قد تكون اسواق جونيه مثل غيرها من الاسواق التجارية الموجودة في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية حيث يؤكد رئيس جمعية تجار جونيه وكسروان الفتوح سامي عيراني ان موسم الصيف جاء مخيبا للامال مقارنة مع الصيف الماضي الا ان مهرجان “بنص جونيه “حسن الحركة التجارية من خلال تجاوب بعض المتسوقين الذين وفدوا الى جونيه.
يقارن عيراني هذا الموسم بالموسم الماضي فيقول :
تدل ارقام محلات التجزئة عند النصف الاول من موسم الصيف الحالي ، على انها قد جاءت مخيبة لبعض الامال مقارنة مع اعمال صيف ٢٠٢٣ ، اذ سجلت انخفاضاً بنحو الثلث ففي حين ان الصيف المنصرم جعل المؤسسات تستعيد بعضاً من حيويتها بفضل عوامل ايجابية تمثلت بالتوافد الاغترابي الكثيف وتمتع البلد بحالة من الاستقرار الامني واستقرار سعر الصرف… على ان الموسم الحالي كبلته الاحداث وجعلته يرزح تحت ضغوطات الانهيارات الحاصلة بالجملة التي تفاقمت اكثر بغياب الحلول ، وتحت تأثير عامل الحرب الدائرة في الجنوب وانعكاساتها السلبية في الداخل على مختلف القطاعات ، اذ جعلت اللبنانيين يعيشون خلال الاشهر الماضية وحتى اليوم ، وباعصاب مشدودة على هاجس ” في حرب او ما في حرب ” وهذا الامر قد حد من اقبال المتسوقين وتوافد المغتربين والسياح العرب والاجانب وعن دور جمعية تجار جونيه وكسروان الفتوح للحد من التداعيات السلبية يقول عيراني :
ان اسواق جونيه وكسروان لم تنأَ عن حالة الانكماش هذه التي تعيشها مثيلاتها من اسواق المناطق ، ونحن كجمعية تجار نجهد دوماً للحد من تأثيراتها بطرح الحوافز لاستنهاض اسواقنا واعطائها الدفع قدر الامكان ، لتبقى قائمة وصامدة بمواجهة المستجدات وتستمر في العمل بخاصة في هذه الظروف الصعبة والمصيرية . لذا ، وعند مطلع هذا الموسم تشاركنا ومرة اخرى مع بلدية جونيه باطلاق مهرجانات ” بنص جونيه التي تعودناها والتي غدت العنوان الرائج للمدينة وهويتها ، منذ انطلاقتها الاولى سنة ٢٠١٩ . اما وبعد مرور ايام على انطلاقتها هذا الصيف لاحظنا مدى التجاوب الكبير من جانب المتسوقين والناس من جميع الفئات العمرية والشبابية الذين وفدوا الى اسواق جونيه باعداد فاق المتوقع ، للبرامج اليومية الممتعة والمميزة التي تتضمنها المهرجانات ، والتي على اثرها شهدنا كيف تفاعلت القطاعات السياحية والتجارية والمجتمعية بعضها مع بعض وجعلت الحياة تدب في المدينة بكافة قطاعاتها فاضفت عليها جواً من الانتعاش والمتعة والنمو ومنحتها قيمة مضافة تجاه اقرانها من الاسواق ويقول عيراني ان هذه المهرجانات انطلقت في ١١ تموز الحالي لتنتهي قريباً في ٢٨ منه . وكل ليلة من الليالي ١٨ هناك برنامج متكامل يستهل بفقرات خاصة بالاطفال ومسيرات ومواكب ترفيهية سيارة تجول في شوارع المدينة على وقع الموسيقى والاناشيد وسط حشود كبيرة ، ثم يستتبعها بعض الفِقرات الغنائية والموسيقية الشبابية على المسرح حتى تحين الساعة العاشرة ليلاً ، موعد اطلالة احد الفنانين الكبار الذي يؤدي وصلته حتى منتصف الليل وهكذا كل ليلة وفق روزنامة محددة سلفاً . بينما المحلات التجارية تفتح ابوابها تستقبل الزبائن وبعضها يستمر حتى منتصف الليل… وعلى ضفتي الشارع تركن ” الكيوسكات ” التي تحتوي على البضائع المميزة والهدايا ، والمطاعم الصغيرة المتنقلة وهوات الرسم وعازفي موسيقى الشوارع يتنقلون وسط الشارع في جو مفعم بالبهجة والحيوية .
