“اشتري لبناني”… ظاهرة تواكب يوميات المواطن

في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان آثرت مجموعات من شبابه على نفسها، إطلاق شعارات مختلفة تساهم في التخفيف من حدة الأزمة، واتخذوا من وسائل التواصل الاجتماعي منصة لهم كي ينشروها ويحثوا متابعيها على التفاعل معها.

«اشتري لبناني»، و«بتحب لبنان شجع صناعتو»، و«صُنع في لبنان» و«من لبناني للبناني»، تؤلف مجموعة من العناوين التي باتت تواكب إيقاع حياة اللبناني بشكل يومي.
وكثافة استخدام هذه الشعارات في كل زمان ومكان منذ انطلاق الحراك المدني في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، ألف مشهدية إيجابية للاهتمام بالصناعات المحلية بمجملها.
وحرص بعض الإعلاميين والفنانين على مؤازرة هذه الشعارات كل من موقعه. فالإعلامي ريكاردو كرم ساند الموجة وهو يتواجد في نيويورك، وكتب على صفحة «اشتري لبناني» يقول: «أنا سعيد لأنني التزمت بقراري، وهو عدم اقتناء أي شيء من خارج لبنان. فلم أضعف أمام الواجهات الجميلة والمحال المرتدية ألوان الأعياد… وقد فهم أبنائي واقعنا الجديد وباتوا من المشجعين لشعار (اشتروا من لبنان)».
أما الإعلامي طوني بارود، فمرّر تسجيلاً مصوراً، يقول فيه «الصناعة اللبنانية بخير إذا كان لدينا ملء الثقة بها وبالصناعيين اللبنانيين وبمواهب الشباب عندنا». وخصّصت بعض وسائل الإعلام المتلفزة فقرة ضمن نشراتها الإخبارية لتتحدث عن صناعات لبنانية مشهورة. فيتعرف إليها المشاهد ضمن ريبورتاجات مصوّرة يتحدث خلالها أصحاب هذه المصانع ويساندها من خلال تكثيف مشترياته من منتجاتها.
ومن ناحيتها، فإن وزارة الصناعة في لبنان أطلقت حملة إعلانية في هذا الإطار أوائل الصيف الماضي، وعادت شعاراتها وإعلاناتها المصورة لتتداول من جديد على هذه الصفحات. فلبنان الذي يستورد ثماني مرات أكثر مما يصدر لديه نحو 5000 مصنع لمنتجات مختلفة، والحل الوحيد لإجراء نهضة اقتصادية هو تشجيع الصناعة الوطنية ومساندتها. ويحكي أحد إعلانات وزارة الصناعة بعنوان «آمن بصناعتك آمن ببلدك» عن الإنجازات التي تقدمها الصناعة المحلية ويستعينون بها في العالم. فكما محركات «يورو ديزني» التي تدور على محولات من صنع لبنان، فإن المغنية الأميركية جنيفر لوباز تشتري مجوهراتها من لبنان. ومحطات المترو في باريس تستورد قطع السيراميك من لبنان.
وإذا ما تصفحت بصورة سريعة بعض هذه الصفحات الإلكترونية المروجة للصناعات اللبنانية لا بد أن تلفتك منتجات لبنانية معروفة كان البعض يعتقد أنها مستوردة من الخارج. وهي تشمل صناعات الأزياء والمعدات الكهربائية والمواد الغذائية والمفروشات والمجوهرات وغيرها. «لقد فوجئت بوجود هذا الكم من المنتجات اللبنانية الرفيعة المستوى التي كنت أشتريها بصورة بديهية دون علمي المسبق بمنبعها الأصلي. أما اليوم فصرت أقصدها مباشرة وأشتريها بشغف؛ لأنني بذلك أدعم صناعة وطني والليرة اللبنانية معاً». تقول وفاء بستاني لـ«الشرق الأوسط».
وتعرّف اللبنانيون عبر هذه الصفحات على منتجات أخرى صنعت في لبنان تحت عنوان «شغل بيت» و«طبيعي 100 في المائة» و«خلي عينك عا صناعتنا».
وتقول رلى عرموني، التي التقيناها في أحد فروع تعاونية «سبينيس» في الأشرفية: «قبل هذه الحملات وبدء حراك (لبنان ينتفض) لم يكن هذا الموضوع يثيرني أو يحمسني كثيراً. أما اليوم فصرت أتمسك بشراء منتجات لبنانية وأنا فخورة بذلك». ويقول إيلي أيوب لـ«الشرق الأوسط»: «لو كان لدينا الوعي نفسه الذي يتمتع به أولادنا اليوم، لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من أزمات اقتصادية متلاحقة».
ومع «الملبس عا قضامة» الزهري وعلب «طربوش غندور» و«كعكة العصرونية» وحلوى «غزل البنات» والـ«فستقية» والـ«سمسية» وما إلى هنالك من منتجات تذكرنا بمراحل الطفولة، تعود هذه المنتجات لتطفو من جديد على سطح مشتريات اللبناني بشكل عام الذي يرغب في دعم صناعاته المحلية تحت عنوان «اشتري لبناني ومن لبناني وباللبناني».

 

مصدرفيفيان حداد - الشرق الاوسط
المادة السابقةلغط حول قرار “موديز”.. تعميم مصرف لبنان لا يشمل الودائع الجديدة
المقالة القادمةأعياد لبنان… بلا زينة ولا دولار