الإدارة الأميركية تقر بعجزها عن لجم التضخم

فيما يترقب العالم كله صدور أحدث بيانات للتضخم الأميركي، عسى أن تبرد من مخاوف صارت بمثابة «حقائق» تشير إلى أن التضخم أكثر قوة من أي تحرك لمواجهته، وتنذر بدخول الاقتصادين الأميركي والعالمي إلى مراحل «ركود تضخمي»؛ قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنه لا يمكن للإدارة الأميركية أن تفعل الكثير بمواجهة ارتفاع الأسعار، كونه يتخطى الشأن الداخلي. وقالت يلين إن الولايات المتحدة تواجه «مستويات غير مقبولة للتضخم»، وإن هناك حاجة إلى موقف ملائم على صعيد الميزانية للمساعدة في تثبيط الضغوط التضخمية دون الإضرار بالاقتصاد.

وفي تعليقات أثناء جلسة استماع في اللجنة المالية بمجلس الشيوخ الأميركي مساء الثلاثاء، حظيت بمتابعة عالمية واسعة النطاق، اختلفت يلين مع تأكيدات للجمهوريين بأن أعلى مستوى للتضخم في 40 عاما هو نتيجة لخطة الإنقاذ الأميركية للرئيس الديمقراطي جو بايدن، التي تضمنت حزمة إنفاق لتحفيز الاقتصاد بقيمة 1.9 تريليون دولار أثناء جائحة (كوفيد – 19). وقالت: «نشهد تضخما مرتفعا في كل الدول المتقدمة تقريبا حول العالم. وهي دول لديها سياسات مختلفة جدا للإنفاق العام… وعليه فإنه لا يمكن أن يكون الحال هو أن الجانب الأكبر من التضخم الذي نشهده يعكس تأثير خطة الإنقاذ الأميركية».

وأصرت يلين على أن معالجة التضخم تأتي في مقدمة أولويات بايدن، وأكدت أن الاستثمارات التي خطط لها بايدن في مشروع ميزانيته لعام 2023 لا سيما في مجال تطوير الطاقة المتجددة، ضرورية لمحاربة التضخم. وقالت إن «عناصر مشروع القانون الذي قدمه الرئيس، وبينها مبادرات الطاقة النظيفة وخطط إصلاح سوق الأدوية بموجب وصفة طبية، يمكن أن تساعد في تقليل التكاليف التي يدفعها المستهلكون الأميركيون».

ويعتمد جو بايدن على استثمارات تهدف إلى تطوير الكهرباء من مصادر متجددة، لخفض فواتير كهرباء الأسر الأميركية. كذلك، يريد خفض تكلفة الأدوية بموجب وصفة طبية. ودعت يلين أعضاء مجلس الشيوخ إلى إقرار اقتراح ميزانية الرئيس لعام 2023، مؤكدة أن «توجيهاً مناسباً للميزانية ضروري» في الولايات المتحدة للسيطرة على التضخم من دون إضعاف سوق العمل، «تضاف إلى إجراءات السياسة النقدية المتخذة من جانب الاحتياطي الفيدرالي».

وأضافت «نواجه حاليا تحديات على صعيد الاقتصاد الكلي، بما في ذلك مستويات غير مقبولة للتضخم، وأيضا التأثير السلبي المرتبط بالأعطال الناتجة عن تأثير الجائحة على سلاسل التوريد وآثار اضطرابات أسواق النفط والغذاء الناتجة عن حرب روسيا في أوكرانيا على المعروض». وقالت أيضا إن مجلس الفيدرالي لديه مسؤولية أساسية لخفض التضخم، وإنها تحترم استقلال البنك المركزي الأميركي في رسم السياسة النقدية. ومضت قائلة إنه «لتثبيط الضغوط التضخمية دون الإضرار بقوة سوق العمل، فإن هناك حاجة إلى موقف ملائم على صعيد الميزانية لتكملة إجراءات السياسة النقدية التي يتخذها الاحتياطي».

وأفادت يلين بأن المستهلكين الأميركيين سيصبحون تحت رحمة شركات النفط خلال فصل الصيف الجاري. وأضافت أنه وفقا لتحليل نشرته مؤسسة «غولدمان ساكس» فإنه من المتوقع أن يصل سعر النفط الخام إلى 135 دولارا للبرميل. وأضافت الوزيرة أنه «لا بد من الأخذ في الاعتبار الطبيعة العالمية لهذه الأسواق، فمن المستحيل بالنسبة لنا أن نفصل أنفسنا عن صدمات كتلك التي تحدث في روسيا وتحرك أسعار النفط العالمي».

وكان باحثون من مؤسسة غولدمان ساكس قد أفادوا الاثنين الماضي بأن أسعار خام النفط برنت قد تصل إلى 135 دولارا للبرميل خلال الصيف الجاري، بعد أن كان 120 دولارا، وهو ما سيدفع بأسعار الوقود إلى مستويات أعلى.
وقالت يلين إن «من المستحيل فعليا» أن تعزل الولايات المتحدة نفسها عن صدمات سوق النفط، مثل تلك التي نتجت عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتالي فإن من المهم التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. وأبلغت لجنة المالية بمجلس الشيوخ أن منتجي النفط الأميركيين فشلوا في توقع تعافي الطلب والأسعار في أعقاب جائحة (كوفيد – 19) لكنهم الآن لديهم حوافز لزيادة الإنتاج.

ونوهت يلين إلى أن قرار إدارة الرئيس بايدن بالإفراج عن مليون برميل من النفط من الاحتياطي النفطي الأميركي يوميا كان له أثره على الأسعار، غير أن الإدارة لا يمكنها تجاوز الاتجاهات العالمية. وأبلغت المشرعين بأن الكونغرس لديه أدوات لتخفيف أعباء التكلفة التي تمر بها الأسر الأميركية جراء ارتفاع الأسعار.

كما قالت إن الولايات المتحدة منخرطة في مناقشات «نشطة للغاية» مع الدول الأوروبية بهدف تقييد الإيرادات التي يمكن لروسيا أن تجنيها من بيع النفط. وأبلغت لجنة المالية أن مسؤولين أميركيين حريصون على الإبقاء على تدفق النفط الروسي إلى السوق العالمي لدفع الأسعار للانخفاض وتفادي زيادة حادة قد تتسبب في ركود عالمي… وقالت «لكن بالتأكيد الهدف هو تقييد الدخل الذاهب إلى روسيا»، مضيفة أنه توجد وسائل مختلفة لتحقيق ذلك من بينها تحرك محتمل للمشترين للتكاتف معا ووضع سقف للأسعار التي يدفعونها لموسكو.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقة«التعاون والتنمية» تتوقع «سنة قاتمة» حبلى بـ«التضخم»
المقالة القادمةارتفاع أرباح البنوك الخليجية إلى 11 مليار دولار