اتساع مقلق في فجوة فقدان الوظائف بالاقتصادات الفقيرة

حملت توقعات منظمة العمل الدولية حول نشاط أسواق العمل فيما تبقى من 2022 في طياتها الكثير من التشاؤم، بالنظر إلى التركة الثقيلة التي لا يزال الوباء يخلفها على الاقتصاد العالمي وفاقمت وطأتها الحرب في أوكرانيا وعودة الإغلاق الاقتصادي في الصين.

وحذرت المنظمة في تقريرها التاسع حول “أوضاع سوق العمل في العالم”، الذي نشرته على منصتها الإلكترونية، من أن سوق العمل العالمية تشهد معضلة متزايدة في توفير الوظائف بعد أن شهد الربع الأول من العام الجاري عجزا قدره 112 مليون وظيفة بدوام كامل.

وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة والتي تتخذ من جنيف مقرا لها إن “الاتجاه الإيجابي في عدد ساعات العمل في مختلف أرجاء العالم قد توقف، وهو معرض الآن لخطر التراجع”.

وأرجع معدو التقرير هذا الانخفاض إلى الأزمات العالمية الجديدة بما في ذلك التضخم، خاصة ما تعلق بأسعار الطاقة والغذاء والاضطرابات المالية وضائقة الديون المحتملة واضطراب سلسلة التوريد العالمية الذي تفاقم جراء الحرب في أوكرانيا.

ونبهت المنظمة إلى ضرورة الحذر من الخطر المتزايد الناتج عن حدوث المزيد من التدهور في ساعات العمل خلال العام الجاري وامتداد التأثير إلى أسواق العمل العالمية في الأشهر المقبلة.

وعزت المنظمة الانخفاض في ساعات العمل في الربع الأول من هذا العام أساسًا إلى إجراءات احتواء جائحة فايروس كورونا الأخيرة في الصين.

ولا يزال هذا الرقم أقل بنسبة 3.8 في المئة من الرقم المسجل في الربع الأخير من 2019، والذي استخدمته المنظمة كمعيار مرجعي لها قبل تلك الأزمة.

وفي الوقت الذي شهدت فيه البلدان مرتفعة الدخل انتعاشا في عدد ساعات العمل عانت الاقتصادات منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط والأدنى من انتكاسات في الفترة الفاصلة بين يناير ومارس الماضيين بفجوة بلغت 3.6 في المئة و5.7 في المئة تواليا مقارنة بالمعيار السابق للأزمة .

وقالت المنظمة إن تقديرات الربع الأول من العام الجاري 2022 تمثل “تدهورا ملحوظا” مقارنة بتوقعات يناير الماضي، وهي تعد أقل بنسبة 2.4 في المئة من مستوى ما قبل الأزمة.

ومطلع العام الجاري تم تقدير أن تقل عدد الوظائف بما يعادل 52 مليون وظيفة في 2022، مقارنة بمعدلات ما قبل الجائحة، وهو ما يصل إلى نحو مثلي التقديرات السابقة للمنظمة في يونيو 2021.

وبعيدا عن القيود التي فرضتها الصين، سلط تقرير المنظمة الضوء على آثار الحرب في أوكرانيا، وقال إنها “أضرت بالاقتصاد العالمي عن طريق زيادة التضخم، خاصة في ما يتعلق بأسعار الغذاء والطاقة، وتعطيل سلاسل التوريد العالمية”.

ومن المحتمل أن تكون لتزايد الاضطرابات المالية وتشديد السياسة النقدية تأثيرات أوسع نطاقا على أسواق العمل في مختلف أرجاء العالم في غضون الأشهر المقبلة.

وتشكل الأخبار السيئة بالنسبة إلى النظرة المستقبلية لفرص التوظيف مشكلة على المدى المتوسط مع اشتداد المخاوف من تعثر التعافي الاقتصادي نتيجة تدهور أوضاع السوق العالمية.

ورجح خبراء المنظمة أن تتفاقم اتجاهات التوظيف المتباينة خلال الربع الثاني من هذا العام، خاصة وأن حكومات بعض البلدان النامية تواجه قيودا متزايدة بسبب الافتقار إلى الحيز المالي وتحديات القدرة على تحمل الديون.

وتتزامن هذه الظروف مع ما تواجهه معظم الشركات من حالات عدم يقين اقتصادية ومالية، ولا يزال العمال محرومين من الوصول الكافي إلى الحماية الاجتماعية.

وقال المدير العام لمنظمة غاي رايدر في بيان إن “التأثير على العمال وأسرهم، لاسيما في العالم النامي، سيكون مدمرا ويمكن أن يترجم إلى اضطراب اجتماعي وسياسي”.

وشدد على أنه أصبح من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى أن يعمل الجميع معا والتركيز على خلق تعاف محوره الإنسان.

وفي المجمل، تشير التقديرات إلى أنّ نحو 207 ملايين شخص سيكونون عاطلين عن العمل في 2022 مقارنة بنحو 186 مليونا في 2019. ومع ذلك فإن التأثيرات الراهنة ستكون أكبر بكثير لأنّ الكثيرين تركوا سوق العمل، ولم يعودوا بعدُ.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتقرير أممي: نحتاج إلى 3 كواكب حال تعميم أسلوب الاستهلاك الأوروبي على العالم
المقالة القادمةمصارف لبنان تتمسك برفضها لتحمل فاتورة الانهيار المالي