بينما ينشغل الوسط السياسي بمواكبة الإتصالات التي تجري في السرّ والعلن لمعرفة مسار الجلسة رقم (11) التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري ظهر غد لانتخاب رئيس للجمهورية، وما إذا كانت ستحمل النتائج نفسها التي سبق وأنتجتها الجلسات العشر السابقة، بدأ النقاش في البرلمان وتحديداً على طاولة لجنة المال والموازنة في اقتراح قانون إعادة التوازن المالي الذي يُعتبر أحد أهم القوانين الإصلاحية إلى جانب الـ»كابيتال كونترول» وإعادة هيكلة المصارف، حيث يُشكّل الثلاثة قواعد وحيثيات خطة التعافي المالي والإقتصادي. وكالعادة، بدأ النقاش بالشكل، حيث قُدّم الإقتراح بصيغة اقتراح قانون موقّع من نائبين، مع العلم أنّ قانوناً مهماً كهذا يجب أن يأتي بصيغة مشروع قانون من الحكومة، ولكن نظراً للنكد السياسي والإجتهادات التي تُعطّل إجتماع حكومة تصريف الأعمال وتبنّيها أي مشروع قانون، تمّ الاتفاق على هذا المخرج الذي تكرّر أيضاً مع اقتراح إعادة هيكلة المصارف. وبطبيعة الحال فإنّ النواب يعرفون ويُدركون هذا الواقع وغالبيتهم جزء منه، ولذا تجاوزوا الناحية الشكلية بمعنى وصوله كاقتراح قانون موقّع من نائبين، لكنّهم توقفوا عند غياب موقّعي الإقتراح وممثلي الحكومة الذين يُفترض أنّهم من أعدّ النصّ.
وقد اختصر رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان الموقف بالقول بعد الجلسة التي اقتصرت على النقاش العام وفق معلومات «نداء الوطن»: «تفاجأنا بغياب ممثّلي الحكومة ومقدّمي الإقتراح، والنقاش لا يستقيم بين النواب وحدهم، إذ هناك أرقام يجب أن تناقش، وهناك من صاغ القانون ويجب مناقشته بمواده، والملاحظات الكثيرة التي لدينا والتي أدلى ببعضها عدد من النواب في الجلسة، وذلك قبل الدخول في ملاحظاتنا على مضمون بعض المواد المتعلقة بالودائع المؤهلة وغير المؤهلة، والتصنيفات الواردة فيه وشرط ملاءة المصرف لاسترداد وديعة الـ100 ألف دولار وصندوق استعادة الودائع وكيفية تغذيته غير الواضحة، وقبل التعديلات والملاحظات التي لدى الكتل المختلفة».
أما النائب جورج عدوان فتحدّث عن «سقوط القناع عن ممارسات الحكومة والتمويه ومحاولة رمي الكرة في ملعب مجلس النواب وحقيقة خطة الحكومة للتعافي، وهي شطب أموال المودعين وعفّى الله عمّا مضى وعدم تحميل المنظومة التي أوصلتنا للوضع الحالي مسؤولياتها».
وأعلن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض انّ «المسؤولية تقع على عاتق المصارف والمصرف المركزي والدولة اللبنانية، ولا تقتصر على حدود موازنات هذه المصارف بل يجب أن تطول الأموال الشخصية لأصحاب هذه المصارف لأنّهم مسؤولون، لقد تمّ تهريب الأموال خلال الأزمة إلى خارج البلاد».
وتحدث النائب ميشال معوّض عن «تسويف له كلفة بقيمة 25 مليون دولار، داعياً إلى التعاطي بمسؤولية والضغط على الحكومة لإجراء الإصلاحات السياسية».
عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله قال لـ»نداء الوطن: «هذا الإقتراح هو قانون مركزي في خطة التعافي وتكمن أهمّيته أنه يُفترض أن يتضمّن كيفية معالجة الفجوة المالية وتحديد الخسائر وتوزيعها وحماية حقوق المودعين، بينما الصيغة التي وصلت إلى المجلس ملتبسة وأعتقد أنها ستخضع لملاحظات وتعديلات جوهرية».
عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أشرف بيضون وصف لـ»نداء الوطن» القانون بأنّه «يُمثّل جوهر الأزمة المالية والإقتصادية فهو الذي يُحدّد مصير أموال المودعين ومن يتحمّل الخسائر وكيف تُوزّع».
وشدّد النائب ياسين ياسين عبر «نداء الوطن» على أهمية هذا القانون ولو أتى متأخّراً، لافتاً إلى «النقص في الأرقام وغياب الدراسات والأسس العلمية وكذلك إعطاء الإستنسابية للمصارف واختيار تاريخ 17 تشرين عام 2019 من دون أي مبرر بينما الهندسات المالية بدأت عام 2015 ما يؤشّر إلى عدم جدّية المنظومة لإيجاد حلّ فعلي للأزمة، إنما مسايرة للضغط الدولي بينما الناس بحاجة لحلّ بشأن ودائعهم وقبل وبعد ذلك لا يوجد في هذا القانون أو غيره أي باب لمحاسبة من تسبّب بالأزمة إنّما يتمّ تسليمهم إيجاد الحلول».
في المحصّلة، وبانتظار تحديد الموعد الجديد لاستكمال النقاش، سنشهد فترة جديدة من تبادل الإتهامات ورمي المسؤوليات حول الأصول من عدمها وفي الشكل والمضمون لهذا الإقتراح وغيره، بينما المطلوب هو إيجاد الحلول لمعاناة الناس وودائعهم وهو ما ليس متوفراً طالما الأزمة السياسية مستمرة في البلاد.