إنجازات الحكومة الإصلاحية متواضعة جداً والتحدّي الأبرز يرتبط بموازنة 2026

بعد مرور أكثر من مئة يوم على توليها زمام الأمور في البلاد، استطاعت حكومة نواف سلام تسجيل إنجازيْن محدوديْن على الصعيد الاقتصادي، وهما قانون السرية المصرفيّة إضافةً إلى قانون هيكلة المصارف الموجود في مجلس النواب، لكنّ التحدّي الأبرز أمامها هو إنجاز موازنة 2026 بأقلّ عجز مُمكن، بعد أنْ ورثِت موازنة 2025 عن حكومة الرئيس ميقاتي، وبالتالي لا يُمكن الحكم على سياستها المالية إلّا بعد إنجاز الموازنة الجديدة.

“الحكومة حقّقت ثلاثة إنجازات مهمّة جدّاً. الأوّل، هو إقرار قانون رفع السرية المصرفية. كذلك، عيّنت الحكومة حاكمًا جديدًا لمصرف لبنان بعد أكثر من سنة من الفراغ، ولاحقًا تمكّنت أيضًا من إجراء بعض التعيينات المالية والإدارية والقضائية بغض النظر عن اتهامات المحاصصة التي نسمعها عنها”، وفق ما يُشير عضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنيس أبو دياب.

أمّا الأمر الثاني المهم، حسب أبو دياب، فهو “مرتبط بالانتخابات البلديّة وإعادة إطلاقها بعد عشر سنوات من عدم قدرة الحكومات السابقة على إنجازها، علمًا أنّ البلديات تعتبر أول خلية اقتصادية وإدارية وقد تساهم في إطلاق العجلة الاقتصادية المحلية لاحقًا عند استتباب الأمور”.

يتُابع أبو دياب خلال حديث مع “نداء الوطن”: “الإنجاز الثالث هو إصلاح القطاع المصرفي. على الأرجح إنه في آخر مراحله وعلى بعد خطوة من إنجازه في مجلس الوزراء، وإحالته إلى اللجان النيابية الأسبوع المقبل ليقرّ في المجلس النيابي. لكنه يبقى ناقصاً، ولا يصل الى مستوى الانتظام المالي، وهو كيفيّة تحديد وتوزيع الخسائر”.

يُردف: “ولا يُمكن أن ننسى أنّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى مكان متقدّم لكنها تحتاج إلى غطاء سياسي”.

ترابط اقتصادي- سياسي

ويلفت أبو دياب إلى أنّ “الترابط الاقتصادي-السياسي الكبير جدّاً في لبنان يؤثر على تنفيذ هذه الإنجازات الاقتصادية على أرض الواقع، ولن تتم قبل انتهاء الملف السياسي المتعلق بالـ 1701”.

ويشير إلى عدد من القرارات والإجراءات الاقتصادية المرتبطة بالسياسة، قائلاً: “رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ما زالا مستمرّين بمساعي إعادة ربط العلاقات السياسية العربية والدولية التي تضع لبنان على المسار الصحيح في العلاقات الخارجية، لكن هذا أيضًا يحتاج إلى توافق داخلي”، مُضيفًا: “الدول باتت واضحة في تعاطيها مع لبنان، فمثلًا السعودية لم تنفذ بعد وعدها بإعادة تطبيع العلاقات معنا في حزيران الماضي، ولم تتخذ هذه الخطوة لأسباب سياسية وهي ضبط السلاح غير الشرعي”.

ويكشف أن “وزير الاقتصاد يقوم بمجهود استثنائي للإعلان عن الخطة المرتقبة، ويبدو أنها ستعلن قريبًا جدًا خلال شهر ونصف، وهي ترتكز على خطة ماكنزي مع تعديلات وتحسينات وتطويرات. وهذه أيضًا ستحتاج إلى التوافق السياسي لتطبيقها”.

ويتطرّق إلى ملف سياسي إضافي يعرقل الاقتصاد إذ إن “الظروف السياسية والأمنية وحصر السلاح بيد الدولة لا تزال تقف في وجه العهد الجديد، ونرى جولات مكوكيّة للمبعوثين الدوليين في هذا الخصوص. هذا الملف يحتاج إلى قرار حاسم من الحكومة وتوافق داخلي لتفادي أي انفجار”.

موازنة 2026

عن إمكانية الحكومة تحقيق إصلاحات اقتصادية خلال ما تبقى من ولايتها في ظل بدء العد العكسي لانتهائها، يوضح أبو دياب أن “الحكومة قادرة من دون شك ويجب أن تندرج الإصلاحات ضمن موازنة 2026. وزير المال أرسل منذ أيام بطلب إلى كافة الوزارات بتبرير وتعليل كل إنفاق خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذه خطوة مهمة تقرأ بأن هناك اتجاهًا لوضع موازنة مع خطة لثلاث سنوات. لكن، الأهم من كل ذلك، إعادة هيكلة القطاع العام بالتوازي مع الإصلاح، ما يرتب تشكيل هيئات ناظمة لإطلاق المشاريع التشاركية ما بين القطاعين العام والخاص وفق قانون الشراكة بينهما الذي أقر عام 2017 مع بعض التعديلات”.

بالتالي، يُشدّد على “ضرورة الإطلاق السريع لإعادة هيكلة القطاع العام وهذا مرتبط أيضًا بالسياسة ويتطلب تواضعًا من قبل القوى السياسية التي لم تعد تتحكم بالحياة السياسية بل تعرقلها بسبب قدراتها العسكرية التي ترفض التخلي عنها”.

ويأمل بأن تكون “الإصلاحات سريعة وأن يتم إطلاق قانون الانتظام المالي قبل تشرين الأول، لأن بعده ستزداد شعبوية المجلس النيابي وتتراجع الجرأة والشجاعة في اتخاذ القرارات الحكيمة مع اقتراب الانتخابات النيابية”.

مجموعة متضرّرين

يختم أبو دياب منبّهًا من “مجموعة المتضرّرين من الإصلاح والمستفيدين من الوضع القائم والتي ستقاوم أي تغيير. لذلك، نرى حملات إعلامية ضد الحكومة. القوى السياسية المستفيدة من ترهل القطاع العام لن تسمح بإعادة هيكلة القطاع العام بسهولة. هذا إلى جانب المستفيدين من عدم وجود كهرباء الذين لن يفرحوا بتشكيل هيئة ناظمة مع تطوير القطاع”.

مصدرنداء الوطن - رماح هاشم
المادة السابقةلقاء حواري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي مع حاكم المركزي
المقالة القادمةاستثمارات سعودية تعيد سوريا إلى خريطة المشهد الاقتصادي العالمي