ليست سوى مسألة أيام معدودة لإصدار مرسوم زيادة بدل النقل للقطاعين العام والخاص. فعملية إحالة مشروع مرسوم زيادة بدل نقل القطاع العام الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء والتي قامت بها وزارة المال أمس الأول، تبعها وفقاً لما تقتضيه الأصول القانونية، كما علمت “نداء الوطن” إحالته الى مجلس الخدمة المدنية لإبداء الرأي، على أن يرسل بعدها الى مجلس شورى الدولة للموافقة عليه، ويصدر بعدها بمرسوم ويتبعه مرسوم القطاع الخاص أو يصدر بالتلازم معه.
وخلال الاجتماع الرابع للجنة المؤشر للنظر بمعالجة رواتب واجور العاملين في القطاع الخاص، والذي عقد أمس برئاسة وزير العمل مصطفى بيرم تمّ التداول بمسار المرسوم المتعلق برفع بدل النقل للقطاع الخاص وأعلن بيرم بعد اللقاء “أن هذا المرسوم لن ينتظر انعقاد الحكومة -كما أعلن سابقاً-، فقد وافق مجلس شورى الدولة عليه، وهو سيذهب الى الامانة العامة لمجلس الوزراء، وسيرفع الى رئيس الجمهورية فور عودته من الخارج للتوقيع عليه مع رئيس الحكومة ووقعه وزير العمل”.
فزيادة بدل النقل للقطاع الخاص كما بات معلوماً سيكون بقيمة 65 ألف ليرة يومياً والقطاع العام بقيمة 64 ألف ليرة أي بفارق ألف ليرة والسبب يعود الى خلاصة العمليات الحسابية التي قامت بها وزارة المال.
وبانتظار انتهاء التواقيع الضرورية للسير بهذين المرسومين، فإن مفعول مرسوم زيادة بدل النقل للقطاع العام سيكون مع مفعول رجعي أي عن شهر تشرين الثاني ولو صدر خلال الشهر الجاري. أما عن تسديد دفع مساعدة اجتماعية تساوي نصف راتب سيُعطى كمرحلة أولية لشهري تشرين الثاني وكانون الأول قبل الأعياد، على ألا تقل عن مليون ونصف مليون ليرة وألا تزيد عن 3 ملايين ليرة، وتشمل المنحة الاجتماعية كل من يخدم المرفق العام في القطاع العام، من موظفين وأجراء ومستخدمين ومتعاقدين ومتقاعدين وعمال الفاتورة وسواهم”، كما سبق أن أعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
من جهته أكّد المستشار المالي د. غسان شماس لـ”نداء الوطن” أن “زيادة التقديمات الإجتماعية خلال شهرين ليست اختراعاً جديداً، وإنما اتبعت تلك الآلية عندما حصل التدهور الكبير للعملة سنة 1988 و1989 حيث باتت تعتمد السلفات على المعاشات أو المساعدات لتهدئة الناس. من هنا من الضروري مساعدة المواطنين، لكن تلك المساعدات الإجتماعية كما يحصل اليوم ليست سوى “كذرّ الرماد في العيون”، أو “إبر بنج” موقتة لحين الوصول الى الحلّ المناسب”. ولكن “لن يجدوا الحلّ لأن لا نية لهم لذلك”، كما رأى شمّاس.
واعتبر شمّاس انه “يوجد خلل إجتماعي كبير جداً وهو التفاضل difference بين القيمة الفعلية للمشتريات العائلية من جهة وتلك التي يحصل عليها المواطن من جهة ثانية”. والحلّ برأيه يجب أن يكون جذرياً وهو الـindexation أي ربط الرواتب بمؤشر رسمي صادر عن الدولة شهرياً على أساس نسبة التضخّم وسعر صرف الدولار، ففي حال كان المؤشر على سبيل المثال 1,7، في تلك الحالة، من كان راتبه يبلغ مليون ليرة يصبح مليوناً و 700 الف ليرة لبنانية، أو اذا كان المؤشر 1,2، عندها يحدّد الراتب عند مليون و200 ألف ليرة لبنانية. أما العملية الحسابية للمؤشّر، فتستند كما أوضح شمّاس الى “كلفة السلة الغذائية على المواطن، هكذا تعمل الدول التي تحترم نفسها”.
إنطلاقاً من هنا، وفي ظلّ استمرار سعر صرف الدولار بالتحليق وتزامناً معه إرتفاع أسعار المحروقات والسلّة الغذائية…، وتآكل قيمة الرواتب والأجور وبدل النقل، فإن التحديات تكمن في كيفية قدرة المواطن على المقاومة باللحم الحيّ لتأمين معيشته وتحمّل كل تلك المشقّات التي جنتها أيدي المنظومة الحاكمة، في حين أن السير على الطريق الصحيح وإصدار بطاقة تمويلية والتفاوض رسمياً مع صندوق النقد الدولي، بدء الإصلاحات والحدّ من ارتفاع سعر الصرف، لا تزال أموراً بعيدة المنال!.