بدا الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس الأميركي ليل الثلاثاء الأربعاء بعيدين عن التوصل إلى اتفاق حول حزمة إجراءات جديدة لمساعدة أكبر اقتصاد في العالم متضرر جراء وباء «كوفيد 19» بينما يعقد البنك المركزي جلسات من أجل وضع خطط لتعزيز اقتصاد البلاد.
وبعد جولتين من المفاوضات مع الجمهوريين والبيت الأبيض، قالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي: «للأسف، بعد أشهر من تأخير قاتل، قدم الجمهوريون اقتراحا لن يؤدي سوى إلى إطالة معاناة ملايين الموظفين والعائلات».
ودافع زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عن الاقتراح الذي كشف مساء الاثنين وينص على تخصيص مبلغ جديد بقيمة تريليون دولار. وكان الديمقراطيون قد عرضوا خطتهم على مجلس النواب في مايو (أيار)، بقيمة ثلاثة تريليونات دولار.
وقبل مائة يوم من الانتخابات الرئاسية، يسود التوتر أجواء المناقشات بين الحزبين وفي صفوف الجمهوريين أنفسهم، إذ يرفض بعضهم الإنفاق بهذا القدر حتى أنهم انتقدوا البيت الأبيض.
وقال السيناتور الجمهوري بن ساس الثلاثاء منتقدا نانسي بيلوسي ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المفاوضات وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، إن «ديمقراطيين يدعمان حكومة مبذرة… ويلعبان بأموال أطفالكم».
وبين نقاط الخلاف الأساسية تمديد المساعدة لملايين العاطلين عن العمل بسبب الوباء. ويريد الجمهوريون الإبقاء على هذه المساعدة لكنهم يرغبون في خفضها إلى مائتي دولار في الأسبوع بحسب نصهم، مقابل 600 دولار حاليا.
ومن المقرر أن يتوقف منح هذه التعويضات في نهاية يوليو (تموز)، لذلك يطالب بعض البرلمانيين بتمديد هذا الإجراء ببساطة بحلول نهاية الأسبوع، من أجل منح المفاوضين الوقت الكافي للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة الإنعاش الواسعة.كما يتعلق الخلاف بفقرة تسمح للشركات التي تظهر أنها تبذل «جهودا حسنة النية» لحماية موظفيها، بتحريرها من بعض المسؤوليات القانونية. وتعهد ماكونيل الثلاثاء بأنه لن يطرح للتصويت نصا لا يتضمن ذلك.
ودفعت تصريحاته بيلوسي إلى إبداء تشاؤمها بشأن إمكانية إيجاد «أرضية مشتركة». وأضافت في رسالة إلى زملائها الديمقراطيين، أنها ستلتقي مجددا «بالإدارة يوم غد» الأربعاء، لكنها لم تشر إلى الجمهوريين في الكونغرس. ويتضمن الاقتراح الجمهوري كذلك منحة جديدة للعائلات بقيمة 1200 دولار وقروضا إضافية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وأموالا للسماح بإعادة فتح المدارس.
ومن جهة أخرى، بدأ مجلس إدارة المصرف المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) الثلاثاء اجتماعا يستمر يومين وسط مؤشرات تدل على تراجع ثقة المستهلكين، في وقت يجري الكونغرس نقاشا حول الطرق الأمثل لدعم اقتصاد البلاد في خضم جائحة «كوفيد – 19».
ومع تثبيت معدلات الفائدة عند مستوى يقارب الصفر وضخ الاحتياطي الفيدرالي مليارات الدولارات لدعم الاقتصاد عبر برامج قروض متنوعة، من المتوقّع أن يركّز مسؤولو المركزي الأميركي بشكل أقل على التدخل المباشر؛ إذ يبقى وباء «كوفيد – 19» الباعث الأكبر للقلق. وتشهد الولايات المتحدة تسارعا في وتيرة الإصابات والوفيات جراء فيروس «كورونا» المستجد، وقد أعادت ولايات عدة فرض قيود صارمة، وإغلاق عدد من القطاعات التجارية في حين ألغيت عشرات ملايين الوظائف، الكثير منها بشكل دائم.
وتوشك المدة المحددة قانونا للاستفادة من إعانات البطالة الإضافية على الانتهاء، ما يضع العمال الذين فقدوا وظائفهم في وضع بالغ التعقيد ما لم يتدخّل الكونغرس لإيجاد حل لهذه المعضلة.
ويتوقّع محلّلون أن يلجأ الاحتياطي الفيدرالي بشكل متزايد إلى آلية «فورورد غايدنس» (التوجيه المسبق)، وهي تسمية معتمدة للدلالة على آلية التدخل في السياسة النقدية للتأثير، وفق توجّهات المصرف، على توقعات السوق بالنسبة لمعدلات الفائدة المستقبلية.
ومن المتوقّع أن تؤكد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أنها لا تعتزم رفع معدلات الفائدة المرجعية قبل التعافي التام للاقتصاد الأميركي، وتراجع نسب البطالة بشكل كبير عن معدّلاتها الحالية عند 11.1 في المائة، مع عدم إيلاء التضخّم حيّزا كبيرا من التركيز.
ووسط مؤشرات إلى استمرار التداعيات السلبية للجائحة على الاقتصاد، لم يتّضح مدى التأثير الذي يمكن أن يحمله الإعلان عن هذا التوجّه، علما بأن الخبراء الاقتصاديين يرون في ذلك خطوة الحد الأدنى.
وتقول دايان سوونك كبيرة الخبراء الاقتصاديين في شركة «فرانت ثورنتون» للمحاسبة إن «الأحداث التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة غيّرت نظرتي لآلية التوجيه المسبق»، وتضيف أنه حان الوقت لكي يوضح الاحتياطي الفيدرالي موقفه إزاء «التوجيه المسبق»، أي اتّخاذ موقف واضح بشأن إبقاء معدلات الفائدة عند مستوى يقارب الصفر إلى حين تخطي الاقتصاد المعدل المستهدف للتضخم المحدد باثنتين في المائة.
في غضون ذلك، أفادت مؤسسة كونفرنس بورد للأبحاث الاقتصادية مساء الثلاثاء أن ثقة المستهلك الأميركي تراجعت في يوليو الجاري بوتيرة تفوق التوقعات، بعد أن كانت قد تحسنت على نحو ملموس خلال الشهر الماضي.
وذكرت كونفرنس بورد أن مؤشرها لثقة المستهلك تراجع إلى 92.6 نقطة، بعد ارتفاعه إلى 98.3 نقطة في يونيو (حزيران) الماضي. وكان الخبراء يتوقعون تراجع المؤشر إلى 95.7 نقطة مقابل القراءة الأصلية التي تم تسجيلها الشهر الماضي وهي 98.1 نقطة.
وجاء هذا الانخفاض غير المتوقع للمؤشر في ظل تراجع تفاؤل المستهلك الأميركي بشأن الآفاق الاقتصادية على المدى القصير، حيث تراجع المؤشر من 106.1 نقطة في يونيو إلى 91.5 نقطة في يوليو.
وانخفضت نسبة المستهلكين الذين يتوقعون تحسن الظروف الاقتصادية خلال الأشهر الـ6 المقبلة من 42.4 في المائة إلى 31.6 في المائة، فيما ارتفعت نسبة من يتوقعون تفاقم الأوضاع من 15.2 في المائة إلى 19.3 في المائة.
المصدر: الشرق الأوسط