أزمة جديدة أضيفت الى معاناة الصيداويين والجنوبيين، في خضم استفحال الضائقة الاقتصادية ودلت على الانحدار نحو المزيد من الانهيار الكبير وتفكك الدولة وتراجع خدماتها، بعدما استفاق ابناء المدينة ومنطقتها على انقطاع تام في خدمات الاتصالات والانترنت من “اوجيرو” وشركتي الخليوي معا، على خلفية اضراب الموظفين والعاملين فيها الذين يطالبون بتصحيح رواتبهم بما يتناسب مع الغلاء المعيشي.
وكان لافتاً بعد ساعات قليلة على بدء الاضراب، انقطاع الاتصالات الهاتفية والانترنت على غير عادة، لممارسة مزيد من الضغط على وزير الاتصالات جوني القرم والمسؤولين المعنيين من اجل الاسراع بتلبية المطالب، اذ حضرت هواجس تكرار الاحتجاجات الشعبية كما جرى في انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، وقد اندلعت بعد قرار فرض رسوم على خدمة “الواتساب”.
في مبنى “اوجيرو” حضر الموظفون والعاملون، لكنهم لم يدخلوا الى مكاتبهم، واقفلوا البوابة الرئيسية بالجنازير الحديدية، وعلقوا لافتة كتب عليها “اضراب مفتوح حتى تحقيق المطالب”، واحتشدوا في الباحة الخارجية، جلس بعضهم على الكراسي تحت فيء الاشجار، وآخرون بقوا واقفين يتبادلون اطراف الحديث عن سوء الاوضاع المعيشية وتدني الرواتب ووعود الدولة التي تبخرت ولم يطبق منها شيء، الجميع على اعصابهم ينتظرون تطوراً ينصفهم.
مصدر مسؤول شرح لـ “نداء الوطن” المطالب بتصحيح الرواتب أسوة بباقي موظفي مؤسسات الدولة والتي لم تعد تكفي ثمناً لاجرة الانتقال الى مركز العمل، دفع غلاء المعيشة الذي أقر بدءاً من الاول من نيسان الماضي، وبدل نقل عبارة عن 95 الف ليرة لبنانية، والمساعدة الاجتماعية الشهرية، ناهيك عن بدل الحضور اليومي والذي لم يقر لهم، اضافة 600 الف ليرة على الحد الادنى للاجور وسواها، مستغرباً ان تشمل القرارات موظفي الوزارات دون المؤسسات العامة”، مؤكداً “اننا لسنا هواة اضراب ولكننا نريد حقوقنا والعيش بكرامة ومساواتنا بالآخرين”.
ورفض المصدر وصف الاضراب بمثابة عقاب للمواطنين، وقال “انه اضراب تام شمل كل المناطق وقد تأثرت سنترالات صيدا والجنوب، الدامور، المزرعة، النهر، الحمرا، بيت الدين، النبطية وسواها، ما دفع القوى السياسية الصيداوية والجنوبية الى اجراء الاتصالات لمعالجة الامر، سيما وان توقيته تزامن مع تنظيم مهرجان إحياء ذكرى تغييب الإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه في صور وما يتطلب من اتصالات وانترنت لمواكبة تغطيته.
والاضراب الذي قطع أوصال المناطق وحوّلها جزراً معزولة عن بعضها البعض وصامتة لساعات عديدة قبل عودة الانترنت، اثار ضجة في الاوساط السياسية والشعبية والتجارية، اذ توقفت غالبية المعاملات في مختلف ادارات الدولة ومؤسساتها، وصولاً الى المصارف وسوق الصيرفة حيث توقفت عمليات الصرف وغاب الصرافون غير الشرعيين عن شارع رياض الصلح الرئيسي ما احدث فوضى وارباكاً معاً.
وعاد المواطنون الى استخدام الاتصالات الخليوية التي حلت مكانها اتصالات “الواتساب”، وتذكروا الايام الخوالي مع الهواتف العادية ورسائل الـ “اس ام اس”، قبل ان تحفل مواقع التواصل الاجتماعي مجدداً بالتعليقات الساخرة على هذين الانقطاع والضياع اللذين شعروا بهما وغياب التحركات الاحتجاجية بسبب فقدان آلية التنسيق التي كانت تتم عبرها.
وقالت عبير اليمن، وهي موظفة في محل لبيع الثياب في صيدا: “اليوم ارتاحت والدتي من القلق علي والاتصال بي عدة مرات للاطمئنان، لقد تحول هاتفها مجرّد آلة حاسبة فقط ومن دون استخدام”، بينما قال محمد عزام “لقد فقدت اداة التواصل مع العالم ولكنني لست حزيناً، اذ ارتاح رأسي من سماع رنين اشعارات الاخبار العاجلة ومنها استمرار ارتفاع سعر الدولار والغلاء وسواهما، ولكن لا يمكن الاستغناء عن النت طويلاً لاننا نشعر بضياع حقيقي”.