إعادة إعمار المرفأ…إستثمار ضخم “مجمّد” في زمن الإنهيار

عام مضى على هول كارثة انفجار مرفأ بيروت. الأنظار لا تزال مسلّطة على إعادة إعماره، وتأهيل ما تحيط به من بنى تحتية قد تجعل من تلك المنطقة قبلة سياحية ومرفقاً إقتصادياً عالمياً بارزاً. إقتراحات عدة تقدّمت بها جهات روسية وألمانية وفرنسية قابلتها حماسة لبنانية لإعادة إعماره من قبل الكوادر البشرية الهندسية الكفوءة في لبنان. فكان اقتراح من قبل رئيس نقابة المقاولين في لبنان المهندس مارون الحلو ومؤسس محطتي الحاويات في مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس أنطوان عماطوري، ومشروع آخر من المهندس شربل أبو جودة للإبقاء على عائدات إعادة الإعمار في الداخل.

المشروع المحلّي الأول لإعادة إعمار المرفأ قدّمه الحلو وعماطوري تحت عنوان: “عماطوري- حلو لإعادة إعمار مرفأ بيروت” لفترة ثلاث سنوات وبكلفة تتراوح بين 300 و 400 مليون دولار. حول مسار الإقتراح المقدّم أوضح الحلو لـ”نداء الوطن” إن “المشروع قدّم الى إدارة المرفأ التي أرسلته بدورها الى وزير الأشغال العامة والنقل لدراسته، إلا انه لا يزال مجمّداً مثله مثل سائر المشاريع”.

ورأى الحلو أن “الأجواء غير مؤاتية للبت بهكذا مشروع، فالحكومة المستقيلة لا تأخذ مبادرة، وادارة المرفأ لا تأخذ اي قرار والحكومة المرتقبة لا تبصر النور. الشلل بالإدارات والوزارات سيّد الموقف اليوم وحتى المناقصات لا يتمّ البت بها، عدا عن المعاناة التي تعيشها إدارة مرفا بيروت، فشركة التشغيل في “البور” متعثرة، ولا تقوم بأية إستثمارات بالرافعات، والحاويات لا تعمل بأكملها، وسيتم طرح مناقصة لتشغيل المرفأ، التي تعاني حركته من الشلل”.

والمشروع المطروح بإعادة بناء المرفأ من الحلو وعماطوري يتم تمويله من مدخوله لمدة قصيرة لا تتجاوز الثلاث أو الأربع سنوات، وهو سينعش قطاع المقاولات والهندسة والاستشاريين المحليين. كما ستنعش تلك المبادرة الناتج المحلي وتوفر فرص عمل للبنانيين الذين بأمس الحاجة اليها كما ستؤمن للدولة مداخيل إضافية للاستثمار بحيث لن يحتاج الى كامل المساحات المخصصة حالياً للمرفأ بحسب الدراسة بل سيقتطع قسماً منها وسيوزع على مستثمرين محليين.

وأكّد المستشار الفنّي لهذا المشروع ابراهيم هرمس لـ”نداء الوطن” أن “لبنان لديه كل الخبرات اللازمة لإعادة إعمار المرفأ من إستشاريين ومهندسين ومقاولين وعمال، وكلفة المشروع يمكن تغطيتها مباشرة من مردود المرفأ الذي يعمل خلال 3 سنوات وبالتالي لا توجد حاجة للاستدانة”. وأشار الى أن “المساحات المطلوبة لإعادة إعمار المرفأ استناداً الى المخطط الرئيسي التوجيهي هي بحدود 800 ألف متر مربع بينما حالياً مساحة المرفأ تبلغ مليوناً و300 ألف متر مربع، ما يعني أن مساحة500 ألف متر مربّع ستسلّم للدولة لاستثمارها بالطريقة التي تراها مناسبة”.

أما المشروع الثاني والذي تقدّم به المهندس جورج أبو جوده، فهو بدوره مشروع خاص والثاني لإعادة إعمار المرفأ بكلفة تبلغ نحو 4 مليارات دولار. وفي هذا السياق يقول أبو جوده لـ”نداء الوطن” أن هذا المبلغ كفيل بتحقيق إنتاجية بقيمة 14 مليار دولار”.

وتعمد التّصاميم على فصل السنسول إلى قسمين: الأول سيكون مجهزاً لاستقبال السّياح وخدمة السّفن، والثاني سيكون مخصصاً للسياحة الدّاخليّة، بتحويله واجهة بحرية ومتنفساً لسكّان العاصمة بيروت. على أن يتم وضع برج ضخم بعلو 160م ط. سيقسم هذا البرج لقسمين، أحدهما مركزاً لإدارة المرفأ. ويعلوه القسم الثاني،وهو عبارة عن متحف يحكي تاريخ لبنان الفينيقيّ القديم والجديد والمعاصر، وتلفّه صور ثلاثيّة الأبعاد معروضة، لإنفجار المرفأ. ويعلوه سطح يضم مطعماً يطلّ على البحر وعلى مدينة بيروت.

اذاً مشروعان محليّان من الكوادر البشرية الكفوءة، قابعان اليوم في الأدراج مثلهما مثل سائر المشاريع التي قدّمت الى الدولة اللبنانية من الخارج، ينتظران فرج تشكيل الحكومة لإطلاق العنان لعجلة البلاد التي تآكلها الصدأ مع تلكؤ السلطة عن إخراجها من القعر.

 

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةمصرف لبنان يعلن سعر جديد لمنصة “Sayrafa”
المقالة القادمةمؤتمر باريس: “قلب” المجتمع الدولي على لبنان و”قلب” لبنان على… استمرار الفساد