استمرار الازمة الاقتصادية في لبنان دون ايجاد الحلول لها

بعد حوالى اربعة اشهر يحتفل لبنان بمرور خمس سنوات على أسوأ أزمة في تاريخه من اقتصادية إلى مالية و نقدية وإجتماعية وحتى سياسية ومؤخراً أمنية، وما يشهده الجنوب اللبناني منذ شهر تشرين الماضي من اعتداءات إسرائيلية في ظل التخوف من توسع رقعة الحرب التي قد تشمل كل الأراضي اللبنانية .

وللأسف بعد خمس سنوات من الأزمة لم تقم الدولة بأي خطوة من أجل الخروج من هذه الأزمة، فهل سيتمكن لبنان من الخروج من الأزمة الاقتصادية وكيف سيتمكن من ذلك وما هو المطلوب من أجل الخروج من الأزمة وكم يستغرق من الوقت هذا الأمر ؟

في هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور أنيس أبو دياب في حديث للديار: بعد خمس سنوات من الأزمة لا نزال في مكاننا لا بل للأسف تزداد الأمور سوءاً أكثر وأكثر سيما بعد الاعتداءات الإسرائيلية الدائمة على الجنوب اللبناني منذ شهر تشرين الأول الماضي .

ورداً على سؤال حول إمكان خروج لبنان من الأزمة قال أبو دياب من الناحية العلمية العملية كل الدول تمر بأزمات وتستطيع الخروج منها، و لكن هذا يحتاج إلى برامج خطط وإلى إدارة سليمة للأزمة وإلى إرادة سياسية جامعة للخروج من هذه الأزمة، متأسفاً أنه خلال خمس سنوات ونحن نتخبط في المكان نفسه،” إذ بدأنا بدايةً في ٧ أذار عام ٢٠٢٠ بالتوقف عن دفع سندات اليوروبوندز بطريقة مشوّهة دون مفاوضات مع الدائنين، لاحقاً أتتنا خطة اقتصادية في نيسان ٢٠٢٠ التي أعدتها حكومة حسان دياب لإعادة انتظام الحياة الاقتصادية وإعادة هيكلة القطاع العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي”، متأسفاً لأن هذه الخطة كانت أيضاً مشوهة سيما أنها أرادت القضاء على القطاع المصرفي وإعطاء رخص لمصارف جديدة .

ويتابع أبو دياب بعد ذلك سقطت حكومة دياب إثر انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب ومن ثم بقينا فترة طويلة دون قدرة على تشكيل حكومة، وبعدها حصلت الانتخابات النيابية في شهر أيار من العام ٢٠٢٢ ، “ومنذ تلك المرحلة ونحن نعيش في تخبط في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة (لأن الحكومة مجتزأة وغير مكتملة الصلاحيات)”.

واشار أبو دياب إلى الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي، حيث كان هناك مجموعة متطلبات من ١٢بندا لكي نعود إلى الأسواق العالمية من خلال صندوق النقد مع برامج تسهيلات ل ٤٧ شهرا ، متأسفاً لأنه لم يتحقق أي شيء من هذه البنود، “وبالتالي إذا لم يتحقق شيء للخروج من الأزمة ووقف الانهيار لا يمكن ان يقوم الاقتصاد باستعادة عافيته”.

ويشرح أبو دياب: عندما يمرض جسم الإنسان يحتاج إلى علاج كي يستعيد عافيته والاقتصاد أيضاً يحتاج إلى تنقيته من الأزمات لكي نستطيع أن نخرج من التشوهات والأزمات، لافتاً إلى ان كل التقارير تشير إلى التهرب والتهريب الجمركي والاقتصاد غير الشرعي الذي يشكل حوالى ٥٠% من الاقتصاد، إضافةً إلى ان لبنان مهدد بوضعه على اللائحة الرمادية، موضحاً ان كل هذه المؤشرات وبالرغم من الحركة السياحية اللافتة في الصيف الماضي، تشير إلى أنه لا يمكن الخروج من الأزمة إلا من خلال توافق على خطة شاملة لإعادة إحياء الاقتصاد او لإعادة النمو الاقتصادي وهذا يتم من خلال الاتي:

أولاً إعادة انتظام عمل المؤسسات ويتم ذلك عن طريق انتخاب رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة مع صلاحيات اقتصادية استثنائية لكي تستطيع إبرام الاتفاقيات مع المؤسسات المالية الدولية سيما صندوق النقد الدولي.

ثانياً إعادة هيكلة القطاع العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي هو الأساس لإحياء الاقتصاد، “لأننا دون إمكانية لتمويل القطاعات الاقتصادية من خلال القطاع المصرفي لا يمكن ان يكون هناك اقتصاد سليم”، مؤكداً أننا نحتاج إلى قطاع مصرفي قوي يمول الاقتصاد لا يمول عجز الدولة، مشيراً أننا في الماضي كان القطاع المصرفي قوياً ولكن لم يكن يمول الاقتصاد بقدر ما يمول عجز الدولة ،” وهذا سبب ما وصلنا إليه ولذلك نحتاج إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي ودراسة حول كيفية توزيع الخسائر بما لا يمس بالودائع مع فترة سماح وإحياء القطاعات المنتجة في لبنان وهنا لا بد من صناديق او مجالس لإدارة المؤسسات المنتجة وبالتالي إدارة أصول الدولة المنتجة والعمل على زيادة انتاجيتها وربحينها”.

ويرى أبو دياب أن الإبقاء على إدارة سيئة للأزمة يؤدي إلى زيادة الأزمة تعقيداً وزيادة التكاليف وكلما تأخرنا عن وضع حلول وبرامج للخروج من الأزمة كانت المرحلة مكلفة أكثر وكانت فترة الخروج من الأزمة أطول، مؤكداً ان الوقت له ثمن وكلما طال هذا الوقت ازدادت الصعوبة في الخروج من الأزمة.

و في الختام شدد ابو دياب على أن الإرادة السياسية و الإدارة السليمة تؤديان إلى الخروج من الأزمة، سيما أن حجم اقتصاد لبنان صغير وامكاناته المالية جيدة حيث هناك حوالى ١١ مليار دولار كاش موجودة في السوق اللبناني إذا تقطر الاقتصاد بشكل سليم يمكن إعادة إنتاجية هذه الأموال وضخها في السوق بشكل سليم، ما يؤدي إبى تعزيز الاقتصاد والخروج من الأزمة مؤكداً أنه في حال توافر الإرادة السليمة الخروج من الأزمة لا يحتاج الى أكثر من عامين، مع ضرورة جدولة الودائع بحيث من الممكن ان يكون هناك خطة شاملة لاعادتها قد تتطلب اكثر من سنتين طبعاً.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةهرج ومرج في قطاع النقل العام بعد صدور تعرفة النقل الجديدة… فهل يلتزم السائقون بالتسعيرة؟
المقالة القادمةالموسم السياحي انطلق باكراً… بالاتجاهين