يستهدف العدوان الإسرائيلي، منذ نحو 7 أشهر، كل شيء يتحرك في الجنوب، من المدنيين والمسعفين والإعلاميين والأطفال، بشكل يتنافى مع إتفاقية جنيف التي تنص على إبعاد المسفعين عن صراعات الحروب والعمليات العسكرية، بينما تنص شرعة حقوق الانسان على حماية المدنيين والإعلاميين.
وبحسب إحصائية، حصلت عليها “النشرة” من مصادر أمنية لبنانية، فإن أكثر من 2000 غارة شنها الطيران الحربي والمسير على المناطق الجنوبية، أدت إلى تدمير نحو 199 منازلاً في أكثر من 20 قرية حدودية، بالإضافة إلى مؤسسات سياحية وتجارية وإقتصادية، كما أدت إلى إستشهاد 66 مدنياً: 23 امرأة، 15 رجلاً، 8 أطفال 3 صحافيين و20 مسعفاً.
في هذا السياق، يشير رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان علي طباجة، في حديث لـ”النشرة”، إلى أن “العدوان الإسرائيلي على الجنوب قضى على القطاع السياحي، بحيث استهدف المنشات السياحية الكبيرة والصغيرة، كما أغارت إسرائيل على قاعة أعراس في عيتا الشعب”، ويوضح أن “الموسم السياحي على الوزاني أصيب بخسائر كبيرة، كما الاستراحات على نهر الليطاني، ولم يعد بإمكان السواح اللبنانيين والعرب والأجانب ارتيادهم، كما ان الغارات الجوية على محيط قلعة الشقيف أصابت استراحة القلعة”.
ويلفت إلى أن “إسرائيل، من خلال عدوانها، دمرت القطاع السياحي في المنطقة الحدودية، ففي 20 بلدة على الحدود لم يعد هناك أي اثر للسياحة، ما كبد أصحاب المؤسسات خسائر كبيرة”، وسأل: “من يعوض عليهم، ورغم أن الدولة في عجز، فاننا نطالبها بالتعويض”؟ ويضيف: “حتى أصحاب المقاهي المتجولة هي الأخرى تضررت ولا يستطيع أصحابها التنقل على الطرقات”.
ويرى أننا “نحتاج إلى خطة خمسيّة لاعادة بناء القطاع السياحي على الحدود، حيث أن القطاع السياحي في الجنوب قطعت أوصاله”، ويعتبر أن “إسرائيل تريد تحويل المنطقة الحدودية إلى منطقة يسيطر عليها الصمت والسكون ومعدومة الحياة”، ويوضح أن “المؤسسات السياحية في النبطية وصور لم تنهض، لأنّ العدوان طال المدينتين وترك بصمات من الاسى”، ويدعو وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار والحكومة إلى الإستعداد لما بعد العدوان، “لنعيد بناء المؤسسات السياحية وينهض القطاع من بين الركام، ولنثبت للعدو الإسرائيلي أننا قادرون على الحياة”.
من جانبه، يلفت رئيس الجمعية التعاونية التنظيمية لتجار محافظة النبطية والجوار محمد بركات جابر، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنه رغم كل ما يحصل “نرى بأن إرادة العيش ورغبة الإنتماء تطغى على نفوس اللبنانيين عامة والجنوبيون خاصة، إذ لا يبرح الجنوبي أن يتخلى عن صموده وعزته وكرامة شعبه أمام انتهاكات عدو غاصب يستبيح أرضه وينتهك حرمتها”. ويوضح أن “الحرب الإقتصادية على جنوب لبنان تركت آثارها على الممتلكات والمؤسسات التجارية والأراضي الزراعية للمناطق الجنوبيّة المحاذية، التي تبعد حوالي 4 كلم عن الحدود اللبنانية وتتعرض للقصف المباشر، مع ما تشهده المؤسسات الإنتاجيّة من استنزاف وتآكل في رأسمالها المادي والبشري والاجتماعي والطبيعي”.
ويشير جابر إلى أنه “بعد أن كانت هذه المؤسسات تتخذ من الإنتاج المحلي ركيزة أساسية تحقق لها الإكتفاء الذاتي المحلي، إضافة إلى امتلاكها لمقومات التصدير للخارج، باتت اليوم تعاني من الإنكماش الموقت بالإضافة إلى علامات الركود الذي يشهده نشاط القطاع الخاص في تلك المناطق”، ويوضح أنه “كان من المتوقع، قبل نشوب الصراع الحالي، أن يحقق الاقتصاد اللبناني لأول مرة منذ عام 2018 نمواً خلال عام 2023، حيث بدا أن الاقتصاد قد بلغ قاعاً موقتاً بعد سنوات من الانكماش الحاد”، ويضيف: “اللبنانيون، ولا سيما الجنوبيون بخاصةٍ اعتادوا، كطائر الفينيق، على أن يخلقوا من ضعفهم قوة يجابهون بها تحدياتهم”.
ويختم جابر بالتأكيد أننا “متأصلون في هذه الأرض منذ آلاف السنين، فهي شاهدة على ما قاساه الجنوبيون من نزاعات خاضوها دفاعاً عن حدودهم، من الشمال إلى الجنوب مروراً بجروده وسهوله، بحيث أصبح هذا الوطن، رغم صغر مساحته، رقماً صعباً ومادة للنقاش في سجلات المحافل الدولية، ولا بد لهذا الصبر والصمود أن ينتج نصراً ينال بها اللبنانيّون عزاً وكرامة”.