إضراب موظّفي أوجيرو: أحابيل الدولة لإنهائه بلا حلّ الأزمة

يواصل موظّفو هيئة أوجيرو إضرابهم، ويصرّون على عدم التراجع حتى تصحيح أجورهم تماشياً مع الغلاء المعيشي المتعاظم بفعل عدم ثبات سعر صرف الدولار. ولتأكيد موقفهم، تجمّع الموظّفون يوم الاثنين 5 أيلول، في المبنى الرئيسي للهيئة في بيروت، رافعين شعاراتهم ورافضين محاولات الالتفاف على الإضراب. إلاّ أن خروج سنترالات الهيئة عن الخدمة تباعاً، وانقطاع الاتصالات والانترنت في المناطق، بات على أبواب التحوّل لأزمة حقيقية تهدد انتظام العمل في كل القطاعات الرسمية والخاصة. الأمر الذي استدعى تدخّلاً على مستوى أحزاب السلطة وعلى مستوى الجهات الرسمية المعنية، كرئيس الحكومة ووزير الاتصالات والمدير العام لأوجيرو عماد كريدية. لكن ما قُدِّمَ حتى الساعة، لم يُغرِ الموظّفين، بل أعطاهم سبباً إضافياً لاستكمال الإضراب.

مصير الإضراب

نَجَحَ الإضراب في إيصال قرار جماعي بضرورة تعديل رواتب الموظّفين، وأن ضريبة تجاهل المطلب تطال كامل الأراضي اللبنانية. وعليه، فإن التعامل مع هذه القضية يجب أن يكون سريعاً وحاسماً. التجاوب الأوّلي مع المطلب جاء بتوقيع وزير الاتصالات جوني القرم، يوم الاثنين، المراسيم التي يطالب الموظّفون بمضامينها. وتستند المراسيم على طلب وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو، سلفة خزينة من وزارة المال، بقيمة 200 مليار، لتغطية بنود المراسيم الموقَّعة. وينتظر القرم توقيع وزير المال يوسف الخليل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

من جهتهم، يرفض الموظّفون اعتبار هذه الخطوة “تحقيقاً للمطالب ومدخلاً لإنهاء الإضراب. فمضمون المراسيم الثلاثة هي حق مكتسب للموظفين وليس منَّة من أحد. حقٌّ حصلوا عليه أسوة بباقي موظفي إدارات ومؤسسات الدولة، وفق ما ينص عليها مرسوم بدل النقل المحدد بـ95 ألف ليرة، ومرسوم بدل الحضور اليومي بين 150 ألف و350 ألف ليرة، حسب الفئات الوظيفية، ومرسوم منحة الانتاج التي يصل سقفها إلى 3 مليون ليرة”، وفق ما تقوله مصادر في نقابة الموظفين، والتي تشير في حديث لـ”المدن”، إلى أن المطلب الأساس للموظفين يكمن “في المرسوم الرابع وهو زودة الغلاء المعيشي التي لا تلامس نسبتها مستوى الغلاء الحاصل في البلد”. ومن المفترض أن تبلغ نسبة الزيادة 2.2 من قيمة أدنى راتب. أي تُحتسب قيمة الزيادة بضرب قيمة أدنى راتب بـ2.2.

يسعى القرم مع كريدية لإنهاء الإضراب ومعاودة العمل في السنترالات، فيما يصرّ الموظّفون على إضرابهم. علماً أن “أصواتاً داخل النقابة تؤيّد فك الإضراب تنفيذاً لرغبات أحزاب السلطة، لكن الضغط المعيشي يمنعهم ويجعلهم مجبرين على استكمال الإضراب. وما يدفعهم للاستمرار بالإضراب خلافاً لقرارات أحزابهم، هو اقتراب موعد انتخابات النقابة المفترض إجراؤها في 9 أيلول، ومن مصلحة الراغبين في الترشّح، الظهور بصورة المدافع عن المطالب حتى الرمق الأخير”. ووسط الاحتمالات المفتوحة، لا يمكن حسم مصير الإضراب. لكن ما هو محسوم، المحاولات الرسمية لإنهائه، فيما الموظّفون يرون بأن تصحيح الأجور لن يكون حلاً جذرياً، بحدّ ذاته، لأن سعر الدولار يواصل ارتفاعه.

