الأسواق تتأهب لتدخل ياباني وشيك في سوق العملات

قال وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي إن اجتماعه الأسبوع الماضي مع نظيريه الأميركي والكوري الجنوبي أرسى الأساس لتحرك طوكيو ضد التحركات المفرطة للين، وأصدر أقوى تحذير حتى الآن بشأن احتمال التدخل.

وقال سوزوكي للبرلمان يوم الثلاثاء: «لقد أعربت عن قلقي الشديد بشأن الكيفية التي يؤدي بها ضعف الين إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد. وتم تبادل وجهة نظرنا ليس فقط في اجتماع مع نظيري الكوري الجنوبي، ولكن في الاجتماع الثلاثي الذي ضم الولايات المتحدة». وأضاف: «لن أنكر أن هذه التطورات قد أرست الأساس لليابان لاتخاذ الإجراء المناسب في سوق العملة، رغم أنني لن أقول ما هو هذا الإجراء».

وجاءت التحذيرات الجديدة بعد أن ارتفع الدولار إلى 154.85 ين، وهو أقوى مستوياته مقابل العملة اليابانية منذ عام 1990، مما أبقى الأسواق في حالة تأهب شديد تحسباً لأي إشارات على تدخل طوكيو لدعم الين.

واتفقت الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية على «التشاور الوثيق» بشأن أسواق الصرف الأجنبي في أول حوار مالي ثلاثي لها الأسبوع الماضي، معترفة بمخاوف طوكيو وسول بشأن الانخفاضات الحادة الأخيرة في عملاتهما.

وعَدّ بعض المحللين هذا التحذير النادر من وزراء مالية الدول الثلاث، الذي تم إدراجه في بيان مشترك بعد اجتماعهم، على أنه موافقة غير رسمية من واشنطن على تدخل طوكيو وسيول في السوق عند الضرورة.

وقال ساتسوكي كاتاياما، المسؤول الكبير بالحزب الحاكم، إن اليابان يمكن أن تتدخل في سوق العملات في أي وقت، حيث إن انخفاضات الين الأخيرة مفرطة ولا تتماشى مع الأساسيات. وقال كاتاياما لـ«رويترز» في مقابلة يوم الاثنين، عندما سئل عن توقيت التدخل المحتمل في العملة: «لا أعتقد أن اليابان ستواجه أي انتقادات إذا تحركت الآن».

وفي حين أن ضعف الين يعزز الصادرات، فإنه أصبح يشكل صداعاً لصانعي السياسات اليابانيين؛ لأنه يؤدي إلى تضخيم تكاليف المعيشة للأسر من خلال دفع أسعار الواردات إلى الارتفاع.

وفي مؤتمر صحافي دوري في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أكد سوزوكي أن السلطات اليابانية ستعمل بشكل وثيق مع نظيراتها الأجنبية للتعامل مع التقلبات المفرطة في سوق الصرف الأجنبية.

وقال سوزوكي للصحافيين: «إننا نراقب تحركات السوق بإحساس كبير بالإلحاح»، مضيفاً أن سلطات طوكيو مستعدة لاتخاذ إجراء «دون استبعاد أي خيارات» ضد التحركات المفرطة للعملة.

وقال هيديو كومانو، كبير الاقتصاديين في معهد داي – إيتشي لأبحاث الحياة، إن صناع السياسة اليابانيين ربما يصعدون التحذيرات الشفهية قبل عطلة الأسبوع الذهبي في اليابان الأسبوع المقبل، لإبقاء المتداولين على أهبة الاستعداد بشأن فرصة التدخل.

وقال: «بغض النظر عما إذا كان سيحدث ذلك، فإن الأسواق بالتأكيد أكثر يقظة بشأن احتمال التدخل».

ويأتي الانخفاض الأخير في الين بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية الأميركية القوية، خاصة فيما يتعلق بالتضخم، التي دفعت الدولار إلى أعلى مستوياته في خمسة أشهر وعززت التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي من غير المرجح أن يكون في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة هذا العام.

وقد ركزت هذه الديناميكية اهتمام السوق على كيفية تأثير ضعف الين على توقيت رفع سعر الفائدة التالي من قبل بنك اليابان، بعد أن أشار محافظ بنك اليابان كازو أويدا الأسبوع الماضي إلى استعداد البنك المركزي لتشديد السياسة إذا أصبح تعزيز الين الضعيف للتضخم صعباً.

وفي حديثه في جلسة البرلمان يوم الثلاثاء، قال أويدا إن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة إذا تسارع اتجاه التضخم نحو هدفه البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

ومن المقرر أن يختتم بنك اليابان اجتماع السياسة يوم الجمعة. وقالت مصادر لـ«رويترز» إنه في حين تراهن الأسواق على أنه سيبقي أسعار الفائدة قصيرة الأجل دون تغيير، فإن البنك المركزي يتوقع أن يظل التضخم حول هدفه البالغ 2 في المائة للسنوات الثلاث المقبلة.

وكانت آخر مرة تدخلت فيها اليابان في سوق العملات في عام 2022، لأول مرة في سبتمبر (أيلول) ومرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) لدعم الين.

