إهمال الدولة يُهدّد بخنق الصناعة وصرْف آلاف العمال

بعدما يئسوا من مناشدة المعنيين بالوسائل المنطقية لرفع الضرر عن القطاعات المنتجة، تتحضّر مجموعة من الصناعيين اليوم إلى نقل صرختهم إلى الشارع، علّها تخترق جدران آذان الدولة الصماء. فبخطوة عفوية للتعبير عن مخاطر إهمال الدولة معالجة تداعيات قرار المملكة العربية السعودية خاصة، والدول الخليجية عامة بوقف الإستيراد من لبنان، سيعلن الصناعيون المحتجون من وسط بيروت، أن القرار ليس محصوراً بالمنتجات الزراعية فقط، إنما طال أيضاً الصناعية.

عشرات المعامل الغذائية مهددة بالإقفال بشكل كلي وصرف عمالها نتيجة حظر التصدير إلى السعودية والدول العربية. وبحسب الصناعي وسام مسلم فان “أكثرية المعامل اللبنانية، وتحديداً الغذائية منها تعتمد على الأسواق الخليجية بنسبة 100 في المئة لتصدير منتوجاتها”. وبالتالي فان حظر الإستيراد من لبنان تحت (رمز HS) يطال صناعة المخللات والكبيس ومنتجات المونة اللبنانية وتعليب الزيتون وحتى صناعات “الكونسروة”، والحمص بطحينة، و”البابا غنوج”… ويشكل الضربة القاضية للقطاعين الصناعي والزراعي على حد سواء. فالصناعات الغذائية تشكل باباً ثانياً لتصريف المنتجات الزراعية بعد التصدير. حيث تشتري المعامل مئات الأطنان من منتجات الخيار، والمقتي، والباذنجان، والكوسى، واللفت، والملفوف، والفليفلة، والزهرة لتصنيعها وتصديرها.

ومع وقف التصدير ستتوقف هذه المعامل عن الشراء، وستتكدس المنتجات الزراعية نتيجة توقف الطلب عليها محلياً وخارجياً، وستنخفض أسعارها بشكل هائل، مما يحرم المزارع من تعويض تكاليف الإنتاج الكبيرة التي دفعها خلال العام الفائت. الأمور لن تتوقف عند هذا الحد، بل أن الإقتصاد سيفقد تدفقات نقدية تفوق المليار دولار سنوياً نتيجة تصدير المنتجات الزراعية والصناعية المرتبطة بها، الأمر الذي سيزيد الضغط على سعر الصرف ويهوي بالليرة إلى معدلات قياسية جديدة. إذا كانت الدولة تلام جزئياً على عدم المساعدة بفتح أسواق جديدة أمام المنتجات اللبنانية، فهي تتحمل كامل المسؤولية في معالجة تداعيات تهريب المخدرات إلى السعودية. وبرأي مسلم فان “على المسؤولين اتخاذ فوراً جميع الخطوات التي تطمئن الدول المصدر اليها، ومنها: تشغيل الماسحتين الضوئيتين في المرفأ 24 على 24 وتطويرهما، والإستعانة بشركات المواصفات العالمية لإجراء الرقابة المسبقة على الشحنات.

وتشديد المراقبة والملاحقة والمحاسبة، وخصوصاً في ما خص الشاحنات القادمة من سوريا. والكشف على المستوعبات اللبنانية في مصانعها وختمها. ومشاركة نتائج “السكانر” مع جمارك الدول المصدر اليها. عدم معالجة المشكلة ستحمل مخاطر، تفوق الأزمة النقدية. وهي تعرض الإقتصاد لخسارة حوالى 1.4 مليار دولار من التدفقات النقدية الناجمة عن التصدير، وتهدد باقفال نحو 200 معمل في غضون شهرين وصرف آلاف العمال والمستخدمين. الخطوة الرمزية سيتبعها نزول المصدرين مع عمالهم وعائلاتهم ومختلف معداتهم وشاحناتهم وجراراتهم الزراعية إلى الشارع، وعدم الخروج منه إلا بعد إيجاد الحل للأزمة الخانقة.

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالتجار أكلوا المدعوم والمواطن أكل الضرب و”قوانص الدجاج والأبقار النافقة”
المقالة القادمةحسن: رفع الدعم​ عن ​الدواء​ أو ترشيده أمر مرفوض كليّاً في هذه المرحلة