يستكمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان “مهمّته اللبنانية” بحثاً عما يمكن فعله لتأمين التواصل بين جميع الأفرقاء اللبنانيين، إن عبر الحوار أو غيره من أجل التوصّل إلى انتخاب رئيس، ولمعرفة الأسباب التي تجعل من الحوار بهذه الدرجة من الاستحالة… بحسب ما أفاد مصدر من المجتمعين مع لودريان في السراي اليوم “المركزية”.
لكن في موازاة الملف الرئاسي، طرح لودريان ملف الإصلاحات على طاولة مباحثاته مع المسؤولين، والذي لا يقلّ أهمية عن الملف الأوّل كممرّ آمن للنهوض بالاقتصاد اللبناني، وترجمة لمطلب دولي مشروط للحصول على الدعم المالي…
هذا المطلب يشكّل أولوية شروط صندوق النقد الدولي الواردة في الاتفاق الأوّلي مع الحكومة اللبنانية، لكن الأخيرة حتى الآن، لم تلمس تلك الإصلاحات بطرف أهدابها… والسبب “غياب القرار السياسي”ّ.
نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي سيتابع هذا الملف خلال اجتماعه مع وفد صندوق النقد الدولي الذي بدأ زيارته إلى لبنان والممتدة على ثلاثة أو أربعة أيام، لتظهير مفاعيل جولته على المسؤولين ونتيجة المباحثات التي أجراها معهم والتي خصّصها في اجتماعاته المغلقة.
وعشية اللقاء، يقول الشامي لـ”المركزية” إن مباحثات وفد الصندوق تتمحور حول تطورات الملف اللبناني لا سيما لجهة الإصلاحات التي سبق وطالب بها الحكومة اللبنانية…
وعما سيكون ردّ الجانب اللبناني في اجتماع الغد على سؤال وفد الصندوق عن الإصلاحات، فيقول “سنقرّ أمامهم بحقيقة الأمر، في حين أن الجواب أصبح معروفاً لدى الوفد وهو أن الإصلاحات لم تنطلق بعد، كما أنه على بيّنة من الوضع القائم في البلاد”.
البلاد تنهار فماذا تنتظر صفارة الانطلاق بالإصلاحات الملحّة؟ يُجيب الشامي: السؤال مهم للغاية، لكن من الأفضل طرحه على “السياسيين” وليس على “الإصلاحيين” الذين يحاولون جاهدين القيام بالإصلاحات الضروريّة.
إصلاح القطاع العام…
أما عن أفضلية البدء بإصلاح القطاع العام وترشيده قبل الحديث عن إصلاح القطاع المصرفي، كون الأوّل أثقل كاهل الدولة وخزينتها وأرهق ماليّتها، فيعتبر الشامي أن “الحديث عن ضرورة البدء بإصلاح القطاع العام هو بمثابة ذريعة لتجنّب المضي في الإصلاحات الأخرى…”.
ويُضيف: بالطبع إن القطاع العام يلزمه إصلاح لكن ذلك لا يحصل بين ليلةٍ وضحاها، إذ لا يمكن إلقاء موظفي القطاع العام في الشارع… هناك نقاط تتطلب دراسة ممحّصة وعناية، ووقتاً لدرس تفاصيلها وآليّتها.
ويوضح في السياق، أن “الإدارات العامة لا تحتوي على تخمة من الموظفين كما يظنّ كثيرون، بل العدد الكبير موجود في الأسلاك العسكرية، كذلك هناك فائض في القطاع التربوي… إنما كإدارة عامة لا يوجد أي فائض في عدد الموظفين.
وعن سبب عدم المباشرة حتى اليوم بمعالجة هذا الفائض في حين أن الوقت لا يصبّ في صالح البلد، يقول الشامي: لقد أعدّ مجلس الخدمة المدنيّة خطة في هذا الإطار وجمَع المعلومات المطلوبة وغيرها، وسنبدأ البحث عن كيفية إصلاح القطاع العام. وهناك أيضاً مشروع أعددناه مع البنك الدولي، وغيره من المشاريع… فالنتائج لن تظهر فجأة.
التدقيق في 14 مصرفاً؟
وعن سبب التأخّر في تكليف شركة عالمية للتدقيق في ميزانيات أكبر 14 مصرفاً كما يشترط صندوق النقد، لتقييم موجوداتها وتظهير نتائج التدقيق، يؤكد الشامي أن الموضوع “وُضِع على السكّة ويُفترض إطلاقه قريباً”، لكنه يُلفت إلى أن “مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف هما المولجان بهذا الملف، ولا علاقة للحكومة به”.
ولم يغفل الإشارة في هذا السياق، إلى “تردّد شركات التدقيق العالمية في الدخول إلى لبنان، الأمر الذي يسبّب بتأخير إنجاز الملف”.