لكن عيراني يتحدث عن بعض الثوابت التي احدثتها الازمات المالية والنقدية والمصرفية ما بعد ٢٠١٩ وارخت بثقلها على القطاعات كافة اهمها القطاع التجاري ويعتبر ان حجم الاقتصاد الشرعي قد تقلص الى الربع بينما الاقتصاد الرديف غير الشرعي ما زال يتمتع بحيويته ويقدر بين ١١ و ١٢ مليار دولار سنوياً وقد شهد انتعاشاً اكثر بفضل المعابر المفتوحة وفقدان الرقابة الامنية والمالية مع تزايد نشاط غسيل الاموال الذي يجري بالتواطؤ مع بعض المصارف وشركات نقل الاموال وكل هذا يجري امام اعين الدولة . وهذا ما اتاح ظهور شريحة مجتمعية متخمة بالثراء، تضخ المال، تتمتع بالقدرة على الصرف والبذخ واقتناء السلع الفاخرة وشراء العقارات وغيرها، مما ساهم في التعزيز النسبي لبعض القطاعات التجارية والسياحية المميزة ما مكّن المصرف المركزي من احتواء السيولة من خلال جباية الضرائب والرسوم والفواتير الخدماتية على سعر صرف السوق السوداء وتعزيز محفظته المالية من العملات الصعبة وهي في تصاعد مستمر شهرياً .
⁃ ان العائق الذي يحد من القدرة الشرائية لدى الناس هو تضخم قيم الفواتير الضريبية والخدماتية بشكل جنوني التي يجري تسديدها وفق سعر الصرف المتداول حيث تكاد ان تغطيها عوائد الاجور والمساعدات المالية التي يتلقاها الناس من الاهل في الخارج .
⁃ ليس هناك من مؤشرات تجعلنا نعتقد بان الازمة التي تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم والتي تولد المزيد من العراقيل والعوائق سوف تنتهي بحلول او انفراجات على المدى القريب ، ولا يمكننا بالرغم من هذا الواقع المرير الا ان نأمل بتعافٍ قريب للاقتصاد الذي دخل في مرحلة من الموت السريري والتشرذم بفقدانه كل المعايير والاسس التي تقوم عليها اقتصادات الدول ، اذ نرى ان بدء التعافي هو الامساك بجوهر الازمة الذي هو اعادة اموال الناس وتشغيل المصارف مع اعادة هيكلتها وتفعيل ادارات الدولة وامساك الدولة بقرارها السيادي .
وعن الاسباب التي حالت دون أن تأخد جونيه حقها من تميزها الجغرافي والسياحي يقول عيراني :
⁃ ان جونيه حتى تنطلق وتأخذ حقها كجوهرة على ضفاف المتوسط ، يلزمها توافق اهلها اولاً وتعاونهم لانهاض مرافقها الحيوية لتكون منارة سياحية تنبض بالحياة اسوة بالمدن السياحية الكبرى في العالم . وللاسف ، يظهر ان الكل متضامن حتى الدولة ، لايقاف عجلاتها وابقائها جسداً بدون روح . اين مشروع توسعة الاوتوستراد وهو الشريان الحيوي الذي يجعل التواصل معها سهلاً ومريحاً ، ويلبي طموحات قطاعاتها الغنية ؟ اين المرفأ السياحي الذي كادت ارجلنا تتورم من كثرة ما افتتحناه باشرطة الحرير ؟ اين معالجة المياه الآثنة والمجارير التي تصب في الخليج وتقضي على الثروة الحيوانية وتلوث السياحة المائية ؟ اين معالجة الدخان السام المسرطن المتصاعد من دواخين معمل الزوق الحراري ؟ اين البولفار البحري الذي وضعت خطوط حمراء بوجه تنفيذه؟ اين واين الكثير من المشاريع الحيوية التي تفتقر اليها المدينة؟ كلها اسئلة بحاجة الى ان تلقى اجوبة وممارسة فعلية على الارض ، مع الرعاية الحكومية والاهلية التي تستحقها…
