الإحتياطي الفيدرالي الأميركي… في حيرة من أمره

يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لبحث مصير أسعار الفائدة والنظر في مستقبل سياساته، لكن هذه المرة لا تبدو النتيجة مؤكدة كما كانت خلال الاجتماعات السابقة.

على الرغم من حديث رئيس الفيدرالي «جيروم باول» أمام الكونغرس في وقت سابق هذا الشهر، والذي بدا متشدداً للغاية بشأن التعامل مع التضخم، ورغم التوقعات السابقة برفع الفائدة، لا يوجد يقين بشأن ذلك أو حتى بشأن وتيرة الرفع إذا حدث.

يرجع ذلك بشكل أساسي إلى الضغوط الأخيرة التي تفاقمت بسرعة في القطاع المصرفي وأدت إلى انهيار 3 بنوك وظهور مشاكل في مصارف أخرى، وهو ما أثار دعوات إلى وقف تشديد السياسات لحين استقرار الأسواق.

لا شيء مؤكد

قال «جيم بيانكو» رئيس شركة الأبحاث «بيانكو ريسيرش»، إن اجتماع هذا الأسبوع هو الأكثر غموضاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2008.

منذ عهد رئيس «الفيدرالي» السابق «بن برنانكي»، يعمل مسؤولو البنك على مساعدة السوق في تقدير خطوتهم القادمة، خاصة في ما يتعلق بأسعار الفائدة، وكان هذا نمطاً متكرراً في كل الاجتماعات حيث تنبأ السوق بما سيحدث.

لكن اجتماع هذا الأسبوع مختلف نظراً للمخاوف المتعلقة بالثقة في النظام المصرفي الأميركي في أعقاب سيطرة الحكومة على بنك «سيليكون فالي»، بالإضافة إلى الاضطرابات الخارجية مثل بيع «كريدي سويس» السويسري إلى منافسه «يو بي إس». يقدر السوق احتمالات زيادة الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية نحو 73% و27% للإبقاء عليها دون تغيير، وفقاً لأداة «سي إم إي فيد ووتش».

و قال «إيان كاتز»، محلل القطاع المالي في «كابيتال ألفا بارتنرز»، إن قرار «الفيدرالي» في ظل هذه الضبابية سيُنظر إليه باعتباره «إما استسلاماً للأسواق أو الانعزال في برج عاجي عنها».

رفع أم تثبيت؟

المبرر الرئيسي لوقف مسار رفع الفائدة هو أن النظام المصرفي يتعرض لضغوط، حيث تبدو الأسواق غير مقتنعة تماماً بأن الجهود المبذولة لدعم البنوك الصغيرة والمتوسطة ستكون كافية.

قال «جان هاتزيوس»، كبير الاقتصاديين في بنك «غولدمان ساكس» في مذكرة للعملاء الإثنين، إن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يتبنون وجهة النظر القائلة إن الضغط في النظام المصرفي يظل الشاغل الأكثر إلحاحاً في الوقت الحالي.

فيما قال «وليام دادلي»، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق في نيويورك، إنه كان ليوصي بوقف مؤقت لمسار رفع الفائدة عملاً بمبدأ «لا ضرر ولا ضرار».

يرى آخرون أن التوقف المؤقت لمسار تشديد الفائدة قد يثير المزيد من المخاوف بشأن النظام المصرفي، وقال نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق «روجر فيرغسون»، إنه سينبغي تقديم مبررات قوية لهذا التوقف، والذي لا يعتقد أنه سيكون جيداً.

زيادة 0.25%

ينظر إلى زيادة معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية عند نطاق 4.75% و5%، باعتباره طريقة لإظهار الثقة، ويعكس «ثبات أيدي» صناع السياسة في ظل الضغوط دون تقلب التوقعات.

قال «ماكس كيتنر» كبير المحللين الاستراتيجيين للأصول في «إتش إس بي سي»، إنه يتعين على «الفيدرالي» أن يؤكد تمكنه من احتواء أزمة الثقة حتى الآن وأنه «يمكنه المضي قدماً في مكافحة التضخم». هناك أيضاً من يرى ببساطة أن الضغوط الأخيرة ليست سبباً كافياً للتحول بعيداً عن المسار، ويعتقدون أن انهيار البنوك (سيليكون فالي وسيجنتشر وسليفرجيت) لا تشكل مخاطر نظامية على النظام المالي والاقتصاد الأميركي.

يبرر أولئك رفع الفائدة بهذه الوتيرة (0.25%)، بالقول إن التضخم لا يزال «شديد الارتفاع» وإن الاحتياطي الفيدرالي لديه طرق أفضل للتخفيف من ضغوط القطاع المصرفي أكثر من أسعار الفائدة.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةمنظومة “البنكرجية” هرّبت الأموال وجوّعت المودعين
المقالة القادمةآليّةٌ جديدة لإعادة بناء الحدّ الأدنى من مخزون الدّواء في الصّيدليات