اعتماد مقاربة دولية شاملة ضرورة لتنظيم الذكاء الاصطناعي

اقتناع متزايد لدى خبراء التكنولوجيا بأن ضبط حدود الذكاء الاصطناعي وجعل استثماراته أكثر توسعا في المستقبل سيكونان مرتهنين بتطويع القواعد التنظيمية لجعلها أكثر مرونة.

يحتاج العالم بشكل عاجل إلى مقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي للحؤول دون أن يؤدي أي تفلت في هذا المجال إلى تفاقم المخاطر وعدم المساواة، وفق دورين بوغدان-مارتن الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات التابعة للأمم المتحدة (آي.تي.يو).

وتأمل الأميركية بوغدان-مارتن، التي تترأس آي.تي.يو منذ العام 2023، أن “يُفيد الذكاء الاصطناعي البشرية جمعاء حقا،”، حسب ما قالته خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس أجريت معها الأسبوع الماضي في جنيف ونشرت الأحد.

وأكدت أن تنظيم الذكاء الاصطناعي أمر أساسي في ظل تزايد المخاوف بشأن مخاطر هذه التقنية، بينها القلق من فقدان الوظائف ومن المعلومات المضللة وانتشار “التزييف العميق” (محتوى مُتلاعب به باستخدام الذكاء الاصطناعي)، وزعزعة النسيج الاجتماعي.

وأضافت “من المُلحّ السعي لوضع الإطار المناسب،” على أن يتم ذلك من خلال “مقاربة شاملة”.

وتأتي تعليقاتها بعد أن كشف البيت الأبيض أخيرا عن خطة عمل لتعزيز التطوير الحر لنماذج الذكاء الاصطناعي الأميركية في الولايات المتحدة وخارجها، رافضا أي مخاوف بشأن إساءة استخدامها المحتملة.

وفي فبراير الماضي وجه رفض الولايات المتحدة وبريطانيا التوقيع على الإعلان الختامي لقمة باريس للذكاء الاصطناعي ضربة للآمال في اتّباع نهج منسق لتطوير وتنظيم التكنولوجيا، بعد أن خيّمت التجاذبات السياسية الأميركية – الصينية على أعمال القمة.

وبدأت أوروبا في أواخر 2023 التحرك لتنظيم الذكاء الاصطناعي وتشديد المعايير الأمنية المتعلقة ببرامج تقليد الأصوات، مثل تشات جي.بي.تي، وفرض إطار تنظيمي على المطورين والمصنعين الذين يسعون للعمل في الأسواق الداخلية للاتحاد.

ويتزايد اقتناع خبراء التكنولوجيا بأن ضبط حدود الذكاء الاصطناعي وجعل استثماراته أكثر توسعا في المستقبل سيكونان مرتهنين بتطويع القواعد التنظيمية لجعلها أكثر مرونة في ظل الهجمة التقنية المتقدمة التي يواجهها العالم.

وقد رفضت بوغدان-مارتن التعليق على التطورات الأخيرة لنماذج الذكاء الاصطناعي وتعامل الجهات الحكومية والتنظيمية معها، موضحة أنها “لا تزال تحاول استيعاب ذلك.”

وقالت “أعتقد أن هناك مقاربات مختلفة” في المسألة، مضيفة “هناك مقاربة الاتحاد الأوروبي، وثمة المقاربة الصينية. واليوم نشهد المقاربة الأميركية. أعتقد أن ما نحتاجه هو تفاعل هذه المقاربات.”

وأشارت أيضا إلى أن “85 في المئة من الدول لا تزال تفتقر إلى سياسات أو إستراتيجيات للذكاء الاصطناعي.”

البيت الأبيض كشف أخيرا عن خطة عمل لتعزيز التطوير الحر لنماذج الذكاء الاصطناعي الأميركية في الولايات المتحدة وخارجها

ولفتت بوغدان-مارتن إلى أن قضايا الابتكار وبناء القدرات والاستثمار في البنية التحتية تكتسي أهمية محورية بشكل خاص في المناقشات المتعلقة بالتنظيم.

لكنها أبدت اعتقادا بأن “النقاش لا يزال بحاجة إلى أن يُجرى على المستوى العالمي لتحديد مقدار التنظيم اللازم.”

وأمضت المسؤولة رفيعة المستوى معظم مسيرتها المهنية في الاتحاد الدولي للاتصالات، وتعتقد أن هذه الوكالة الأممية المسؤولة عن تطوير خدمات وشبكات وتقنيات الاتصالات في جميع أنحاء العالم تتمتع بمكانة جيدة للمساعدة في تسهيل الحوار بين الدول حول تنظيم الذكاء الاصطناعي.

وأكدت أن “الحاجة إلى نهج عالمي تبدو أساسية بالنسبة إلي،” محذرة من أن “المقاربات المجزأة لن تخدم الجميع ولن تصل إليه.”

وفي حين تخوض دول وشركات سباقا محموما في مجال الذكاء الاصطناعي يخشى بعض المراقبين أن تصبح الجهات الخاسرة، أو التي لا تملك الموارد اللازمة للمشاركة، على الهامش.

وتعتقد رئيسة الاتحاد الدولي للاتصالات أيضا أن الجميع يجب أن يستفيد من التقدم “المذهل” الذي يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي للمجتمع، لاسيما في مجالات التعليم والزراعة والصحة. وإلا فإن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في “زيادة عدم المساواة،” وبالتالي توسيع الفجوة الرقمية في جميع أنحاء العالم.

وأوضحت بوغدان-مارتن أن “2.6 مليار شخص لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت، ما يعني أنهم لا يستطيعون الوصول إلى الذكاء الاصطناعي.”

كما أكدت الأميركية، وهي أول امرأة تترأس الاتحاد الدولي للاتصالات الذي تأسس قبل 160 عاما، على الحاجة إلى المزيد من النساء في العالم الرقمي.

وحذرت من أن “الفجوة هائلة” في هذا المجال، مضيفة “بالتأكيد، لا يوجد عدد كافٍ من النساء في مجال الذكاء الاصطناعي.”

وتبدي بوغدان-مارتن الأمل في أن “تمهد الطريق للأجيال المقبلة،” مؤكدةً وجود ضغوط كبيرة “للنجاح والتفوق أيضا.”

لكن “لا يزال هناك الكثير للقيام به” على رأس الاتحاد الدولي للاتصالات، كما أكدت المسؤولة رفيعة المستوى التي ستسعى لولاية ثانية العام المقبل بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتمرد وانقسام نادران يهددان اجتماع الاحتياطي الفيدرالي
المقالة القادمةالعالم يواجه صعوبة في وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب