اقتصاد الطوابير: «اختصاصيون» في «النطرة» و«البحث عن دواء»

مصائب من ينتظرون في الطوابير «فوائد» لدى آخرين. فقد خلقت الطوابير «اقتصاداً» موازياً يستقطب آلاف الشباب العاطلين من العمل، ممن يحاولون «الاسترزاق» من الأزمة. هنا، لا «سي في» مطلوبة ولا شهادات. «الخبرة» الوحيدة التي تتطلّبها هذه «الوظائف» هي أن يجيد المتقدم إليها «البرم» على الصيدليات للعثور على دواء، أو «النطرة» في طابور محطة أو فرن أو محمصة بن، أو أي من الطوابير الكثيرة المتوقعة، و«كل شي بسعرو».

يحرص «أولاد الكار» من «اختصاصيي الطوابير» على التكتم على هوياتهم وعلى «سر المهنة». علي، واحد من الشباب الذي يصف نفسه بأنه «متفرغ فقط للصيدليات والأدوية ولا شأن لي بطوابير البنزين وغيرها». يؤكد أن دافعه «إنساني. لا أعمل للاسترزاق بقدر ما يهمني أن أسعف الناس المحتاجة. أخاف الله ولا يمكن أن أكسب من مريض. لذلك لا أضع أي تسعيرة معيّنة، وأتكل على ذوق الناس والإكراميات التي يتبرعون بها تقديراً لتعبي».
اشتداد أزمة الدواء، أخيراً، أجبرت اختصاصي التفتيش عن أدوية» على التوقف عن «العمل»، مع إغلاق كثير من الصيدليات وانقطاع الأدوية بشكل كبير، فـ«الكلفة أصبحت أكبر من المردود. أسكن في بيروت وكنت أصل أحياناً إلى أبعد من جونية بحثاً عن أدوية، وفي غالبية الأوقات لم أكن أوفّق.

في هذا السياق، يلفت «عاملون» في هذا «الكار» إلى «تواطؤ بين بعض الشبان وبعض أصحاب الصيدليات. أصبح الأمر أشبه بشبكة متكاملة الجميع يكسب فيها: المواطن يحصل على الدواء أو الحليب، ونحن نحصل على إكراميات دسمة جداً في أغلب الأوقات، والصيدلي يسعّر على هواه مستغلاً الوضع»!طوابير محطات المحروقات، من جهتها، «اقتصاد» قائم بذاته يستفيد منه كثيرون من «بائعي الخدمات» وعمّال المحطات… وضحيته الوحيدة المواطن العادي. بعض الشبان يتقاضون بين 50 ألف ليرة و100 ألف، بحسب حدّة الأزمة، مقابل تسلم السيارة من صاحبها والانتظار في الطابور بدلاً منه ثم إعادتها اليه، فيما طوّر آخرون «أعمالهم» مقابل أرباح أكبر.

أعمال «اختصاصيي النطرة» تشمل أيضاً طوابير المعاينة الميكانيكية؛ إذ إن هناك من يتسلم السيارة مقابل 100 ألف ليرة، وينتظر منذ الرابعة فجراً على أبواب «الميكانيك» من أجل إخضاع السيارة للمعاينة. هنا، أيضاً، طوّر البعض «أعماله»، فيستعين بشبان عاطلين من العمل مقابل 50 ألف ليرة من أجل خدمة عدد أكبر من الزبائن. وهناك أيضاً من يبيعون «الدور»، إذ يركنون سياراتهم في طابور المعاينة ويبيعون «مطارحهم» لمن يرغب، ويستطيع دفع البدل الذي يصل إلى 100 ألف ليرة.

 

مصدرجريدة الأخبار - رضا صوايا
المادة السابقةملايين “الفراريج” معرّضة للنفوق
المقالة القادمةأزمة البنزين «تُحلّ»… بزيادة السعر!