“الأزمة المتفاقمة” تسبق العلاجات الحكومية

مع ورم الأزمة الإقتصادية والماليّة الذي يزداد انتفاخاً وخطورة على مدار الساعة، كل يوم تأخير في بدء مرحلة العلاج له ثمنه الباهظ على اللبنانيين، الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من أن يفقدوا أبسط عناصر المناعة، أمام ما يتعرضون له يوميّاً من ضغوطات متنوعة في كل مفاصل حياتهم، يفاقمها الفلتان المريب للدولار، وبطريقة لصوصية تعتمدها “مافيا صرّافين”، محمية من “مافيا مصرفية ورسمية” يفترض انها المؤتمنة على أموال اللبنانيين، فإذا بها تؤدي دور المساهم الأول في ضرب العملة الوطنية، بما في ذلك من إثار شديدة السلبية على المواطنين، أقلها إفقادهم قدرتهم الشرائية وجعلهم فريسة لوحوش الغلاء والاحتكار.

واذا كانت الحكومة قد قدّمت نفسها بعد نيلها الثقة على أنها تتعاطى بطريقة “عدم هلع” من الأزمة الاقتصادية والمالية وانها بصدد اتخاذ اجراءات إنقاذية، الّا انّ ذلك لا يمنحها ترف الوقت، والبقاء على حافة الانتظار وتأخير المبادرات العلاجية الموعودة.

واذا كانت تنتظر وضع جدول أولويات، فإنّ الازمة سبقتها الى تحديدها، والمواطن اللبناني افترض انه من لحظة نيلها الثقة يجب عليها ان تنطلق في العمل، ومعها كل المعنيين بالوضع الاقتصادي والمالي، على إطلاق ورشة طوارىء، وخلية أزمة دائمة، تتخذ القرارات السريعة وتقرّ فوراً في مجلس الوزراء، وتقترن سريعاً بالتنفيذ:

– أولاً، ردع فلتان اللعب بالعملة الوطنية، ووقف تحكّم الصرافين بسعر الدولار.

– ثانياً، كبح موجة الغلاء الرهيب، ورفع اسعار السلع الاستهلاكية الضرورية والحياتية. قد يكون مبرراً ارتفاع رفع اسعار بعض السلع، وقد يكون مبرراً نقص بعض السلع أو فقدانها من السوق بسبب عدم القدرة على الاستيراد وتحويل الاموال، لكنّ غير المبرّر هو فلتان الاسعار الى حد انّ سلعاً زاد سعرها 30 % وسلعاً اخرى ارتفعت 100 % و150 %.

– ثالثاً، إلزام المصارف بتسهيل السحب للمودعين، واتخاذ إجراءات جدية تطمئن المودعين على مدّخراتهم، وخصوصاً في ظل الكلام المتزايد عن انّ هذه المدّخرات مهددة بالتبخّر، وحرمان المواطن من جنى العمر.

– رابعاً، إعادة النظر في السياسة المالية المتّبعة منذ سنوات طويلة، ومحاسبة المسؤولين المباشرين عن الازمة، وكذلك الذين أخفوا حقيقة ما تعانيه مالية الدولة طيلة تلك السنوات، وأوهموا السلطة السياسية بأنّ الوضع المالي مَمسوك ولا يدعو الى القلق ولا خوف على الليرة.

– خامساً، الشروع في الاصلاحات المطلوبة في كل القطاعات، على ان يشكّل ملف الكهرباء بنداً أولاً فيها، لأنّ نتائجه سريعة، وهذا الاجراء ينقذ الخرينة من ملياري دولار تهدر سنوياً على «اللاكهرباء».

– سادساً، حسم الموقف من موضوع سداد سندات اليوروبوند، وعدم التسرّع في الدفع في الموعد الاول المحدد في 9 آذار المقبل.

ومعلوم هنا أنّ لبنان يتجه الى كسب المزيد من الوقت لإجراء تفاوض مع الجهات الدائنة لإعادة جدولة الديون. وبحسب معلومات مؤكدة، انّ مسؤولين لبنانيين كباراً تلقّوا إشارات فرنسية تؤيّد تأجيل سداد السندات. وفي هذا الأمر أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمام زواره امس، انّ قرار الدولة اللبنانية في ما خَصّ سندات اليوروبند، يفترض ان يتخذ قبل نهاية الشهر الجاري».

المادة السابقةغبريل: أي هوية إقتصادية تريد الحكومة؟
المقالة القادمةسعر صرف الدّولار تخطى الـ 2500 ليرة في بعض المناطق