الأوساط الاقتصادية تترقب بيانات سوق العمل

بينما كانت الولايات المتحدة منشغلة أمس الثلاثاء بإجازة «عيد الاستقلال» في الرابع من يوليو (تموز)، كانت الأنظار كافة مرتكزة على ترقب سلسلة متوالية من البيانات الاقتصادية الهامة، ويبقى أهمها تقرير الوظائف، والتي قد تقود تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) خلال اجتماعاته المقبلة، وأولها يومي 25 و26 الشهر الجاري.

وكان مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، الذي تم الإعلان عنه يوم الجمعة ويراقبه مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشدة، حافظ على ارتفاعه في وقت توقعات سوق العمل هي بالاتجاه نفسه. وهذا يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل تشديد السياسة ما لم تكن هناك بعض علامات التيسير.

الأسبوع الماضي، لم يستبعد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول رفع سعر الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة للجنة السياسات النقدية، موضحاً أن صانعي السياسة النقدية يتوقعون رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر هذا العام للحد من ضغوط الأسعار المستمرة، وتهدئة سوق العمل الأميركية، ومشدداً على أنه «رغم أن السياسة مشددة، فإنها قد لا تكون مشددة بما يكفي؛ ولم تكن كذلك لفترة كافية».

وقال باول إنه لن يستبعد رفع أسعار الفائدة في اجتماعات السياسة المتتالية، ما يشير إلى إمكانية أن يقدم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على رفع الفائدة عندما يجتمعون في يوليو وسبتمبر (أيلول). لكنه قال إن غالبية زملائه يعتقدون أنه ستكون هناك حاجة إلى مزيد من التشديد النقدي لكبح جماح معدل التضخم الذي يصل إلى ضعف هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

ووفقا لمؤشر «فيد ووتش» الذي يتابع الخطوات المقبلة للاحتياطي الفيدرالي في بورصة شيكاغو، يتوقع المستثمرون حالياً أن هناك فرصة بنسبة 90 في المائة تقريباً لرفع أسعار الفائدة في يوليو بمقدار 25 نقطة أساس، وهو ما يرفع معدل الفائدة العام إلى ما بين 5.25 في المائة و5.50 في المائة.

هذه التوقعات المرتفعة لم تأت من فراغ، فمع انطلاقة الأسبوع يوم الاثنين، صدرت بيانات مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي الأميركي لشهر يونيو (حزيران)، والتي كشفت انكماش نشاط القطاع للشهر الثامن على التوالي، ليصل إلى أقل مستوى له منذ أكثر من 3 سنوات، في ظل تراجع المؤشرات الفرعية للإنتاج والتوظيف وأسعار مستلزمات الإنتاج.

وأشارت «بلومبرغ» إلى بقاء المؤشر أقل من مستوى 50 نقطة الفاصلة بين النمو والانكماش «لأطول فترة متصلة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008»، حيث تراجع من 46.9 نقطة في مايو (أيار) إلى 46 نقطة في يونيو، وهو مستوى أقل ما كافة التوقعات السابقة.

وقال رئيس لجنة مسوح شركات التصنيع في معهد إدارة الإمدادات، تيموثي فيور، إن «الطلب ما زال ضعيفاً والإنتاج يتباطأ بسبب نقص الأعمال والطاقة التشغيلية للموردين».

ويدفع الكثير من المحللين إلى أن التراجع الصناعي ناجم بالأساس عن الرفع المتوالي والسريع لأسعار الفائدة منذ العام الماضي، والذي أدى إلى تأثير مزدوج بتقلص القوة الشرائية (المتحكمة في الطلب) وتراجع قدرة الشركات على الاقتراض (وهو عامل أساسي في نمو الإنتاج والتوسع).

ويأخذ المستثمرون في الاعتبار بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأميركيين في مايو، والتي تصدر الأربعاء، إذ إنها ستعد إحدى القراءات الهامة لتداعيات التضخم على الشركات والمنتجين، وتزيد الصورة اتضاحاً مع وضعها إلى جانب بيانات الإنفاق الاستهلاكي التي صدرت نهاية الشهر الماضي.

وتباطأ الإنفاق الاستهلاكي الأميركي بشدة في مايو، لكن ضغوط التضخم الأساسي التي ما زالت قوية قد تجبر مجلس الفيدرالي على مواصلة رفع أسعار الفائدة الشهر المقبل.

وقالت وزارة التجارة يوم الجمعة الماضي إن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع 0.1 في المائة في مايو. وعُدلت بيانات أبريل (نيسان) إلى 0.6 في المائة بدلا من 0.8 في المائة سابقا، لتظهر تسارع الإنفاق. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاعا 0.2 في المائة في الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي.

وتشير المكاسب الطفيفة التي تحققت الشهر قبل الماضي إلى أن الإنفاق الاستهلاكي هدأ في الربع الثاني بعد أن ارتفع بأسرع وتيرة في نحو عامين في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار). لكن الوتيرة ربما ما زالت قادرة على المساعدة في استمرار توسع الاقتصاد.

وللنظر إليه في الاعتبار، ساهم الإنفاق الاستهلاكي القوي في تحقيق نمو سنوي للاقتصاد 2.0 في المائة في الربع السابق، في تحد للمخاوف من حدوث ركود بسبب الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة التي فرضها المركزي الأميركي.

لكن على الجانب الآخر، من المتوقع على نطاق واسع أن يؤدي التراجع الصناعي إلى تراجع في سوق العمل. وتترقب الأسواق على مدار الأسبوع بداية من الأربعاء، بيانات تخص سوق العمل وطلبات إعانة البطالة، وصولا إلى تقرير الوظائف الأميركية الذي يصدر الجمعة المقبل. وهي بيانات هامة لقياس تأثيرات رفع الفائدة والتضخم على المجتمع، وتؤخذ بمزيد من الاعتبار في قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةتركيا تركز على جذب الاستثمارات الأجنبية في المرحلة المقبلة
المقالة القادمة“شنغهاي للتعاون” تدعو لإصلاح المؤسسات العالمية ومواجهة العقوبات أحادية الجانب