اقتصاد لبنان 2025: ثلاثة شروط للعودة إلى ما قبل الأزمة

حقّق لبنان في النصف الأول من العام 2025 “تحوّلاً لافتاً نتيجة الخروقات السياسية المحلية بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية الواعدة، وتأليف حكومة من ذوي الكفاءات، وإتمام التعيينات في مناصب إدارية رئيسية واتخاذ بعض المبادرات الإصلاحية. وقد رحّبت الأسواق بهذه التطورات حيث سجّلت انعطافاً ملحوظاً في أدائها”، وفق التقرير الاقتصادي الفصلي الصادر عن بنك عودة.

وحسب التقرير الذي حمل عنوان “ثلاثة شروط لتعزيز عامل الثقة ولعودة الناتج ودخل الفرد إلى مستويات ما قبل الأزمة”، سجّل لبنان “نمو المستوردات بنسبة 16 بالمئة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام نتيجة تحسّن الطلب على السلع الاستهلاكية والاستثمارية في الداخل. وإذا عزلنا عامل التضخم المستورد (6.7 بالمئة) تكون الواردات الفعلية قد نمت بنسبة 9.3 بالمئة خلال الفترة”.

وبفعل “زيادة الطلب على الليرة، عزّز مصرف لبنان احتياطاته بمقدار 1.2 مليار دولار منذ بداية العام (معوّضاً عن الخسائر بقيمة 500 مليون دولار التي تكبدّها خلال الحرب الشاملة)، لتبلغ زهاء 11.3 مليار دولار في نهاية حزيران، وهو أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات”.

وكذلك، شهدت أسعار سندات اليوروبوندز “ارتفاعاً إلى حدود 18 سنت للدولار الواحد (مقابل 6 سنت للدولار الواحد في أواخر أيلول الماضي). إذ راهن المستثمرون المؤسساتيون بأن يفضي الخرق السياسي إلى الإفراج عن الاصلاحات وعملية إعادة هيكلة الدين التي طال انتظارها”.

وأيضاً، سجّلت الودائع بالنقد الأجنبي (الفريش) لدى المصارف “ارتفاعاً بقيمة 800 مليون دولار منذ بداية العام الحالي، إذ قفزت من 3.2 مليار دولار في بداية العام إلى 4.0 مليار دولار حالياً، بينما الانتظام الكامل للقطاع لا يزال يتطلّب إصدار القوانين المرتبطة بإعادة هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية”.

ورغم هذه الإيجابيات، يبقى عامل الثقة غائباً “والحذر لا يزال يخيّم على الاقتصاد والأسواق في ظل الضبابية السائدة”، ما يفرض تحديات أمام لبنان للعودة إلى مستويات ما قبل الأزمة، وتتمحور بحسب التقرير حول ثلاث مسائل رئيسية هي:

1- إنّ الحاجة لاستعادة الثقة تفرض صمود وقف إطلاق النار، واستعادة هيبة الدولة والجيش وحصر السلاح بيد الدولة، والعمل على إرساء أسس سلام عادل وشامل. ويبدو ذلك كشرط مسبق من أجل تأمين الحاجات التمويلية لإعادة البناء.

2- يشكّل تحدي إعادة هيكلة المصارف اختباراً رئيسياً، يرتبط بقدرة الدولة على إصدار قانون إعادة الهيكلة وقانون معالجة الفجوة المالية خلال الأشهر المقبلة، وتحديداً قبل إجراء الانتخابات النيابية في أيار 2026، إذ ستتحوّل الحكومة بعد هذا التاريخ إلى حكومة تصريف أعمال إلى حين تأليف حكومة جديدة. يجدر الذكر أنّ القطاع المصرفي اللبناني يرزح اليوم تحت ضغوط، ولا سيما جراء التراجع السنوي للسيولة الحرّة، ما يضع استدامة القطاع عموماً على المحك.

3- الحاجة للتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي. فلبنان بحاجة ماسة للدعم الدولي والذي لا يمكن تأمينه إلا من خلال الاتفاق على برنامج مع صندوق النقد. إنّ الاتفاق مع الصندوق إنّما يمثّل شرطاً أساسياً لتأمين الدعم المالي من قبل الدول المانحة، ذاك أنّ الوعود السابقة لم تترجم على أرض الواقع في ظل غياب مراقب دولي ذي مصداقية للإصلاحات المطلوبة، ألا وهو صندوق النقد.

واعتبر البنك في تقريره أنّ “هذه المسائل الثلاث تمثل متطلبات ضرورية لاستعادة الثقة من قبل المجتمعين المحلي والدولي، وتأمين الأرضية للمجاميع الاستثمارية الملحة والتي جاءت دون المستوى لفترة طويلة، وتأمين النهوض الاقتصادي المستدام في المدى المتوسط والطويل، ما يخوّل البلاد العودة إلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي ودخل الفرد الذين كانا سائدين قبيل اندلاع الأزمة في العام 2019”.

مصدرالمدن
المادة السابقةحفل توزيع الجوائز للمصارف العربية في بيروت يعيد اليها تألقها…عاصمة المؤتمرات
المقالة القادمةدبوسي في مؤتمر الذكاء الإصطناعي: طرابلس الكبرى منصة للإبداع والابتكار..