ارتفاع أسعار السجائر المصنّعة يعيد العزّ للدخان العربي اللفّ!

أدى الفقدان التدريجي للدولار الاميركي من السوق، الى زيادة أسعار السلع جميعها، في مستوى متفاوت، وانعكس بصورة واضحة جدًا، في أسعار التبغ المستورد الذي هو بالأصل سلعة كمالية تشكل عبئًا إضافيًا غير ضروري على ربّ العائلة، وحتى على فئات شبابية واسعة من المجتمع اللبناني.

فسعر  بعض علب السجائر  المستوردة يصل حتى حدود عشرة آلاف ليرة لبنانية، في حين يستهلك معظم المدخنين يوميًا، حوالى علبتي سجائر كحدٍ وسطي، وهذا يشكل مصروفًا موازيًا لمصاريف المنزل الأساسية. كما كان لافتًا أن أسعار السجائر الوطنية هي الأخرى ارتفعت بشكل كبير. فبحسب شركة الريجي، إن الأسعار تحتسب وفاقاً لسعر صرف الدولار الثاني المعتمد لدى المصارف البالغ 3850 ل. ل. للدولار الواحد، وقد وصل سعر علبة السيجارة الوطنية (سيدرز) الى حدود 4000 ل. ل. ، وهي أيضًا صارت صعبة المنال.

هذه الأسعار المرتفعة للسجائر المصنعة خارجيًا وداخليًا حولت اهتمام أعداد واسعة من المدخنين، الى ما نعرفه تحت مسمّى “الدخان العربي” وهو الذي يصنّع محليًا، إذ يقوم بعض مزارعي التبغ المخضرمين بفرمه في آلة خاصة به، ويبيعونه للمدخنين.

ليس الأمر بجديد ،فهو عادة قديمة في لبنان.في السنوات الماضية كان سعر كيلو التبغ المفروم يتراوح بين 30000 و 45000 ل. ل. وكانت نسبة الفرم تتراوح، عند أصحاب الشأن، من عشرة الى عشرين كيلوغرامًا، وكان يبقى منها كميات حتى آخر السنة عند التاجر الذي يضطر الى تخفيض سعر الكيلو الواحد ليبيع الكميات المتبقبة عنده.

ويقول أحد المتخصصين بفرم الدخان العربي المذكور، إن أعداد  المهتمين بتناول هذا النوع من الدخان كانت محدودة بأشخاص معينين، وأصبحوا معروفين لدينا منذ سنوات طوال. ويتابع: غير أنه هذا العام تلقينا اتصالات كثيرة، ومن جميع المناطق اللبنانية، من فئات، وايضا من أشخاص لبنانيين وغير لبنانيين، وفدوا حديثًا الى تدخين هذا النوع من الدخان، ومالوا الى الاهتمام به، لكونه أوفر كلفة عليهم، واقل سعرًا من ربع أسعار ما يستهلكون من الدخان المصنّع.

ويعلّل آخر ارتفاع السعر بالظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، إذ ارتفع سعر كلّ السلع والحاجيات إلى مستوى لم يعد يحتمل ولا يطاق. وللمناسبة تمنّى أن ترفع وزارة الوصاية، أي وزارة المالية ومن خلفها الشركة الوحيدة في لبنان شركة “الريجي”، سعر التبغ لهذا العام، في الأقلّ، بما يوازي الارتفاع الذي أصاب السجائر الوطنية، أي بما يوازي ارتفاع سعر صرف الدولار المعتمد لدى المصرف المركزي الوسطي البالغ 3850 ل. ل. في الوقت الحالي.
يقول مصنّع آخر للدخان العربي: منذ اكتر من ٢٠ سنة امتهن هذه المصلحة، إذ كنت أفرم سنويًا ما بين 15 الى 20 كيلوغرامًا، وأبيعها لزبائن معينين؛ فكان الشخص الواحد يطلب 2 أو 3 كيلوغرامات على أبعد تقدير، ويحصل ذلك في فصل الصيف، غير أن الطلب يزداد على هذا المنتج في فصل الشتاء.

