إضراب قطاع النقل واستحالة الدعم ..

لا أحد يستطيع أن يتجاهل أوضاع قطاع النقل المتردية بعد الإرتفاع المضطرد في أسعار البنزين، وغلاء قطع الغيار، وتراجع حجم الحركة العامة في البلاد، بسبب تفاقم الأزمات المعيشية والإجتماعية، وتفشي البطالة.

ولكن لا أحد في الوقت نفسه يستطيع أن يرفض القول بأن أزمة هذا القطاع هي جزء من سلسلة الأزمات التي تطوق أعناق اللبنانيين، وحولت حياتهم إلى جحيم لا يُطاق، وبالتالي فإن حل مشكلتهم يرتبط بالحل الشامل للمحنة الإقتصادية التي يعيش فيها البلد.

لا الإضرابات، ولا حركات قطع الطرق، ولا التظاهرات، تؤدي إلى الحلول المنشودة، بل لعلها تزيد الأمور تعقيداً، خاصة عندما تعطل أعمال الموظف والعامل، والتاجر والصناعي، وكل من له مهمة في القطاعات المنتجة، وتحول دون وصولهم إلى أعمالهم، فضلاً عن تعطيل المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية، التي يرزح معظمها أصلاً تحت ضغوط إضرابات المعلمين في المدارس والأساتذة في الجامعة اللبنانية.

وثمة واقع مستجد وقد يكون ضرورياً رغم مرارته، ويتعلق بمسألة التخلي عن سياسة الدعم التي أغرقت الدولة بمليارات من الديون والهدر والفساد، وكلفت المواطن اللبناني من الأعباء ما يفوق قيمة الدعم عشرات الأضعاف.

لقد آن الأوان أن يقتنع اللبنانيون بأخطاء سياسات الدعم السابقة، والإستعداد لقبول المضي قدماً في إعتماد سياسة السوق، وتحرير السلع والخدمات من أي دعم، كما فعلت دول عديدة كانت أزماتها أقل حدة وأبسط تعقيداً مما نحن فيه، وإستطاعت أن تستعيد توازنها الإقتصادي، وتنهض من جديد.

نقابات قطاع النقل يدركون أكثر من غيرهم أن الدولة مفلسة، ولا تستطيع تأمين أثمان القرطاسية اللازمة لحسن سير العمل في وزارة المالية بالذات، وفي مختلف الدوائر المالية الأخرى، وهي بالكاد مستمرة بطبع مليارات الليرات لتتمكن من تأمين رواتب موظفيها في نهاية كل شهر.

فكيف تستطيع دولة متهاوية مالياً وإنتاجياً أن تستمر بسياسة الدعم إلى ما لا نهاية، رغم وعود بعض المسؤولين، وبمعزل عن الإتفاقات التي تحصل في لحظة غياب المسؤولية عند بعض المعنيين؟

مصدراللواء - نون
المادة السابقةالحاكم يمحو خسائره برواتب الموظـفين
المقالة القادمةموجة تهريب معاكسة من سوريا إلى لبنان لنقل المحروقات