مسؤولية مؤسسة الكهرباء

استكمال الإضراب أو فكّه لا يعني حلّ الأزمة بشكل نهائي. لأن ضمان استمرار تغذية الاتصالات والانترنت يستوجب تأمين الطاقة من مؤسسة كهرباء لبنان “وهو ما يغيب عن بال الجمهور وتتجاهله الأحزاب والدولة. فليس من واجب أوجيرو تأمين الكهرباء لتشغيل السنترالات، وإنما تؤمّن المازوت والمولّدات للاستجابة لحالات الطوارىء وليس للاعتماد الدائم على المولّدات”. ومع ذلك، ترى المصادر بأن “من مصلحة الأحزاب والدولة رمي المسؤولية على أوجيرو لتبرئة فشلهم في إدارة قطاع الكهرباء”. ولذلك، تقول المصادر بأن “اعتراض الأهالي في الضاحية الجنوبية على إصرار موظّفي أوجيرو على عدم تعبئة الخزانات بالمازوت، التزاماً بالإضراب، يُبيّن أن أوجيرو تأخذ اللبنانيين رهينة، في حين أن حرمان الأفراد والمؤسسات من كهرباء الدولة، هو ما يمثّل أخذ الناس كرهينة”.

بين الدولة والنقابة

هذه القضية متشعّبة ولم تصل بعد إلى خواتيمها وسط النقاشات المستمرة. وعلى صعيد رسمي، تسارعت حركة الوزراء فوقّع وزير الاتصالات جوني القرم ووزير المالية يوسف الخليل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون المراسيم الثلاثة. وأوضح القرم أن المرسوم الرابع “يحتاج لاستشارة قضائية”. آملاً أن يؤدي توقيع المراسيم الثلاثة إلى “تعليق الإضراب”، خصوصاً وأن “أموال السلفة متوفرة”.

ينظر الموظفون بايجابية إلى خطوة الوزراء، لكن بنظرهم، التوقيع ليس كافياً. وبحسب نقيب الموظفين في أوجيرو، إيلي زيتوني، فإن “الدولة أقرّت المراسيم، ونحن نطالب بإعطائنا إيّاها (المستحقات)”. وإلى حين الدفع، يبقى “الوضع التفاوضي قائماً والإضراب مستمراً”. ولإظهار حسن النوايا، أشار زيتوني في حديث تلفزيوني، إلى أن الموظفين وسَّعوا “مروحة السنترالات التي تمّت تعبئتها بالمازوت”. أما في حال كان الردّ الرسمي سلبياً، ولم تُدفع المستحقات، “فحلقة السنترالات المشغَّلة والمؤلّفة حالياً من 21 سنترالاً، ستتحوّل إلى صفر سنترال”. وبالتالي فإن “الكرة الآن في ملعب أركان الدولة، ونحن بحالة ترقّب وانتظار، وعلى أساس ما سيقرّرونه سنبني على الشّيء مقتضاه”.

الارتباك واضح في هذا الملف، لأن استمرار الإضراب يعني تفاقم أزمة الاتصالات والانترنت. لكن ما يُريح الوزارات والدولة هو سهولة الالتفاف على المطالب من خلال قرارات الأحزاب القادرة على لجم الموظفين المحسوبين عليها حين تدعو الحاجة.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةمصادر وزارة الاقتصاد: تسعير أصحاب المولدات بالدولار مخالف للقانون وندعو البلديات لمساعدتنا
المقالة القادمةالبنزين في المرحلة الأخيرة قبل رفع الدعم