اكتشاف تركي يعيد ترتيب أوراق صناعة الغاز العالمية

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده اكتشفت أكبر حقل للغاز الطبيعي لها على الإطلاق، يتوقع أن يعيد حسابات كبار اللاعبين في السوق بسبب ظروف الإنتاج والتسويق التي خلفها كورونا.

ويحوي الحقل المكتشف في البحر الأسود احتياطات تقدر بنحو 320 مليار متر مكعب (11.3 تريليون قدم مكعبة) وربما يتم العثور على المزيد في الوقت الذي تعكف فيه البلاد على التزود بالغاز في أقرب موعد.

وإذا كان الغاز قابلا للاستخراج من الناحية التجارية، فإن الكشف قد يساعد أنقرة على الحد من اعتمادها الحالي على الواردات من دول مثل روسيا وإيران وأذربيجان، لتلبية كمية كبيرة من احتياجاتها من الطاقة.

وقال أردوغان إن “تركيا حققت أكبر كشف غاز طبيعي في تاريخها في البحر الأسود وأن الاختبارات والأعمال الهندسية في المنطقة اكتملت”، مضيفا أن “تركيا تهدف لأن تصبح مصدرا صافيا للطاقة”.

ويطرح مراقبون تساؤلات حول توقيت الإعلان عن هذا الاكتشاف في البحر الأسود، خاصة وأن السوق متخمة بالمعروض وعمالقة هذه الصناعة يعانون من مشاكل في تسويق الإنتاج، لكن البعض يربط هذا الأمر بأجندات سياسية للرئيس التركي في ظل التوتر حول عمليات التنقيب في السواحل القبرصية بالبحر المتوسط.

وتنقب تركيا عن النفط والغاز في المتوسط منذ أشهر، حيث تلقى عمليات المسح، التي تقوم بها في مياه متنازع عليها اعتراضات من اليونان وقبرص.

ومع تزايد الاستهلاك المحلي من الغاز والظروف التي يعيشها العالم من صراعات حول مكامن الغاز، قد لا تحقق تركيا طموحاتها وفق ما هو مخطط له بالنظر إلى اللاعبين الكبار في السوق وخاصة مصر التي تحتكم على أكبر احتياطيات في العالم والبالغة 30 تريليون قدم مكعبة، في حقل ظهر في البحر المتوسط.

ويأتي الإعلان التركي في الوقت الذي تقبع فيه أسعار عند أدنى مستوياتها في عدة أعوام بسبب زيادة في إنتاج الغاز المسال بالولايات المتحدة وروسيا وأستراليا.

واعتبر محللون أن ارتفاع الأسعار هذا الأسبوع لأول مرة منذ ستة أشهر في الأسواق الآسيوية يبدو ظرفيا لأنه مرتبط بالمخاوف المحيطة بإنتاج مصنع جورجون الأسترالي.

وفي تعليق عن هذا الاكتشاف، قال وزير الطاقة فاتح دونميز إن “كشف الغاز يقع على عمق 2100 متر تحت الماء، مع مد الحفر 1400 متر إضافية تحت قاع البحر”.

وأضاف “عملياتنا هنا لم تنته وسنمضي لعمق ألف متر أخرى والبيانات توضح أنه من الممكن أن نصل إلى غاز هناك أيضا”.

وبدأت سفينة التنقيب فاتح العمل في أواخر الشهر الماضي في المنطقة تونة-1، التي تبعد نحو مئة ميل بحري إلى الشمال من الساحل التركي على غرب البحر الأسود.

وتريد تركيا خفض فاتورة الطاقة السنوية، التي بلغت نحو 60 مليار دولار كمتوسط سنوي خلال السنوات الماضية وتقوم بتطوير مصادر محلية تتضمن الطاقة النووية والفحم والطاقة الشمسية والرياح.

وقال أردوغان إن “الاحتياطي فعليا جزء من مورد أكبر بكثير..سيأتي المزيد.. وكدولة تعتمد على الخارج من أجل الغاز لسنوات، نتطلع إلى المستقبل على نحو أكثر أمنا الآن… لن نتوقف حتى نصبح مصدرا صافيا للطاقة”.

وشدد على أن “الطاقة تكتسب أهمية كبيرة في تحقيق الاستقلال الوطني إلى جانب كونها عنصرا رئيسيا في التنمية”.

وسيعزز أي تقليص لفاتورة واردات الطاقة التركية، التي بلغت 41 مليار دولار العام الماضي، الأوضاع المالية للحكومة وسيساعد في تخفيف العجز المزمن في ميزان المعاملات الجارية والذي ساهم في دفع الليرة إلى مستويات قياسية متدنية مقابل الدولار.

وارتفعت الليرة منذ أبلغ أردوغان أولا مسؤولين تنفيذيين بقطاع الطاقة الأربعاء الماضي، أنه سيعلن “أنباء طيبة”، لكنها انخفضت مع إعلانه تفاصيل الكشف وتراجعت بنحو 0.4 في المئة.

وقال وزير المالية براءت البيرق من على ظهر السفينة فاتح “يمكنني القول بأريحية إننا سنزيل العجز الحالي في المعاملات الجارية من قاموس بلادنا في ظل الإمكانات الاقتصادية والاستكشافية”.

ومع ذلك، حذر محللون من أن بدء الإنتاج من أي كشف للغاز في البحر الأسود قد يستغرق 10 سنوات، وسيحتاج إلى استثمار المليارات من الدولارات لتشييد بنية تحتية للإنتاج والإمدادات.

وكان مصدر قال لوكالة رويترز إن “ثمة اكتشافا للغاز الطبيعي في البئر تونة-1 وأن الاحتياطي المتوقع 26 تريليون قدم مكعبة أو 800 مليار متر مكعب، وهو يلبي حاجات تركيا لنحو 20 عاما”.

لكنه حذر من أن بدء الإنتاج قد يستغرق من سبع إلى عشر سنوات تقريبا، وقدر التكاليف الاستثمارية بما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار.

وإذا تأكد حجم احتياطيات البحر الأسود، فسيكون كشفا مهما في ضوء أن الحقول التي تحوي بين تريليون وتريليوني قدم مكعبة غالبا ما يجري تطويرها، لكن المحللين يقولون إن تركيا قد تواجه تكاليف إضافية في البنية التحتية لكونها حديثة عهد بالسوق.

وقال جون بولوس، مدير تحرير إنرجي ربورترز، “حتى إذا كان هناك كشف حقيقي وجرى تطويره، فسيستغرق الأمر من أربع سنوات إلى ست للوصول إلى مرحلة الإنتاج”.

وتابع “الطلب على الغاز وأسعاره منخفضان انخفاضا غير مسبوق وقليلون هم من يستثمرون في إنتاج جديد،” مما قد يتسبب في شح المعروض خلال ثلاث أو أربع سنوات.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالأمن العام ذكر المواطنين بوجوب الابلاغ عن أي تلاعب بسعر صرف الدولار
المقالة القادمةكيف تحافظ على العمر الافتراضي لسيارتك؟