«إعلان الرياض» يثري التعاون بين الصين والدول العربية

مع ختام الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين الذي عُقد في الرياض يومي 11 و12 يونيو (حزيران) الحالي، وإبرام عدد من الصفقات والاتفاقيات التي تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار، تمكّنت السعودية خلال هذا الحدث العالمي من تحويل النتائج القياسية بين البلدان المشاركة من الساحة السياسية إلى الاقتصادية.

جاء ذلك عقب تحقيق القمة العربية – الصينية الأولى التي عقدت مع نهاية العام المنصرم في الرياض، نتائج إيجابية اتفق جميع الأطراف من خلالها على 24 بنداً للتعاون في مختلف القضايا الإقليمية والدولية وتعزيز الشراكة الاستراتيجية.

التنوع الاقتصادي

وأبدت البلدان المشاركة في الدورة العاشرة من المؤتمر رغبتها في ضخ المزيد من الاستثمارات وتشجيع الشركات والمؤسسات البحثية والتطوير للتواصل بشكل دوري للمساهمة في التحول والتنوع الاقتصادي.

وتوصل الجانبان العربي والصيني في ختام الدورة العاشرة للمؤتمر والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات، (الاثنين)، إلى 9 توافقات ضمن «إعلان الرياض»، أبرزها تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والمالية وغيرها، والارتقاء بها لخدمة المصالح المشتركة والإسهام في تحقيق تطلعات الجانبين في إطار رؤى واستراتيجيات البلدان العربية ومبادرة الحزام والطريق الصينية، ومعالجة التحديات التنموية والدعوة لإطلاق طريق حرير عصرية جديدة.

المشاريع النوعية

واتفقت الأطراف على استكشاف المزيد من الفرص الجديدة لتعزيز التعاون والاستثمار في جميع المجالات الاقتصادية بما في ذلك المشاريع النوعية ذات الأولوية.

وقررت الدول استمرار المشاركة الفاعلة في التعاون العربي – الصيني في المجالات النوعية، منها: الطاقة المتجددة، والاقتصاد الرقمي، وريادة الأعمال والاستثمار والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الشركات العاملة والمؤسسات المتخصصة على تعزيز التواصل والتعاون في مجالات الصناعات المتقدمة والحيوية.

تبادل المعلومات

ومن ضمن التوافقات أيضاً، تشجيع الشركات والمؤسسات البحثية والتطوير من الجانبين للتواصل بشكل دوري، للمساهمة في التحول والتنوع الاقتصادي، وتعزيز تبادل المعلومات حول مشاريع الاستثمار وأطرها القانونية والسياسات الاستثمارية، والعمل على ترويجها وتقديم الدعم اللازم، إلى جانب الاستفادة من التجربة الصينية الرائدة في مجال البحث العلمي والابتكار.

وأكدت الأطراف على أهمية الموارد البشرية في العالم العربي لإطلاق طاقات التعاون بين الدول العربية والصين، وتبادل الخبرات وتنظيم الدورات للتدريب التقني وبناء القدرات.

سلاسل الإمداد

وثمّنت الدول المشاركة، تجاوب الجهات الصناعية والتجارية العربية والصينية لما دعت إليه الحكومات، ودورها في تعميق التضامن والتعاون والدعم السياسي وتعزيز تبادل المعلومات واستئناف حركة تبادل الأفراد بشكل ملائم ومنتظم، وتسريع وتيرة استئناف العمل والإنتاج، وكذلك العمل على استقرار الأسواق المالية وسلاسل الإمداد.

ووافقت الأطراف على معالجة الآثار السلبية لجائحة كورونا، والركود الاقتصادي العالمي، وتداعيات الأزمة الأوكرانية كأولوية للمجتمع الدولي والانتعاش الاقتصادي.

انبعاثات الكربون

وستعمل البلدان على تعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف وفقاً لقواعد ومبادئ منظمة التجارة العالمية.

وفي البند الأخير من «إعلان الرياض»، أكدت الدول على أهمية تخفيض انبعاثات الكربون التي التزمت بها البلدان العربية والصين حتى 2060، ومن المتوقع أن تؤدي إلى إضافة نحو 1000 غيغاواط من الطاقة المتجددة إلى المنطقة العربية وأفريقيا؛ ما يعطي القطاع الخاص فرصاً سانحة للتوسع في الاستثمارات في سلسلة القيمة في هذا المجال.

التجارة الحرة

وخلال أعمال المؤتمر، أبرمت الجهات الحكومية والخاصة 23 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين، زادت قيمتها الإجمالية عن 10 مليارات دولار.

