رغم كثرة نقاط الخلاف الظاهرة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والتباين الواضح بين المرشحين، الرئيس الحالي دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن، يظل الأداء الاقتصادي هو العنصر الأهم الذي يُتوقع أن يكون له القول الفصل في انتخابات الرئاسة القادمة، في شهر نوفمبر / تشرين الثاني القادم، إلا أن الناخبين الأميركيين ما زالوا حتى هذه اللحظة منقسمين فيما يخص تقييم الأداء الاقتصادي للرئيس الحالي، وإن استبعدوا ما تسبب فيه انتشار فيروس كوفيد-19، وتعليمات الإغلاق التي استهدفت الحد من انتشاره، من خسائر لاقتصاد البلاد.
وفي حين يحاول أنصار ترامب الترويج لفكرة تحييد الانكماش الاقتصادي الكبير الحادث حالياً، وما رافقه من ارتفاع معدلات البطالة، باعتبارها نتيجة طبيعية لفيروس تسبب في خسائر جمة لأغلب اقتصادات العالم، لا يبدو أن الناخب الأميركي، ضعيف الذاكرة وصاحب النظرة البراغماتية، سيكون مستعداً لتقبل هذا الطرح وهو عاطل عن عمله، ولا يأمن ما تخبئه له الأيام القادمة، إن استمرت حال الاقتصاد على ما هي عليه الآن.
واعتاد المرشح المنافس في انتخابات الرئاسة أن يوجه سؤالاً تقليدياً للناخب الأميركي، يحاول به مقارنة أوضاعه الاقتصادية قبيل انتخابات التجديد بما كانت عليه قبل وصول الرئيس الحالي للبيت الأبيض، وهو ما أظهر استطلاع حديث للرأي استمرار انقسام الناخبين حوله حتى هذه اللحظة.
ووفقاً لأحدث استطلاعات رأي مؤشر بيترسون للاقتصاد الأميركي، الذي تقوم به مؤسسة بيترسون بالتعاون مع جريدة فاينانشيال تايمز، والذي تم خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو / حزيران الماضي، أكد ما يقرب من ثلثي من أدلوا برأيهم أن حالتهم المالية حالياً تعد أسوأ مما كانت عليه عند وصول ترامب للبيت الأبيض. وبدا واضحاً أن الرد على السؤال عكس الانتماءات الحزبية لمن أدلوا بآرائهم، حيث اعتبر 69% من مؤيدي الحزب الجمهوري أن حالهم الآن أفضل، بينما لم تتجاوز نسبة من وافقهم الرأي من مؤيدي الحزب الديمقراطي 13% من العينة التي تم استطلاع آرائها، في صورة شبه مطابقة لما كانت عليه الأوضاع في استطلاع شهر أكتوبر / تشرين الأول من العام الماضي، أي قبل ظهور الفيروس القاتل.
وفي إشارة على تراجع النظرة العامة للأداء الاقتصادي للرئيس الحالي بعيداً عن الانتماءات الحزبية، اعتبر 25% من غير المنتمين لأي من الحزبين أن أوضاعهم المالية حالياً أفضل مما كانت عليه عند انتخاب ترامب في الاستطلاع الأخير، بعد أن كانت تلك النسبة 30% في استطلاع شهر أكتوبر / تشرين الأول من العام الماضي.
وفيما يخص سياسات ترامب وتأثيرها على اقتصاد البلاد، جاءت الإجابات في صالح الرئيس الأميركي، حيث أيد 49% من المستطلعة آراؤهم أنها كانت في صالح الاقتصاد الأميركي، بينما لم ير أنها أضرت الاقتصاد الأميركي سوى 43% من الأصوات، أغلبها كان من مؤيدي الحزب الديمقراطي.
ولا تعد نتيجة السؤال الأخير مفاجأة للمتابع للشأن الأميركي، الذي يدرك جيداً أن هناك مؤيدين للرئيس الأكثر إثارة للجدل في التاريخ الأميركي كما يوجد معارضون، وأنه كما أن هناك من يرفض الاعتراف بأي إنجازات اقتصادية لترامب، ولا يشاهد إلا قناة “سي أن أن” للأخبار، فإن هناك أيضاً من يشاهدون قناة فوكس نيوز، ويرون أن الرئيس الحالي تمكن من الوصول بالاقتصاد الأميركي إلى أطول فترة انتعاش في تاريخه، تجاوزت الأحد عشر عاماً، وأنه نجح في تحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه الرئيس السابق باراك أوباما.
ويرى الدكتور نبيل زكي، أستاذ الاقتصاد الدولي في معهد نيويورك للعلوم المالية، أن وجود ترامب هو السبب في تماسك الاقتصاد حتى الآن وعدم انهياره في الظروف الحالية، على الرغم من الهجوم الذي يتعرض له من الإعلام ومن الحزب الديمقراطي.
كما أكد زكي أن “الاقتصاد الأميركي يحتاج حالياً إلى رجل أعمال يخرجه من كبوته، ولهذا فإن ترامب هو الأصلح للحظة الراهنة”.
لكن كيمبرلي أماديو، خبيرة التحليل الاقتصادي واستراتيجيات الأعمال، انتقدت سياسات ترامب التجارية العدوانية، ورغبته في تركيز الصناعات داخل الولايات المتحدة للاستغناء عن الاستيراد من الصين وغيرها من الدول. وقالت أماديو إن “الاتفاقات التجارية، التي عطل أغلبها ترامب، لها دور إيجابي في خفض كلفة إنتاج السلع وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة”، مستشهدة بمضاعفة أميركا لصادراتها إلى المكسيك وكندا خلال الفترة بين 1993 – 2015.