الإستثمار الأجنبي المباشر: أميركا الأولى عالمياً… والإمارات الأولى عربياً

تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم في عام 2022، بعد تعافٍ قوي في العام السابق له. وكشف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» في تقريره السنوي، أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تأثرت سلباً بالأزمات العالمية المتداخلة في العام الماضي، وسط مخاوف مستمرّة هذا العام.

انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم بنسبة 12% في عام 2022، لتصل إلى 1.3 تريليون دولار، بعد صعود تجاوز 53% في 2021. وقادت الاقتصادات المتقدّمة الهبوط في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث انخفضت التدفّقات الوافدة بنحو 37% لتصل إلى 378 مليار دولار.

بينما صعدت التدفّقات إلى البلدان النامية بنسبة 4% إلى 916 مليار دولار في العام الماضي، لتحصد حصة تتجاوز 70% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، وهو مستوى قياسي جديد. لكن التدفّقات الوافدة إلى الاقتصادات النامية جاءت بشكل غير متساوٍ، حيث جذب عدد قليل من البلدان الناشئة الكبيرة معظم الاستثمارات، بينما انخفضت التدفّقات إلى الدول الناشئة الصغرى. وحصلت البلدان الناشئة الأقل نمواً أو ما تُعرف بـ»LDCs» على استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 22 مليار دولار في 2022، بهبوط 16% مقارنة بمستويات 2021. وتأثرت تدفّقات الاستثمار إلى أفقر البلدان بالأزمات المتعدّدة في الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى الضائقة المالية ومستويات الديون المرتفعة، لتمثل هذه البلدان نحو 2% فحسب من الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً. وتضرّرت الاستثمارات الأجنبية المباشرة من الأزمات العالمية المتلاحقة، مثل الحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وصعود مستويات الدين العالمي.

كما انخفضت قيمة صفقات تمويل المشروعات الدولية بنسبة 25% في 2022، وتراجعت صفقات الدمج والاستحواذ 4% في الفترة نفسها. وجاء تراجع تمويل المشروعات الدولية وعمليات الاستحواذ والاندماج عبر الحدود مع تشدّد الظروف المالية وارتفاع معدلات الفائدة وعدم اليقين في أسواق رأس المال.

الدول الأكثر إستقبالاً للإستثمارات

حلّت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى في قائمة أكثر الدول استقبالاً للاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2022، رغم هبوط قيمة التدفّقات الوافدة بنحو 26%. وتأثرت التدفّقات الوافدة للولايات المتحدة سلباً بتراجع صفقات الدمج والاستحواذ عبر الحدود بنحو 50%، حيث إنها تمثل حصة كبيرة من إجمالي الاستثمارات المباشرة.

وجاءت الصين في المركز الثاني بعد أن استقبلت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 189 مليار دولار في 2022، مقابل181 مليار دولار في 2021. وحلّت دول سنغافورة وهونغ كونغ والبرازيل في المراكز من الثالث إلى الخامس، بينما جاءت أستراليا في المرتبة السادسة بعد قفزة 195% في الاستثمارات الأجنبية الوافدة.

الإمارات تتصدّر عربياً

وفي ما يتعلق بالدول العربية، حلّت الإمارات في صدارة الدول المتلقّية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2022، بعد أن جذبت 22.7 مليار دولار، وبارتفاع 10% عن العام السابق له. وجاءت مصر في المركز الثاني عربياً بتلقي استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 11.4 مليار دولار، بصعود 120% على أساس سنوي. بينما حلت السعودية في المرتبة الثالثة عربياً بـ7.9 مليارات دولار، مقابل 19.3 مليار دولار في عام 2021.

الصناعات والقطاعات

شهدت الصناعات التي تعاني تحديات متعلقة بسلاسل التوريد، مثل الإلكترونيات وأشباه الموصلات والسيارات والآلات زيادة في المشروعات المعلنة. وكانت ثلاثة من أكبر خمسة مشاريع استثمارية معلنة في قطاع أشباه الموصلات، في إطار التعامل مع النقص العالمي من الرقائق. بينما تباطأ الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الرقمي بعد القفزة الملحوظة المسجلة في عامي 2021 و2020.

استمرّ نموّ الاستثمار العالمي في توليد الطاقة المتجددة، ما يشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكن بمعدل أبطأ بلغ 8% مقابل 50% في 2021. لكن المشاريع المعلنة في تصنيع البطاريات ارتفعت بنحو 3 أمثال لتصل إلى أكثر من 100 مليار دولار في 2022. وباعت شركات النفط الكبرى أصول الوقود الأحفوري بشكل تدريجي بمعدل بلغ 15 مليار دولار سنوياً، وتمّ معظم عمليات البيع لشركات الأسهم الخاصة غير المدرجة في السوق، ومشغلين أصغر لديهم متطلبات إفصاح أقل.

فجوات الطاقة المتجدّدة والتنمية المستدامة

رغم حاجة الدول النامية إلى استثمارات في الطاقة المتجدّدة بنحو 1.7 تريليون دولار سنوياً، فإنها جذبت استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 544 مليار دولار فحسب في 2022. وفي حين ارتفعت الاستثمارات في الطاقة المتجددة بنحو 3 أمثال منذ عام 2015، فإن معظم الأموال توجهت إلى الدول المتقدمة. وأوضح التقرير أن أكثر من 30 دولة نامية لم تشهد حتى الآن أي مشروع استثمار دولي كبير في مصادر الطاقة المتجددة. وعلى جانب آخر، اتّسعت الفجوة السنوية للاستثمارات والتي تواجهها الدول النامية، مع مساعي الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

وارتفعت الفجوة إلى نحو 4 تريليونات دولار سنوياً، مقابل 2.5 تريليون دولار حينما تم تبني أهداف التنمية المستدامة في عام 2015، مع الاستثمار غير الكافي والاحتياجات الإضافية. وتشكّل احتياجات الاستثمار في الطاقة في الدول النامية والتي تُقدّر بنحو 2.2 تريليون دولار سنوياً أكثر من نصف هذه الفجوة.

إلى أين نتجه في 2023

لا تزال البيئة العالمية للأعمال الدولية والاستثمارات عبر الحدود صعبة في 2023. وعلى الرغم من أن الرياح المعاكسة الاقتصادية التي شكلت اتجاهات الاستثمار في عام 2022 قد هدأت إلى حد ما، فإنها لم تختف بشكل كامل. ولا تزال التوترات الجيوسياسية مرتفعة، كما أدت الاضطرابات الأخيرة في القطاع المالي إلى زيادة حالة عدم اليقين لدى المستثمرين.

تتوقع «الأونكتاد» استمرار الضغط الهابط على الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في 2023.

وأظهرت المؤشرات المبكرة للربع الأول من 2023 اتجاهات ضعيفة في تمويل المشاريع الدولية وعمليات الاندماج والاستحواذ.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةسلامة يحذّر من المساس بـ”صيرفة” ويهوِّل بـ”كارثة” وانهيارات إضافية!
المقالة القادمةنائب حاكم مصرف لبنان: نرفض بقاء منصّة صيرفة بآليّتها الحالية