ويتطلع الجانبان العربي والصيني إلى استكمال التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة، وتحديث اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار المتبادلة بين الجانب الصيني والدول العربية.

التبادل التجاري

وأكدت البلدان العربية والصين على أهمية ما حققته التجارة الدولية بين الأطراف من مستويات مميزة في العام الماضي ليبلغ حجم التبادل التجاري نحو 1.6 تريليون ريال (430 مليار دولار) بنمو نسبته 31 في المائة مقارنةً بالعام 2021، متطلعين إلى زيادة هذه النسبة بما يحقق طموح القطاع الخاص لدى الجانبين.

وبلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين خلال 2021، نحو 3.6 تريليون دولار، 12 في المائة منها من العالم العربي، وتضم نجاحاتٍ متميزةً في مجالات الطاقة والبتروكيميائيات، مع توجّهٍ لتعزيز هذه النجاحات لتشمل قطاعات أخرى.

الاستثمار الأجنبي

ونما الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني إلى الخارج بمعدل 20 في المائة سنوياً لم ينل العالم العربي سوى 23 مليار دولار فقط، وهو ما تطمح الدول العربية رفعه في المرحلة المقبلة.

وتحت رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، استضافت المملكة الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات تحت شعار «التعاون من أجل الرخاء» في مدينة الرياض والذي يمثل الحدث الاقتصادي الأكبر من نوعه.

تجمع عربي – صيني

وتأتي الاستضافة من السعودية التي تقود دفة العمل العربي المشترك للفترة القادمة منذ ترأسها للقمة العربية؛ استكمالاً للجهود الناجحة في احتضان أول قمة عربية – صينية، حيث أعطت مخرجاتها دفعة جديدة للتعاون بين البلدان في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وحضر المؤتمر الذي يُعد أكبر تجمع عربي – صيني للأعمال والاستثمار ما يزيد على 3.5 ألف من الوزراء والمسؤولين وصناع القرار، وممثلي الجهات الحكومية والمنظمات العربية المتخصصة، والقادة والتنفيذيين، ونخبة واسعة من المستثمرين وكبار رجال الأعمال والمختصين، ومؤسسات تنمية التجارة والاستثمار والمؤسسات البحثية والصناعية والتجارية من الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، والمهتمين من 26 دولة مشاركة.

الشراكة الاستراتيجية

وناقش المؤتمر الرؤى الاستراتيجية وعرض وجهات نظرهم حول الفرص والإمكانات التي تحفل بها مجموعة من القطاعات الواعدة مثل، الطاقة المتجددة، والتصنيع المتقدم، والخدمات اللوجيستية، والاتصالات، والتقنيات الرقمية المتطورة وغيرها، لتعزيز الشراكة الاستراتيجية وفرص المواءمة مع مبادرة الحزام والطريق في مجالات الاستثمار، والاقتصاد والتجارة، والعمل على الارتقاء بها نحو مزيدٍ من الازدهار والنمو والتقدم.

وتطرق المؤتمر الذي شارك فيه أكثر من 150 متحدثاً من الوزراء وقادة الشركات الكبرى في الصين والدول العربية، على مدار يومين، إلى مجالات التعاون المشتركة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة.

الطاقة المتجددة

وعُقد في المؤتمر 9 جلسات حوارية، ركزت الأولى على «الاستثمار والتمويل مع مبادرة الحزام والطريق»، والثانية على «الطاقة النظيفة والمتجددة – السبيل لخفض الانبعاثات».

ونظراً لأهمية السياحة؛ فقد خُصصت الجلسة الثالثة لهذا القطاع تحت عنوان «السياحة والترفيه من أجل التنوع»، أما الرابعة فدار محورها حول «الأمن الغذائي والزراعة – مفتاح لإطلاق العنان للتنمية»، في حين عُقدت الجلسة الخامسة بعنوان «الصناعة والتعدين والمعادن – قطاعات رئيسية لمستقبل واعد».

ورش العمل

وتضمن برنامج المؤتمر عقد 18 ورشة عمل وعدد كبيرٍ من اللقاءات الخاصة والفعاليات الجانبية، الهادفة للتعريف بالمشروعات النوعية والتقنيات الحديثة المبتكرة والجهات التي تلعب دوراً مهماً في تكثيف التعاون الاستثماري والتجاري بين الصين والعرب، وتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة الحالية والمستقبلية.

مصدرالشرق الأوسط - بندر مسلم
المادة السابقةبايدن: بيانات التضخم «سارة» لكن يجب فعل المزيد لكبحه
المقالة القادمةمنتدى «رؤية الخليج» في باريس يقدم دعوات لشراكات شاملة بين الطرفين