تتلاحق الأزمات في البلاد وتتقهقر المؤسسات على تنوّعها، بما يوحي بأن الأمور مُقبلة على انهيار كامل في جميع القطاعات.
فإضافة إلى أزمة المازوت التي تُهدّد المستشفيات الحكومية والخاصة بالتوقّف، تأتي أزمة صرف مستحقّات المستشفيات الحكومية والعاملين فيها إلى الواجهة، لتُضيف إلى مشاكل هذه المستشفيات المُهدّدة بالإقفال أصلاً، مشاكل إضافية، تُهدّد بحرمان مئات آلاف المواطنين، خصوصاً الفقراء منهم من الطبابة والإستشفاء.
يوم أمس، انتفض موظّفو وعمال المستشفيات الحكومية للُقمة عيشهم، ونفّذوا وقفات تضامنية للمطالبة بحقوقهم ومستحقّاتهم المتأخّرة مع الدولة اللبنانية. وفي مستشفيات الشمال الحكومية نظّم العمّال والموظّفون وقفات تضامنية أمام مداخلها للمطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم.
في مستشفى حلبا الحكومي في عكّار، إعتصم الموظفون والعاملون، تجاوباً مع الدعوة التي وجهتها الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في المستشفيات الحكومية في لبنان، للمطالبة بتحقيق المطالب المُحقةّ لهم، وبخاصة ضمّهم الى ملاك الإدارة العامة.
وتحدث حسّان الشعار باسم المعتصمين، فطالب “بإنصاف الكادر البشري في المستشفيات الحكومية عبر إعطائهم أبسط الحقوق التي طالبوا بها منذ سنوات”. أضاف: “لقد صدّقنا الدولة بكل أركانها التي وقفت وصفّقت للموظفين والعاملين الذين أثبتوا وما زالوا، أنّهم رأس حربة في مواجهة جائحة “كورونا”، وأن الجيش الأبيض سيتمّ إنصافه في هذا الوطن كما القوى العسكرية. لكننا وفجأة، استيقظنا من حلمنا الجميل على واقعنا المرير. نسأل الجميع ماذا فعلتم لموظّفي المستشفيات الحكومية في ظلّ هذه الظروف الصحية والمالية والإقتصادية السيئة؟ الجواب للأسف لا شيء”. وسأل: “أين الرواتب الشهرية بالرغم من أنها لم تعد تُذكر من حيث قيمتها الشرائية؟ أين سلسلة الرتب والرواتب وأين المستحقّات المدرسية زائد المفعول الرجعي واللائحة تطول”.
وتمنّى على جميع القوى السياسية “تبنّي اقتراح القانون المقدم من النائب الدكتور بلال عبدالله الى المجلس النيابي، تحت عنوان “إعادة ضم الموظفين في المستشفيات الحكومية الى ملاك الادارة العامة، ملاك وزارة الصحة، ويُعتبر هذا القانون خشبة خلاص لموظّفي المستشفيات الحكومية وإنهاء معاناتهم”، وطالب وزير المال بالإسراع “في تحويل المستحقات المالية عن العام 2019 التي تم تحويلها من وزارة الصحة دفعة واحدة من دون تقسيط”. كذلك طالب مجلس الوزراء باسم العاملين، “بصرف مساهمات مالية عاجلة لصالح حسابات المستشفيات الحكومية، لإنقاذها من الوضع المالي السيّئ نتيجة جائحة “كورونا” وتدهور قيمة العملة الوطنية”، مُتمنّياً على وزير الصحة “الإيعاز الى إدارات المستشفيات الحكومية التي لم تُطبّق مرسوم سلسلة الرتب والرواتب ضرورة تنفيذها من دون تأخير.
وحيّا كل العاملين في مستشفى الشهيد رفيق الحريري الحكومي في بيروت”. بدورهم، نفّذ المُمرّضون والمُمرّضات العاملون في مستشفى “أورانج ناسو” الحكومي في طرابلس، بالتزامن مع حراك مُمرّضي المستشفيات الحكومية في المناطق اللبنانية، وقفة احتجاجية مُطالبين بدفع مستحقّاتهم المالية. وناشد عضو المجلس التنفيذي في اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال شادي السيد الذي شارك في الاعتصام، وزير الصحة “ضرورة التواصل مع وزارة المالية من أجل صرف مستحقّات ممرّضي لبنان المُدافعين عن صحّة الناس والذين يواجهون الوباء في صفوف مُتقدّمة”، مُذكّراً بأنهم “بالرغم من دورهم المهمّ لم يقبضوا رواتبهم منذ ما يقارب الشهرين”.
وقال رئيس نقابة العاملين في المستشفيات الحكومية في الشمال أحمد طالب إنّ “الممرضين يعملون في أقسى الظروف ولا يتقاضون رواتبهم”، رافضاً تقسيط الرواتب. وفي السياق، أعلن عضو كتلة “المستقبل” النائب وليد البعريني عن تضامنه الكامل مع عمّال وموظفي المستشفيات الحكومية في لبنان الذين يُقدّمون الكثير في هذه المرحلة الصعبة، ولا تُقدّر جهودهم من المعنيين في الدولة اللبنانية. واعتبر أن عكّار “التي ليس فيها إلا مستشفى حكومي واحد يرعى فقراء هذه المحافظة، فإن التأخّر في تسديد مستحقاته وتسديد مستحقات العاملين والموظفين فيه، أمرٌ غاية في الخطورة، في الوقت الذي نحن بأمسّ الحاجة إلى تعزيز دور هذا المستشفى ودعمه ليلبّي حاجة الفقراء إلى الطبابة والإستشفاء. ورأى أن لا مبرر لعدم دفع مستحقات المستشفيات الحكومية والعاملين فيها، فتعطيل هذه المستشفيات هو بمثابة الحكم على الفقراء بالموت.