بدءاً من اليوم لا صيانة لخطوط أوجيرو، لا خدمات في المراكز ولا توفّر للخط الساخن التابع لأوجيرو 1515، إلى أجل غير مسمّى. أما السبب فيعود لدخول موظفي أوجيرو في إضراب مفتوح إلى حين تصحيح رواتبهم بما يتناسب مع وضعهم المعيشي.
وإن كانت السلطة لم تستمع لمطالب العاملين بالقطاع العام وموظفيه المضربين منذ أشهر، ولم تلتفت إلى تعطّل الغالبية الساحقة من إدارات الدولة، فإنها من دون شك ستضطر مُكرهة للالتفات إلى إضراب موظفي أوجيرو، عندما تتعطّل مراكز الهيئة كلّياً وتتوقف الاتصالات بفعل نفاد المازوت وإضراب موظفيها.
السلطة لا تستمع للعاملين في قطاعاتها بأذن واحدة، ولا تراهم بعين واحدة. فقد اعتادت التمييز بين العاملين لديها بمختلف مسمّياتهم، سواء موظفي إدارات عامة أو مؤسسات ومصالح مستقلة أو حتى مؤسسات وهيئات تابعة للوزارات. لا يوجد في الدولة اللبنانية معايير واضحة وآلية دقيقة لتحديد حقوق الموظفين وامتيازاتهم في حال تواجدت. فنرى رواتب موظفي الريجي (هيئة حصر التبغ والتنباك) تفوق 6 أضعاف موظفي هيئة أوجيرو، في حين تفوق رواتب موظفي أوجيرو موظفي الضمان والكهرباء على سبيل المثال. وما ذنب الموظفين بتلك الفوضى؟
شرذمة القطاع العام
رفعت وزارة الاتصالات مؤخراً تعرفة الاتصالات أضعاف ما كانت عليه. أعادت ميزانياتها إلى سكتها الصحيحة، عملت لتسوية أوضاع موظفي شركتي الخليوي ألفا وتاتش، لردعهم عن الاستمرار بالإضراب، لكنها لم تلتفت على الإطلاق إلى مطالب موظفي اوجيرو.
أليس موظفو أوجيرو عنصراً أساسياً في هيئة لطالما كانت تدرّ الارباح على وزارة الاتصالات؟ يسأل أحد المستخدمين الذي بات عاجزاً عن الحضور إلى مركز عمله في بيروت والتكلّف يومياً نحو 300 ألف ليرة ثمن بنزين.
يقول: لم يتم التعامل معنا كموظفي القطاع العام والاستماع إلى مطالبنا على الأقل، كما لم تتم معاملتنا كموظفي شركتي الخليوي، لم تشملنا التقديمات وبدلات النقل وحتى الحديث عن تقديمات أخرى.. ما هو تصنيفنا بالضبط بين العاملين؟
وإن كانت أسئلة الموظفين محقّة لاسيما المرتبطة بتصنيف الهيئة وحقوق العاملين لديها، إلا أنها لا تعني شيئا بالنسبة إلى سلطة سياسية تعمّدت على مدار سنوات إحداث شرذمة في القطاع العام بكافة مكوّناته، فرّقت بين موظف وآخر تحت ذريعة الإدارة العامة والمؤسسة المستقلة والمصالح والهيئات. فتركت لها أبواباً لتمرير توظيفات سياسية كلما دعت الحاجة، وتعاقدات بعقود تحت مسمّيات كثيرة شكّلت بشكل أو بآخر أكثر المسارب هدراً وفساداً في معظم مؤسسات الدولة، ومنها أوجيرو.
موظفو أوجيرو
الإضراب المفتوح أعلنت عنه نقابة موظفي هيئة أوجيرو، في كل القطاعات وأوقفت كل أعمال الصيانة والتشغيل من دون استثناء في كل مراكز الهيئة على الأراضي اللبنانية، بدءاً من يوم الثلاثاء 30 آب إلى حين تصحيح الأجور لجميع العاملين في القطاع، بما يتناسب مع الوضع المعيشي القائم.
ويشمل الإضراب جميع المستخدمين والمياومين والمتعاقدين والملحقين، ويبلغ عددهم نحو 2700 موظف. علماً ان نحو 1400 فقط مستخدمين في الهيئة وقرابة 1600 من المياومين والمتعاقدين والموظفين سياسياً، منهم نحو 300 شخصاً استقال مؤخراً وترك الهيئة ليتراجع مجموع العاملين إلى نحو 2700.
رواتب ومطالب
يبلغ متوسط رواتب موظفي أوجيرو 6 ملايين ليرة، هي طبعاً تزيد كثيراً عن رواتب إدارات القطاع العام، لكنها رغم ذلك لا تكفي لتغطية نفقات انتقال الموظفين إلى مقار عملهم. فما بالك لتغطية تكلفة معيشة واستشفاء ومدارس ونقل وغير ذلك، لاسيما أن تكلفة معيشة أسرة صغيرة تبلغ بالحد الأدنى 20 مليون ليرة لتغطية الاساسيات فقط وذلك بحسب دراسة أجراها نقابيون.
كل ما كان موظفو أوجيرو يتمتّعون به في السابق من رواتب على مدار 13 أو 14 شهراً للعام، أو بدلات نقل وبدلات هاتف وتامين صحي.. جميعها توقفت كلّياً أو فقدت قيمتها. بالمحصّلة، تحوّل موظف أوجيرو من موظف مكتفٍ معيشياً إلى موظف عاجز عن تأمين معيشته وانتقاله إلى عمله. لذلك كان الإضراب المفتوح على ما يؤكد عدد من الموظفين.
وإذ يتّهم موظفو أوجيرو الإتحاد العمالي العام وما يمثل من تيارات سياسية، بإجهاض تحركهم ومساعيهم السابقة لتحقيق مطالبهم، يصرّون على الخوض بالإضراب اليوم إلى حين تحقيق مطالبهم “وإلا فلتترقّب السلطة كيف ستغلق المراكز بعد نفاد المازوت منها وتتوقف معها الاتصالات”، على ما يقول أحد الفاعلين في التحرك المطلبي.
وإن لم تعلن النقابة جهاراً تصورها للرواتب المطلوبة أو الزيادات المُستهدفة، يلفت أكثر من موظف إلى أن المطلوب مساواة موظفي أوجيرو بموظفي شركتي الخليوي ألفا وتاتش، ويسأل البعض ما التبريرات ليتقاضى موظفو أوجيرو رواتبهم على سعر صرف 1500 ليرة وموظفو ألفا وتاتش على 8000 ليرة؟
وإذا كانت الذرائع لحرمان موظفي أوجيرو ترتبط بتخمة الهيئة بالموظفين، وما يشوبها من هدر ومحسوبيات وفساد، فذلك تُطالب به السلطة السياسية نفسها التي وظفت سياسياً في أوجيرو ومارست شتى أنواع الإستغلال للهيئة. ورب سؤال: ألا تستحق هذه المؤسسة إعادة هيكلة وتسوية أوضاع الموظفين؟