ويضيف: اختلف الأمر كثيرًا هذا العام،  فزاد طلب المدخنين التقليديين ما تقديره من 3 كيلوغرامات الى 10 وبعضهم طلب 20 كيلوغرامًا، غير أن الأمر الجديد هذا العام، هو طلب مدخنين جدد غير معروفين سابقًا من قبلنا – معظمهم من الشباب ممن أعمارهم دون خمسة وثلاثين- للدخان العربي، وبكميات كبيرة جدًا، الأمر الذي أشعل السوق بشكل جنوني فتضاعفت الأسعار عن السنوات الماضية.

أحد المدخنين الوافدين حديثًا الى “الدخان العربي”، يشكو من غلاء أسعار الكيلو الواحد، ويقول: المدخنون التقليديون كانوا يقولون لنا إن سعر الكيلو الواحد لأفضل أنواع التبغ المفروم، لا يتعدى اربعين ألف ل.ل. لنتفاجأ بزيادة الأسعار التي وصلت عند بعض التجار، الى حدود المئة ألف ل. ل. ومع ذلك نعاني كثيرًا من أجل الحصول على هذا المنتوج، بسبب اتساع الطلب عليه، حتى بتنا نحجز كمياتنا قبل عشرين يومًا على فرمها من قبل التاجر!
” كنت ادخن تبغا بريطانيا، يحتوي الكيس على خمسين غرامًا، ويبلغ ثمنه 6000 ل. ل. ويضيف م.م :  كوني مدخن سيجارة لف، فقد لجأت الى الدخان العربي، أكيد لأنه أرخص” ونظرًا لزيادة الاسعار، فإن تجار هذا النوع من الدخان زادوا سعر الكيلوغرام الواحد من 45000 ل. ل. لغاية 70000 ل. ل. وهناك من يقول إن السعر لامس ال 100000 ل. ل. وينهي كلامه: بالنسبة الي هذا الدخان هو أنظف من الدخان الجاهز، لانه طبيعي، وله نكهة مميزة بسبب عدم اضافة أي منتج كيماوي له يسهم في تغيير مذاقه.

الى ذلك وفي سياق متصل، أفاد مصدر رسمي في شركة الريجي، أن مبيعات جميع أنواع التبغ، الوطني وغير الوطني، لغاية آخر آيار المنصرم، قد انخفضت بنسبة 20 في المئة عن العام الفائت. ويضيف أنه، وفي المدة الزمنية المذكورة ذاتها، سجلت مبيعات التبغ الوطني ارتفاعًا بنسبة 10 في المئة، في حين تراجعت مبيعات التبغ الأجنبي بنسبة 46 في المئة.

وهذا يقودنا الى استنتاجين أساسيين، أحدهما إيجابي وثانيهما سلبي: فالايجابي، إن تطابقت الأرقام مع الواقع، فهو تراجع نسبة شراء هذا المنتج الضار بالصحة، والسلبي، وهو الأرجح، يتمثل بتفلت مبيعات التبغ المهرب وانتشاره بلا حسيب ولا رقيب، وذلك على حساب الخزينة الوطنية المتمثلة ببيع التبغ بإشراف شركة الريجي كونها الجهة الرسمية الوحيدة في البلاد المعنية ببيع هذا المنتج.

إن التشجيع على التدخين هو أمر سيئ، بل مرفوض، بسبب كثرة الضرر الناتج منه، ولكن بما أن هذا الأمر رائج ولا مناص منه، فإن توجّه فئات جديدة من المدخنين الى الدخان العربي المصنع محليًا، يسهم في تحقيق أكثر من هدف اقتصادي وطني يتلخص بما يلي:

_تخفيض فاتورة استيراد الدخان العالمي.
_تشجيع الدخان المصنّع لبنانيًا والمفروم محليًا.
_ تخفيض فاتورة المدخنين.
_ زيادة المردود المادي للتجار الوطنيين، ولا سيما أنهم ينتمون الى مناطق الأطراف الأكثر فقرًا.

 

محمد هاني شقير – خاص الحوار نيوز

المادة السابقةنقابة سائقي الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت لوزيرة العمل: قررنا استخدام سائقي الشاحنات المؤهلين
المقالة القادمةذروة قياسية للدين عند 331% من الناتج المحلي العالمي