قرار وزارة الطاقة والمياه والدولة اللبنانية، برفع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي إلى 4 ساعات يومياً، ومن ثم الحديث عن رفع التغذية إلى 8 ساعات في الفترة المقبلة، ترافق مع زيادة كبيرة على رسوم العدّادات والفواتير الشهرية للمشتركين بكهرباء الدولة. وأكد مواطنون شماليون أنّه لا قدرة لديهم على تسديدها في هذه الظروف الصعبة.
تعيش مناطق الشمال، لا سيّما عكّار وطرابلس، أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة تفاقمت بشكل كبير بعد ثورة 17 تشرين 2019. ومرّت المنطقة بأشهرٍ صعبة انقطع فيها التيار الكهربائي لأسابيع متواصلة؛ وفي حال عاد فلا تتعدّى عودته ساعة واحدة فقط في اليوم، ومن استطاع تركيب ألواح طاقة شمسية فعل، ومن لم يتمكّن اعتصم بالصبر حتى الفرج. وفي غمرة الضيق جاء القرار برفع ساعات التغذية وزيادة قيمة الفواتير، ومن الشهر الأول شعر كثيرون بأنّ التغذية لـ4 ساعات لا تتناسب مع أسعار الفواتير المرتفعة التي تفوق قدرتهم، وأنّ الغاية منها فقط جعل المواطن يدفع بأي شكل وترقيع الإنهيار من جيبه.
بالمقابل، فإنّ أقلّ فاتورة عن شهر شباط الماضي ناهزت المليون ليرة، وأمام الأوضاع الصعبة قرّر العديد من أبناء عكار إلغاء اشتراكاتهم بكهرباء الدولة. يقول الناشط أحمد البستاني الرفاعي من بلدة ببنين العكارية، وهو كان من أوائل من اعتمدوا هذا الإجراء مع عدد من الأهالي: «وجدنا أنّ هناك ثغرة قانونية تسمح للمواطن بإيقاف اشتراكه لسنتين، ولكنّ المسؤولين في المؤسسة لا يوضحون ذلك للناس. من هذه الثغرة نفذنا وطلبنا إلغاء العدّادات والفواتير بعدما دفعنا ما علينا من متأخّرات ورسوم عن عدّادات موضوعة عندنا بالأمانة كما يبدو، عدّادات موجودة وغير فعّالة». وأكّد أنّ هذه الخطوة وجد فيها العديد من المواطنين في عكار حلاً لهم لتجنّب المبالغ الكبيرة التي ستتوجّب عليهم من فواتير الدولة وهناك اتجاه لدى الكثيرين لإلغاء اشتراك كهرباء الدولة في المرحلة المقبلة.
أمّا الحاج حسن عمران من مدينة الميناء- طرابلس فيقول لـ»نداء الوطن» إنّه ألغى عدّاد كهرباء الدولة بعدما وصلته فاتورة قبل أيام بـ3 ملايين ليرة لبنانية. ويقول: «أنا عامل في البلدية راتبي الشهري لا يتجاوز الـ3 ملايين، فإذا كنت سأدفع للكهرباء مليونين منها، ماذا سيتبقّى لكلّ المتطلبات الحياتية الأخرى التي تبدأ ولا تنتهي؟».
ويأتي تخلّي مواطنين عن اشتراكاتهم بكهرباء الدولة بعد تخلّيهم عن اشتراكاتهم بالمولّدات التي صارت قيمتها بالدولار، فتخطّت قدرة كثيرين على تحمُّل أعبائها. ويقول مصطفى محمود: «ركّبنا طاقة شمسية بعد انقطاع الكهرباء عنّا لأكثر من سنة حيث أمضينا صيفاً صعباً وقد اعتدنا القلّة ولم تعد المكيّفات تعنينا… نحتاج في بيوتنا إلى الإنارة والبرّاد فقط وهذا ما تؤمّنه لنا الطاقة الشمسية ولا حاجة لنا للدولة وكهربائها وفواتيرها».
يشار إلى أنّ هناك اتّجاهاً واسعاً لدى مواطنين من طرابلس وعكار ومناطق شمالية أخرى للتخلي عن عدّادات الكهرباء، خصوصاً من كانوا يظنّون أنّ الفواتير ستكون مقبولة ربّما، لتباغتهم فواتير الشهر الماضي بلهيبها فيقرّرون معها أنّ آخر الدواء هو التوقيف.