الأزمات المعيشية تخنق السودانيين… تضخم وانفلات الأسواق

يواجه السودانيون ارتفاعاً كبيراً في مستويات التضخم، بدد مدخراتهم وقوض موارد الاقتصاد الوطني. وما بين شهري أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول ارتفعت مستويات الأسعار خمسة أضعاف، وصعد معدل التضخم من 167 في المائة إلى 212 في المائة، مقارنة بتضخم نسبته 151 في المائة تم تسجيله في شهر يوليو/ تموز الماضي.

وقال مدير الإدارة العامة للبيانات في الجهاز المركزي للإحصاء العالم عبد الغني، إن الأمر يحتاج إلى تعديل في السياسات الحكومية ولكنه لم يتوقع انخفاض التضخم في حال استمر سعر الدولار في الارتفاع. ورهن الانخفاض بإقرار سياسات تضبط الدولار والسوق.

وتوقع في حديثه مع “العربي الجديد” ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة في حال تم رفع الدعم عن الوقود، مع حدوث ركود كبير في الأسواق، فيما مقدرة المواطن على الاستهلاك ستتراجع ببالتالي ستخرج الكثير من المصانع والتجار من السوق بسبب ارتفاع إيجار العقارات وكلفة التشغيل.

وقال إن الدولة نفسها سوف تخسر إيرادات من الضرائب والجمارك بسبب الركود والكساد مع تراجع الاستيراد والاستهلاك. بدوره، لفت الدكتور عمر محجوب المختص في الشأن الاقتصادي لـ”العربي الجديد” إلى أن ما يحدث في السودان هو “تضخم مفرط ” حيث إن الزيادة في الأسعار تجاوزت التوقعات وأصبح الجنيه بلا قيمة.

ورأى أن هذا التضخم سيكون له انعكاسات على الاقتصاد السوداني وكذا على زيادة البطالة، بسبب عجز الاقتصاد عن إيجاد فرص عمل جديدة، بينما ستنخفض الإيرادات الضريبية ما يؤثر بشدة على باب المصروفات الجارية التي لا تحتمل التأجيل. واعتبر محجوب أن الخطر الداهم سيكون انخفاض الطلب بسبب عدم القدرة على مجاراة اللأسعار في السوق وسيؤدي ذلك الى تدهور مستويات المعيشة مع هبوط قيمة العملة، ما يبدد مدخرات الناس.

أما الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز فاعتبر نسبة االتضخم عالية جداً ويطلق عليها لفظ التضخم الجامح أو الزاحف لأنه يزحف ليؤثر سلباً على كل المؤشرات الاقتصادية الأخرى. وأشار في حديث مع “العربي الجديد” أن التضخم سيدفع الناس إلى “مخازن القيمة” أي القطاعات والسلع التي لا تتأثر بالتضخم مثل الأراضي والعقارات والذهب والعملات الأجنبية القابلة للتحويل. ورأى عبد العزيز أن كسر دائرة التضخم يتطلب تدخلاً قويا من الدولة عبر تثبيت قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وتثبيت أسعار بعض السلع الأساسية. ولكن، لا يمكن للدولة أن تبادر في إجراءات كهذه إلا إذا كانت تتمتع بفائض أو احتياطي من العملات الأجنبية تتحكم به في السعر التبادلي للعملة أو تتحكم به في تكلفة استيراد السلع الأساسية.

ولفت المختص بأسواق المال فتح الرحمن في حديث مع “العربي الجديد” إلى ضرورة عودة تمويل الاستهلاك وزيادة التمويلات المصرفية لشراء السيارات والعقارات وكل البرامج الاستهلاكية الأخرى للإسهام في زيادة الطلب على الخدمات المصرفية. وأشار إلى ضرورة تطوير أدوات التدخل من جانب الدولة لإزالة التشوهات من الأسواق عن طريق مكافحة الاحتكار وتعزيز المنافسة.

 

 

مصدرالعربي الجديد-عاصم إسماعيل
المادة السابقة«وكالة الطاقة» ترصد تراجعاً ملحوظاً في مخزونات النفط العالمية
المقالة القادمةخسائر الطيران المدني العالمي مرشحة لبلوغ 77 مليار دولار في 6 أشهر