ومن جانبها، قالت الحكومة يوم الثلاثاء للشهر الثاني على التوالي إن الاقتصاد في حالة «انتعاش معتدل» رغم علامات الركود، مما يسلط الضوء على المخاوف بشأن ضعف الاستهلاك الخاص الذي يشكل أكثر من نصف الاقتصاد ويحمل مفتاح النمو.

وجاء التقرير الاقتصادي الشهري الصادر عن مكتب مجلس الوزراء في أعقاب مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الضعيفة التي تشير إلى أن أي تراجع عن النمو المنخفض الذي شهده الاقتصاد في أواخر العام الماضي سيكون بطيئاً؛ نظراً لنقص القوة في الطلب الخارجي والمحلي.

وجاء في التقرير «إن الاقتصاد الياباني يتعافى بوتيرة معتدلة، رغم أنه يبدو أنه شهد ركوداً مؤقتاً في الآونة الأخيرة». ولم يشهد التقرير أي تغييرات على التقييم الشامل لكل مكون، باستثناء آراء الشركات حول ظروف العمل، التي تتحسن، ولكنها تتأثر بتعليق الإنتاج والشحنات من قبل بعض شركات صناعة السيارات.

وبدلاً من التوقف المؤقت المحتمل لنشاط المصانع، يرى المحللون أن ضعف الاستهلاك الخاص يجب أن يكون مصدر قلق لبنك اليابان، الذي أنهى الشهر الماضي أسعار الفائدة السلبية توقعاً لدورة الأجور والتضخم الدائم.

وقال التقرير الشهري: «يبدو أن ارتفاع الاستهلاك الخاص توقف مؤقتاً»؛ في إشارة إلى مكون الناتج المحلي الإجمالي الذي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد الياباني.

وفي الأسواق، ارتفع المؤشر نيكي الياباني يوم الثلاثاء مدعوماً بارتفاع مؤشرات وول ستريت خلال الجلسة السابقة، لكن المكاسب حدتها المخاوف بشأن أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى والتوتر في الشرق الأوسط.

وأنهى المؤشر نيكي التعاملات مرتفعاً 0.3 في المائة إلى 37552.16 نقطة؛ محققاً مكاسب للجلسة الثانية على التوالي بعد تراجعه إلى أدنى مستوى في عشرة أسابيع يوم الجمعة.

وشهد التداول تقلباً في الجلسة الصباحية يوم الثلاثاء، إذ ارتفع المؤشر واحداً في المائة قبل أن يتراجع لفترة وجيزة إلى المنطقة السلبية. ثم جاءت فترة ما بعد الظهر هادئة مع تحرك المؤشر بشكل هامشي على نطاق واسع. وأغلق المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً مرتفعاً 0.14 في المائة.

وارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية الثلاثة الرئيسية يوم الاثنين مستفيدة من عودة الإقبال على المخاطرة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الأسبوع السابق.

وتراجع سهم تسلا 3.4 في المائة بعد تخفيضها الأسعار في عدد من أسواقها الرئيسية. وعملاقة صناعة السيارات الكهربائية هي واحدة مما تسمى بمجموعة العظماء السبعة، وهي مجموعة من شركات التكنولوجيا العملاقة التي ستعلن عن أرباحها هذا الأسبوع، ومنهم «ميتا وألفابت ومايكروسوفت».

وقال شوكي أوموري كبير الاستراتيجيين في مكتب اليابان في شركة ميزوهو سيكيوريتيز: «فيما يتعلق بالاتجاهات الأخيرة، يبدو أن سوق الأسهم اليابانية تتأثر بشدة بالعوامل الخارجية».

وأضاف: «هذا الأسبوع، لن يعلن العظماء السبعة عن أرباحهم فحسب، بل ستقوم الشركات الكبرى الأخرى بذلك أيضاً… أعتقد أن الأرباح ستأتي على الجانب الأضعف، وهو ما قد يدفع المؤشر نيكي للانخفاض إلى 37000 نقطة».

وارتفع المؤشر نيكي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 41087.75 نقطة الشهر الماضي، قبل أن يتراجع بشكل حاد إلى 36733.06 نقطة يوم الجمعة.

ومن بين الأسماء البارزة في قطاع الرقائق، ارتفع سهم طوكيو إلكترون 0.15 في المائة، وبدد سهم أدفانتست مكاسبه المبكرة لينخفض 0.46 في المائة. وهبط سهم ليزرتك 1.94 في المائة، وهوى سهم ديسكو 2.56 في المائة.

وشركات المرافق هي الرابح الأكبر، إذ قفز سهم أوساكا غاز 4.84 في المائة ليكون أكبر الرابحين بالنسبة المئوية على المؤشر نيكي بعد تعديل توقعات أرباحه. وصعد سهم طوكيو للغاز 2.79 في المائة.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةمن ميلانو إلى الرياض… افتتاح معهد «مارانجوني» العالمي في 2025
المقالة القادمةالأسهم الأوروبية ترتفع لأعلى مستوى في أسبوع مدعومة بقطاعي الرعاية الصحية والتكنولوجيا