اقتراح لـ«الكابيتال كونترول»… بعد تهريب الدولارات

فيما كان حسان دياب يحتفل بإنجازاته بعد مرور مئة يوم على نيل حكومته الثقة، كان البلد يتراجع خطوات إلى الوراء. الغلاء بلغ أوجه، والخدمات العامة صارت في الحضيض. من ناحية الحكومة، إعلان عن اتفاق مع رياض سلامة على دعم استيراد المواد الغذائية بدءاً من 27 أيار، ومن ناحية مجلس النواب اتفاق على إخراج مشروع «الكابيتال كونترول» من بين الأنقاض. المشروع الذي كان ملحّاً في تشرين تحوّل إلى فولكلور في أيار، بعدما أتيح لمن يريد تهريب الأموال إلى الخارج أن «ينجز المهمة»

ليست البطالة، التي بلغت أرقاماً قياسية، مهمة. وليس الفقر، الذي يطرق كل باب، مهماً. وليست المجاعة، التي تهدد حياة اللبنانيين، مهمة. المهم أن الرئيس حسان دياب قرر الاحتفال بكتاب إنجازات حكومته خلال مئة يوم من نيلها الثقة. لائحة الإنجازات التي تلاها طويلة، لكن تأثيرها على حياة اللبنانيين، القلقين على مستقبلهم، صفر. أيّ إنجازات تلك التي تكون على شاكلة: «انتهاء المرحلة الأولى من التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية، والاستعداد للمرحلة الثانية»، أو «دعوة الجهات المانحة للكشف عن الأموال المنهوبة واسترجاعها»، أو «بدء مفاوضات لتلزيم استقدام الغاز الطبيعي عبر المنصات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي». أما الحديث عن استرداد الأموال المنهوبة وعن إلغاء السرية المصرفية (أقرت اللجان أمس رفعها عن العاملين في القطاع العام والمتعاملين معه فقط) أو استقلالية القضاء، فتلك تحولت إلى نكات تتداول على نطاق واسع حتى ممن يأملون أن تتحقق هذه الوعود.

رئيس الحكومة نفسه سبق أن اعتبر أن أداء حاكم مصرف لبنان مشبوه، لكن أحداً لم يستطع أو يتجرأ على محاسبته أو على الأقل مساءلته. القضاء الذي يأمل اللبنانيون باستقلاله، يئنّ تحت ضغوط تشلّ قدرته على استكمال الملفات حتى نهايتها، هذا عدا عن الحصانات السياسية التي تعطى لمتورّطين أو متّهمين بقضايا فساد.

مع ذلك، وبعيداً عن الإنجازات الوهمية يجيد حسان دياب توصيف الواقع. يقول إنه يعلم جيداً أن المعاناة طالت كثيراً وأن اليأس استحكم وأن السلطة تُصادر الدولة ومؤسساتها ومقدراتها، وأن الثقة لا تستقيم بين المواطن والدولة إذا كانت الدولة تأخذ ولا تعطي. تأخذ الضرائب والرسوم، فيما الكهرباء مظلمة والمياه ملوثة والاستشفاء غير مجاني، والإدارة فاسدة والسياسة فاسدة والمالية العامة منهوبة والمشاريع فاشلة والسمسرات فاجرة والغلاء فاحش…
خلاصة المئة يوم أن حكومة حسان دياب لا تختلف عن سابقاتها. التوازنات نفسها تتحكم بها، وهي غير قادرة على الخروج من عباءة من أنعم عليها بالثقة من السياسيين. «يسعى» مجلس الوزراء إلى الإنقاذ «بالشوكة والسكينة»، فيما سرعة الانهيار تحتاج إلى إنجازات فورية وقرارات مصيرية. بعد طول انتظار، أعلن دياب اتفاقه مع حاكم مصرف لبنان، ليتدخل الأخير في السوق من أجل حماية سعر صرف العملة الوطنية وأيضاً لدعم الأنشطة التي تتعلق باستيراد المواد الاستهلاكية الأساسية (ابتداءً من ٢٧ أيار).
مجلس النواب ليس أفضل حالاً من مجلس الوزراء. يتعامل مع الأزمة بهدوء لا يعبّر عن حجم ما يعانيه اللبنانيون.

مصدرالأخبار
المادة السابقةقراءة في خطة المصارف: الإنقاذ لا يتمّ على حساب المودعين
المقالة القادمةالقاضي منصور ختم بالشمع الاحمر مكاتب تابعة لشركة البساتنة