دخل معظم المطورين في شركات تصنيع السيارات في سباق مع الزمن من أجل تطويع كل التقنيات المتقدمة الممكنة بما في ذلك الحوسبة السحابية التي يعتقد أنها ستكون أحد أهم مفاتيح تغير وجه هذه الصناعة خلال الأعوام المقبلة.
وتقوم شركة فورد الأميركية على سبيل المثال بدراسة الاتجاهات الناشئة مثل احتياجات السيارات للسائقين المسنين، والمواقف المتغيرة، والعوامل المريحة، والطلب الهائل على مجموعة متنوعة من العروض التقنية في المركبات.
والأمر ذاته تقوم به شركة فولفو السويدية وقائمة طويلة أخرى من الشركات الناشئة التي تريد إثبات قدرتها على أن لديها الإمكانيات اللازمة لإحداث تحول في القطاع في غضون سنوات معدودة.
وتقول شيريل كونيلي مديرة اتجاهات المستهلكين العالمية والمستقبلية لشركة فورد “لكي تكون مبتكرا، يكمن التحدي في تخيل مستقبل لم يتم تخيله”.
ومن خلال تأثير حوسبة المركبات على التصنيع ستصبح السيارات في نهاية المطاف منصات للسائقين والركاب لاستخدام وقتهم بشكل أكثر كفاءة، للعمل أو الأنشطة الشخصية.
ويرى مارك كروفورد المتخصص في الأعمال والعلوم والتكنولوجيا والتصنيع الذي يكتب لمنصة “غاري كونستراكشن” أن السرعة المتزايدة للابتكار، خاصة في الأنظمة القائمة على البرامج، تتطلب أن تكون السيارات قابلة للترقية.
وصناعة السيارات التي كانت تعتبر في يوم من الأيام عملية ميكانيكية، يهيمن عليها الكمبيوتر والهندسة الكهربائية وتطوير البرمجيات بشكل متزايد.
وكتبت مارلين واي ساتر في مقال على منصة “ثينك آدفايسزور دوت كوم” أنه “نظرا إلى تولي أجهزة الكمبيوتر المزيد من وظائف السيارات، فإن توغل الإلكترونيات المتطورة سيعرض القطاع للاكتشافات والاتجاهات لكل من الأجهزة والبرامج، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي”.
وفي الواقع، تتساءل ساتر “في أي نقطة تصبح السيارة مجرد كمبيوتر على عجلات؟ فعندما تكرس شركة نيفيديا لصناعة الرقائق الكثير من الإجراءات لتحويل سيارة فائقة الحوسبة إلى حقيقة واقعة، هل ستكون الشركة المصنعة شركة تكنولوجيا معلومات تتمتع بإمكانية التنقل أم شركة تصنيع سيارات تتمتع بقدرات تقنية المعلومات؟”.
وتضيف أن “الاتجاه نحو حوسبة المركبات هو مجرد بداية، هذا يعني أن تعريف السيارة سيتغير أيضًا”.
وإحدى الطرق التي يمكن أن تساعد بها الحوسبة السحابية حقًا في تحسين هندسة المركبات، وفقًا لعدد كبير من المهندسين، هي السماح بوحدة تحكم مركزية أصغر.
ونظرا إلى وجود عدد أقل من الأجهزة تحت القيادة، والعديد من مهام البيانات تتم الاستعانة بمصادر خارجية للخادم البعيد، يمكن أن تحصل المركبات على لوحات تحكم أقل حجما، ومساحة أكبر قليلاً للأرجل.
وتتعلق الميزة الأخرى للحوسبة السحابية في المركبات بالاستثمار المالي للسائق وقيمة التأمين على السيارة.
ومع وجود عدد أقل من عناصر تخزين البيانات باهظة الثمن في السيارة، قد يتمكن المهندسون من خفض كلفة المركبات المحوسبة بشكل متزايد.
وإلى جانب ذاك هناك مجموعة من الاتجاهات التي تعتمد على التكنولوجيا والتي يجب على مصنعي السيارات معالجتها من أجل الحفاظ على قدرتهم التنافسية.
ومن بين تلك الركائز هي مسألة الكهربة وحتى مع استمرار توسيع قدرات السيارات الكهربائية، وتصبح أسعارها معقولة، فإن سرعة اعتمادها ستختلف بشدة على المستوى المحلي.
ويقول بول جاو في مقال نشرته شركة ماكينزي مؤخرا “ستوجد لوائح الانبعاثات الأكثر صرامة، وانخفاض تكاليف البطارية، والبنية التحتية للشحن على نطاق أوسع، وزيادة قبول المستهلك زخمًا جديدًا وقويًا لاختراق المركبات النظيفة في السنوات المقبلة”.
وأضاف “سيتم تحديد سرعة التبني من خلال تفاعل جذب المستهلك، مدفوعًا جزئيًا بالكلفة الإجمالية للملكية، والدفع التنظيمي، والتي ستختلف بشدة على المستويين الإقليمي والمحلي”.
والعامل الآخر في رسم قصة نجاح الجيل التالي من السيارات هو القيادة الآلية حيث تستمر ميزات هذه التكنولوجيا المتقدمة في دخول السوق مع تطور التقنيات الروبوتية وأنظمة برامجها، فمثلا الوظيفة الرئيسية التي يمكن أتمتتها اليوم هي وقوف السيارات.
وإلى أن تثبت سيارات القيادة الذاتية مثل تلك التي تصنعها شركة تسلا أو محاولات غوغل لبناء نموذج خاص بها يكون منافسا في السوق، ستستمر أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (أي.دي.أي.أس) في تولي المزيد من الوظائف من السائقين.
ويعتقد العديد من خبراء القطاع أن التحديات الأساسية أمام اختراق السوق بشكل أسرع لأنظمة أي.دي.أي.أس هي التسعير وفهم المستهلك.
ووفقًا لما قاله جاو، فإن ما يصل إلى 15 في المئة من السيارات الجديدة التي تم بيعها في عام 2030 يمكن أن تكون ذاتية التحكم بالكامل.
ويضيف أن هذا من شأنه أن يوفر مزايا هائلة “مثل القدرة على العمل أثناء التنقل، أو راحة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو مشاهدة الأفلام أناء السفر”.
وتحتاج السيارات المستقبلية إلى تكنولوجيا المعلومات واتصال الكمبيوتر حيث يعتمد تطوير هذه التقنيات أيضًا على تكامل إنترنت الأشياء وتقنيات الاستشعار والقدرات اللاسلكية وزيادة البرامج المعقدة لتوفير اتصال موثوق.
ويقول جاو إن كفاءة البرمجيات بشكل متزايد باتت أحد أهم العوامل المميزة للصناعة، في مجالات مختلفة، بما في ذلك أنظمة أي.دي.أي.أس والسلامة النشطة والاتصال والمعلومات والترفيه.
وعلاوة على ذلك، فإنه مع اندماج السيارات بشكل متزايد في العالم المتصل، لن يكون أمام صانعي السيارات خيار سوى المشاركة في النظم الإيكولوجية للتنقل الجديدة التي تظهر نتيجة للاتجاهات التكنولوجية والاستهلاكية.
ووسط كل ذلك يمثل الأمن السيبراني أحد التحديات الحاسمة، لاسيما مع الابتكار السريع في مجال تكنولوجيا المعلومات، وهو في حد ذاته يتقدم بسرعة لمواكبة ذلك مع وجود لوائح أكثر صرامة وتهديدات جديدة شبه يومية، يأخذ المصنعون الأمن السيبراني على محمل الجد.
وكتب لويس جي. تورسون مستشار التصنيع لدى فولي ولاردنر في مدونة إنه “في ضوء التطور السريع لتكنولوجيا الأمن السيبراني والتهديدات، يمكن لأعضاء صناعة السيارات توقع تخصيص أو الاستمرار في تخصيص موارد مهمة لمثل هذه القضايا مستقبلا”.