إنعكاسات الحرب الروسية تجهز على الموازنة اللبنانية

الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أعاد خلط الأوراق على الساحة العالمية، دفع بالمسؤولين على الصعيد المحلي إلى “ضرب أخماسهم بأسداسهم”. فأرقام الموازنة التي ركّبوها بـ”الحيلة والفتيلة”، وخفّضوا كرمى “عيونها” سعر صرف الدولار إلى 20 ألف ليرة باستخدام التوظيفات الإلزامية، لم تعد تصح. فسعر برميل النفط تجاوز 100 دولار بزيادة تقدر نسبتها 30 في المئة عن تاريخ إقرار الموازنة في مجلس الوزراء. والطلب على الدولار ارتفع على منصة صيرفة إلى 70 مليون دولار يومياً، مهدداً بنزف متسارع للاحتياطي.

أمام ما تقدم يظهر أن العجز المقدّر رسمياً في مشروع الموازنة بنحو 10 آلاف مليار ليرة سيرتفع أكثر. وسلفة الكهرباء بقيمة 5250 مليار ليرة المطلوبة من خارج الموازنة تناقصت قيمتها، وأصبحت الحاجة لأكثر من 7000 مليار ليرة لتساوي المبلغ نفسه من الدولارات على سعر منصة صيرفة. أما الطامة الكبرى فستتمثل بزيادة الطلب على الدولار، لشراء كمية المحروقات نفسها من الخارج. حيث يقدر الطلب الشهري على المحروقات بحوالى 330 مليون دولار، أو ما يعادل 4 مليارات دولار سنوياً، وستزيد كلفة دعمه الجزئية على مصرف لبنان. كما شكل تجاوز سعر طن القمح عتبة 380 دولاراً تحدياً حقيقياً، حيث سترتفع كلفة الدعم من حدود 150 مليون دولار سنوياً إلى حوالى 230 مليوناً، ولا سيما أن مصرف لبنان يدعم استيراد هذه المادة بنسبة 100 في المئة.

هذه التحديات الحقيقية ستمول بحسب أحد الخبراء المتابعين بطريقتين:

تتمثل الأولى باستمرار السحب من التوظيفات الإلزامية، من أجل تمويل عمليات السحب الهائلة من منصة صيرفة. والثانية بطباعة مصرف لبنان المزيد من الليرات لتمويل عجز الخزينة.

وفي الحالتين فان الانعكاسات ستكون برأي الخبير بالغة الخطورة، فمن جهة ستفاقم عجز الخزينة وميزان المدفوعات، ومن جهة أخرى ستؤدي طباعة الأموال إلى ارتفاع الكتلة النقدية بالليرة وزيادة معدلات التضخم، فيما سيؤدي استمرار العمل بالتعميم 161 وتمويل عمليات الطلب غير المنطقية إلى استنزاف ما تبقى من أموال المودعين.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةمعمل سلعاتا والهيئة الناظمة “لغما” الخطّة المشروطة… بالتعديلات
المقالة القادمةتجمع المطاحن: للاسراع في معالجة مخزون القمح