تتزاحم التعاميم لدولرة ما تبقى من معاملات تحتسب وفق سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، مبشّرةً بأعباء أكبر على المصنّع المحلي أولاً وعلى المواطن اللبناني الذي يتضاءل راتبه مع استمرار ارتفاع الأسعار وانهيار الليرة التي وصل سعر صرفها أمس أمام الدولار الى 33500 ليرة لبنانية والآتي أعظم. وعلى سيرة البيانات، أصدرت إدارة واستثمار مرفأ بيروت تعميماً الى جميع المتعاملين مع المرفأ تمّ فيه تعديل آلية استيفاء المبالغ بالدولار الأميركي النقدي اعتباراً من 16/8/2022 وتتضمن كلفة الرسوم والبدلات المتوجبة على جميع المتعاملين مع مرفأ بيروت من تجار ووكلاء بحريين ومخلصين جمركيين بالدولار الأميركي النقدي حصراً.
وفي المقلب الآخر، وضعت طبخة إقرار الدولار الجمركي على نار حامية، إذ باتت مسألة ملحّة للتمكن من تأمين الواردات للايفاء برفع رواتب القطاع العام، وبذلك يحصل الموظفون على الزيادة بيد وينفقونها بيد أخرى على وقع “التضخم” المتفاقم لدرجة أنهم لن يدركوا عندها أسباب زيادة الأسعار، أكان نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة أو دولرة الرسوم أم رفع الدولار الجمركي الذي تمّ التوافق عليه في اجتماع السراي في حضور الوزراء على أن يبدأ مشواره من سعر 20 ألف ليرة لبنانية، مع رمي كرة التسعيرة من رئاسة الحكومة الى “وزير المال بعد استطلاع رأي مصرف لبنان”، كما جاء في الكتاب الموجّه من رئاسة مجلس الوزراء الى وزير المالية.
مقابل تلك المشهدية، تأتي المواسم الزراعية والتي تدرّ العملة الصعبة على المزارعين الذين كانوا يئنون من قلة المازوت العام الماضي، وعدم القدرة على تبريد مخزون التفاح على سبيل المثال الذي يحين قطافه في أيلول لتزيد وضعهم سوءاً. ويقول عضو لجنة الزراعة والسياحة النائب شوقي الدكاش لـ”نداء الوطن” حول زيادة الدولار الجمركي إن “هذا الأمر لا بدّ منه ولكن تدريجياً، من 1500 الى 7000 ليرة لبنانية ثم 12000 ليرة… ولا يتمّ رفعه دفعةً واحدةً الى 20 ألف ليرة لأنه سيترك تداعيات على المزارع والمصدّر من خلال زيادة أسعار الـTVA”.
وحول تأثير هذا الأمر على حركة التصدير، قال الدكّاش: “من كان يستورد مواد لتصنيعها محلياً بهدف إعادة تصديرها كان يسدد الضريبة على القيمة المضافة للمواد التي يدخلها الى لبنان وفق سعر الصرف الرسمي وحتى أنه لم يكن يستوفيها منذ عامين لأن كلفتها منخفضة. أما اليوم فإذا أقرّ الدولار الجمركي وفق تسعيرة الـ20 ألف ليرة للدولار، فسيكون الرسم مرتفعاً ولن يستطيع المستورد تحصيلها بالكامل بعد إعادة التصدير بل قد يحصّل ربعها فقط”.
وفي الشقّ المتعلّق بدولرة المعاملات الجمركية ورسوم مرفأ بيروت، اعتبر الدكّاش أن “من شأنها أن تثقل كاهل المزارع والصناعي خصوصاً وتضرب الإقتصاد عموماً”.
وتأتي كل تلك الأعباء، تزامناً مع مواجهة المزارع غلاء في أسعار الأسمدة التي ارتفعت بسبب الحرب الأوكرانية، وارتفاع كلفة الشحن فضلاً عن فواتير المازوت الباهظة الثمن. من هنا سيكون وقع صعوبة التصدير كبيراً على المزارع الذي لن يستطيع أن يحقّق ربحاً من السوق المحلية مقابل التكلفة التي يتكبّدها.
وفي ظلّ تلك المعوّقات، يواجه المصدّر اللبناني الى الخارج مشكلات من نوع آخر عدّدها الدكّاش كالتالي:
“- يتوجّب على المصدّر اللبناني الى العراق، تسديد رسم مرور في سوريا عن كل برّاد بقيمة نحو 1300 دولار أميركي، وعندما تصل البضاعة الى العراق (البلد المقصود) يتم إفراغ البراد على الحدود ويتكبّد المصدّر كلفة نقل ورسوم إضافية.
– أما تصدير التفّاح الى الأردن، فوفقاً للروزنامة الزراعية لا يمكن التصدير قبل شهر تشرين، ما يتوجب على المزارع تخزين المحصول في برادات وتكبّد تكاليف التبريد، علماً أنّ مطالبة اللجنة الزراعية وزارة الطاقة توفير الدعم للمازوت لتخفيف كلفة التبريد على المزارع لم تأتِ بأي نتيجة.
– وتبقى السوق المصرية الوحيدة التي يمكن الإعتماد عليها إلا أن ارتفاع سعر الجنيه بدوره جعل الأكلاف على المزارع أو المصدّر أعلى من السابق”.