايين صفيحة من البنزين تصل كلفة دعمها إلى نحو 35 مليون دولار، وحوالى 28 مليون صفيحة من المازوت تصل كلفة دعمها إلى نحو 200 مليون دولار. الأمر نفسه ينسحب على السلة الغذائية المدعومة والتي ضاعت منها ملايين الدولارات بالتهريب والتخزين وتغيير التعليب والتغليف. كذلك الأمر بالنسبة إلى القمح والطحين والأدوية والمستلزمات الطبية. ما يعني أن هناك من استفاد بطريقة غير مشروعة من الدعم بأكثر من طريقة، وقبض دولارات طازجة مصدرها الأموال الخاصة الموضوعة كاحتياطي من المصارف في مصرف لبنان. هذه المبالغ المقدرة بمئات ملايين الدولارات قد يكون “هُرّب” جزء منها إلى الخارج، والجزء الآخر ما زال موجوداً في الداخل. وفي الحالتين تصح ملاحقتها واسترجاعها.

“القوانين اللبنانية واضحة لجهة ملاحقة ومعاقبة الفاسدين والمختلسين وناهبي المال العام”، يقول مقرر لجنة المال والموازنة النيابية النائب نقولا نحاس، “إلا انه مع توسع مروحة الدعم وشموله عدة قطاعات نفطية وغذائية ودوائية من دون أن تكون هناك حيثية إقتصادية، فان الأولوية تكمن بملاحقة مكمن الخلل المتمثل بآليات الدعم من منطلق الحوكمة، قبل ملاحقة الذين استفادوا من الدعم من دون وجه حق واسترجاع الأموال”. أما إذا ثبت أن هناك من استفاد بطرق غير مشروعة من الدعم ونتج عن هذه العمليات، أو عن غيرها، أموال غير قانونية فان على “المرجعيات القضائية المسؤولة ملاحقتها”، برأي نحاس. و”لذلك هناك القضاء المالي المكلف ملاحقة مثل هذه المخالفات”.

تنقسم الملاحقة إلى شقين، الأول يتعلق بموظفي القطاع العام، والمتعاقدين مع الدولة وكل المستفيدين من المال العام، سواء كانوا مستشارين أو مقاولين أو متعهدين أو مستثمرين لمرفق عام. هؤلاء جميعاً يدخلون، بحسب رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين المحامي كريم ضاهر، ضمن التصنيف للموظف العام، ويمكن ملاحقتهم بجرم الإثراء غير المشروع والفساد، إستناداً على القانون 175 (قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) الصادر في أيار 2020. وهناك القانون 189 الصادر في تشرين الأول من العام 2020. أما في ما خص الشق الثاني المتعلق بالأفراد المدنيين وشركات القطاع الخاص، فيُطبق عليهم القانون 44/2018 المتعلق بتبييض الأموال، والقانون 214 المتعلق باسترداد الأموال الناتجة عن جرائم الفساد، في حال إثبات واحدة من المخالفات التالية: التهرب الضريبي، الإحتكار، والإستفادة غير المشروعة من الدعم وغيرها.

في ظل قوانين مكافحة الفساد المقرة مؤخراً، ووجود هيئات قضائية ورقابية فانه من المعيب ترك حبل سرقة أموال المودعين معلقاً على جرار باب المحاسبة. وهذا الملف الذي قد يعيد إلى خزينة الدولة أكثر من مليار دولار، قد يكون “البحصة” التي تسند “جرة” الإقتصاد المنهار.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة“بلومبيرغ”: انخفاض أصول السعودية في الخارج لأدنى مستوياتها منذ 10 سنوات
المقالة القادمةالجزائر تسعى لتحقيق 30 مليار دولار من الإيرادات هذا العام