لم تشكّل فكرة ارتفاع الأسعار 58 مرّة ونصف منذ بداية الأزمة التي عصفت بلبنان في العام الجاري صدمة لمن تلقوا هذا الخبر إذ شعروا ويشعرون به في كلّ مرّة يقصدون بها المحال التجارية لشراء الحاجيات الأساسية لمنازلهم.
بحسب الاحصاء المركزي زادت أسعار السلع الغذائيّة في هذه المدة بنحو 237 مرّة، كما ارتفعت أسعار النقل 119 مرّة، وأسعار الألبسة والأحذية 167 ضعفاً، وأسعار الفنادق والمطاعم 294 ضعفاً.
“ارتفعت الأسعار 50 مرّة بالليرة اللبنانيّة”. هذا ما يؤكده نقيب مستوردي المواد الغذائيّة هاني بحصلي عبر “النشرة”، مشيرا الى أنّ “كل ما يتعلّق بالإستيراد من الخارج لم ترتفع أسعاره بهذا الحدّ”، في حين أنّ الباحث في الدوليّة للمعلومات محمد شمس الدين فيلفت الى أنه “وبنتيجة إرتفاع تكلفة الطبابة والتعليم والنقل وغيرها فإنّ الأسعار ارتفعت بالحدّ الأدنى 64 مرّة ونصف، فما كان ثمنه ألف ليرة أصبح اليوم يكلّف 64 ألف ليرة لبنانية”.
يؤكّد محمد شمس الدين أن “هناك بعض السلع التي إرتفعت بالليرة وبالدولار وهناك سلع ارتفعت بالدولار، فحكماً بعد حرب أوكرانيا تصاعدت الأسعار بسبب الشحن والتأمين والحصار البحري وغيرهم. فمثلاً طنّ الزيت سعره اليوم 1100 دولار أميركي في حين كان قبل الأزمة يكلّف 700 دولار”. يعود هاني البحصلي ليشرح أن “ارتفاع الدولار الجمركي من 15000 الف ليرة الى 89500 ومن ثمّ رفع الرسوم والضرائب في موازنة 2023، وأخيرا مشكلة البحر الأحمر والحصار البحري أدت الى ارتفاع بعض الأصناف حكماً”.
لا شكّ أن الأمور تدهورت كثيرا نحو الأسوأ في سنوات الأزمة اللبنانية الاقتصادية، ولكن الأكيد أيضا أن الارتفاعات التي زادت هي الأعلى من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، أو حتى نتيجة وصول أصناف معيّنة من بلدان تعاني حربًا كأوكرانيا. وفي الاطار يسلّط محمد شمس الدين الضوء على الاحتكار الذي يحصل في لبنان، ويؤكّد أنه وفي ظل عدم وجود منافسة حقيقيّة فإن هذا الأمر حتماً سيسير على هذا الشكل. في حين أن هاني بحصلي لفت الى أنه “أجرى دراسة منذ حوالي 18 شهرا على بعض الأصناف، وأظهرت الدراسة كيف أن الأسعار زادت بالليرة وكيف كانت الأسعار ثابتة لأصناف أخرى موجودة على الرفّ”، مضيفا: “بعدها أتت موازنة 2023 وأدّت الى مزيد من الارتفاع”.
طبعاً هناك عوامل كثيرة غذّت إرتفاع الأسعار الجنوني بدءًا من حرب أوكرانيا وصولا الى ارتفاع الضرائب والرسوم فالدولار الجمركي وغيرهم، ولكن الأكيد أن احتكار التجار والمستوردين شكل عاملا أساسياً. هذا من جهة ولكن غياب الرقابة على الأسعار و”الفلتان” الحاصل في “التسعير” يمينا وشمالاً ليس أبداً بالجيّد.