إكسبو يعيد نشاط الأعمال في دبي إلى ما قبل الجائحة

أظهر نشاط القطاع الخاص في دبي تحسنا ملحوظا أعاده إلى مستويات ما قبل الأزمة الصحية بقليل، بفضل استضافة الإمارة الخليجية لفعاليات معرض إكسبو 2020 الذي تأجل العام الماضي جراء قيود الإغلاق. ويعتبر هذا الحدث الاقتصادي الضخم، الذي يستمر لستة أشهر، الأبرز على مستوى العالم منذ تفشي الجائحة، في ظل تقديرات بقدوم 25 مليون زائر، ما يعني أن القطاع غير النفطي سينتعش بشكل واضح من خلال التقييمات الأولية التي أشارت إلى أنه يتعافى.

وذكر مؤشر مديري المشتريات “بي.أم.آي” التابع لمجموعة آي.أتش.أس ماركت الصادر الثلاثاء، أن القطاع الخاص غير النفطي في دبي شهد توسعا حادا خلال أكتوبر الماضي، مدعوما بانتعاش هائل في الطلبات الجديدة، فضلا عن زيادة مستوى النشاط السياحي. وبالتزامن مع تخفيف قيود السفر، بدأت سلاسل التوريد أيضا في التحسن، في حين شهد الإنتاج أسرع نمو منذ عامين، كما أدى ارتفاع الطلب إلى أقوى توقع للنشاط المستقبلي منذ شهر مارس 2020. وقفز مؤشر مديري المشتريات في دبي إلى 54.5 نقطة الشهر الماضي من 51.5 نقطة قبل شهر، أي فوق مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش وأعلى مستوى منذ أكتوبر 2019.

ويقول المحللون إن تعافي القطاع غير النفطي بشكل مستقر حتى بلوغ الهدف، ستكون له تأثيرات على القطاعات الرئيسية في الإمارة، وخاصة اللوجستيات والسياحة والتصنيع والعقارات وغيرها. ونسبت وكالة بلومبرغ إلى ديفيد أوين، الخبير الاقتصادي في آي.أتش.أس ماركت، قوله “ساهمت الزيادة الأولية في المبيعات في التوسع الحاد في النشاط، مما يشير إلى أن الاقتصاد في طريقه إلى التعافي من جائحة كورونا”. كما كان الانتعاش في السياحة أحد العوامل الرئيسية وراء هذا الارتفاع، حيث أشارت الشركات المشاركة في الاستطلاع الذي أنجزته آي.أتش.أس ماركت إلى زيادة في الطلبات على الصعيدين المحلي والخارجي. وكان الارتفاع في الإنتاج هو الأكثر حدة منذ يوليو 2019، مع تسارع وتيرة النمو في قطاعات مثل البناء والتطوير العقاري والسياحة وتجارة الجملة والتجزئة.

وعلى الرغم من ارتفاع معدل التوظيف في القطاع الخاص غير النفطي في أكتوبر، إلا أنه كان هامشيا، حيث ارتبط تعيين الموظفين جزئيا بالوظائف المتراكمة، والتي كانت قوية على الرغم من تراجعها بشكل طفيف عن الشهر السابق.

وفي دليل آخر على تحسن نشاط القطاع غير النفطي ما أشار إليه مؤشر مديري المشتريات، من أن تخفيف قيود السفر حفّز سلاسل التوريد بشكل أكبر. وأشارت الشركات المشاركة في الاستطلاع إلى تراجع ضغوط الأسعار خلال أكتوبر، حيث لفتت إلى زيادة هامشية في تكاليف مستلزمات الإنتاج التي سجلت أضعف معدل مكرر في ثمانية أشهر. وتحسنت ثقة الأعمال في المستقبل بشكل ملحوظ، حيث أعطى الانتعاش القوي للمبيعات الشركات الأمل في أن الاقتصاد سوف يتعافى سريعا من الوباء. وفي الإجمال، كانت هذه التوقعات هي الأعلى منذ مارس 2020، إلا أنها لا تزال أضعف من اتجاهات ما قبل الأزمة الصحية التي خنقت الاقتصاد العالمي.

وتعتمد دبي التي يشكّل الأجانب غالبية سكانها، في إيراداتها على قطاع الخدمات والضرائب، فضلا عن أرباح شركاتها الحكومية، بينما يشكل النفط نحو 6 في المئة فقط من مجموع هذه الإيرادات. ومن المتوقع أن يضيف إكسبو 2020 نحو 35 مليار دولار لاقتصاد دبي سنويا حتى عام 2030 من خلال القيمة المضافة الإجمالية، بشكل مباشر وغير مباشر.

وقبل تفشي الجائحة في مارس العام الماضي، توقعت شركة الاستشارات إي.واي أن يساهم المعرض بنسبة تصل إلى 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، البالغ نحو 1.4 تريليون درهم (قرابة 380 مليار دولار). وتقوم دبي منذ عدة سنوات بسلسلة إجراءات تحفيزية للحفاظ على موقعها الاقتصادي وعلى صورتها كبوابة للشرق الأوسط ومركز عالمي في مجال الأعمال، والذي أضحى محل منافسة من الرياض.

وبدأت حكومة دبي في 2019 بمنح تأشيرات إقامة دائمة للمستثمرين الكبار، وسمحت للأجانب بتملك مشاريعهم بشكل كامل في أي موقع، بعدما كان ذلك محصورا فقط في مناطق التجارة الحرة. كما شرعت في تقديم تأشيرات إقامة طويلة الأمد للمستثمرين الأجانب والطلاب المميزين والمواهب، وأعادت النظر في التكاليف الباهظة لعدد من الخدمات التي تشكل عبئا على المستهلكين، وجمّدت أقساط المدارس، وقامت بتشكيل لجنة لإعادة التوازن إلى سوق العقارات. ويؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي لدبي أنه على المدى المتوسط، سيدعم الإنفاق المرتبط باستضافة إكسبو 2020 وتسهيل الإجراءات المالية، نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، خاصة وأن حكومة الإمارة تقوم بإجراءات إصلاحية متتالية لتعزيز الاقتصاد.

وبرزت الإمارة الخليجية في العقود الثلاثة الأخيرة عبر بنائها منظومة بنى تحتية ذات مستوى عال، وقامت بتطبيق الابتكارات لتحسين بيئة الأعمال فيها. لكن دبي، إحدى الإمارات السبع التي تتألف منها دولة الإمارات، لا تزال تواجه دينا عاما عاليا يقدر بنحو 124 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 108 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت الحكومة في أغسطس العام الماضي إن مستويات دينها تعادل حوالي 28 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019، غير أن هذا الرقم يرتفع لما يتجاوز 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إذا ما أُخذت ديون الكيانات المرتبطة بالحكومة في الحسبان. وقدرت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس في لندن أن 38 مليار دولار من ديون الكيانات المرتبطة بحكومة دبي ستستحق السداد قبل نهاية 2024، جانب كبير منها في 2023.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةصندوق النقد يرجح قفزة في الاحتياطيات النقدية لدول الخليج
المقالة القادمةوزير العمل: ندرس اقتراح اعطاء عدد من ليترات البنزين لموظفي القطاع العام مكان بدل النقل