تسارعت في الأيام القليلةِ الماضية وتيرة التطوراتِ الإقتصادية والمالية على ضوءِ استفحالِ الأزمةِ وتجدد الحديث عن إمكان حصول تطورات سلبيّة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، أي على ضوء التأخير في ولوج باب الإصلاحات، وثانياً على ضوء تأخّر تحرير قروض “سيدر 1” واستثمارها في مشاريع البنى التحتيّة، إضافة إلى استمرار الضغوط من قبل مؤسسات التصنيف الدولية على لبنان.
أمام كل ما تقدّم كان البارز في الأيام القليلة الماضية، إنعقاد القمة الإقتصادية الوطنية في قصر بعبدا، واعلان حال طوارئ اقتصادية، ثم زيارة “ناظر” مؤتمر “سيدر 1” الفرنسي بيار دوكان إلى لبنان، وإطلاقه تحضيرات جديّة بخصوص مستقبل الوضعين المالي والإقتصادي في حال استمرار لبنان في تأخير عمليات الإصلاحات. أضف إلى كل ما تقدّم إلتزام جميع القوى السياسية بالخطة الاقتصادية التي أقرّت في قصر بعبدا.
وبالعودة إلى بعض المؤشرات الصّادرة خلال هذا الأسبوع كان البارز منها ما ذكره التقرير الإقتصادي الصادر عن مجموعة “بنك الإعتماد اللبناني” الذي أشار إلى ارتفاع في الموجودات الخارجية لمصرف لبنان، بمبلغ قدره 1.43 مليار دولار خلال النصف الثاني من شهر آب 2019 إلى 38.68 مليار دولار، من 37.25 ملياراً في النصف الأول من شهر آب. تأتي هذه الزيادة نتيجة الهندسة المالية الأخيرة بين مصرف لبنان والمصارف اللبنانية، والتي ترمي إلى استقطاب ودائع غير المقيمين بفوائد مغرية بغية تعزيز السيولة بالعملة الأجنبية لدى القطاع كما وتحسين ميزان المدفوعات.
أما على صعيد سنوي، فقد انكمشت قيمة الموجودات الخارجية لمصرف لبنان بنسبة 11.21 % (4.89 مليار دولار)، مقارنة بالمستوى التي كانت عليه في نهاية شهر آب 2018 والبالغ حينها 43.56 مليار دولار.
من جهة ثانية أشارت إحصاءات مصرف لبنان إلى ارتفاع متوسط الفائدة على الودائع المعنونة بالليرة اللبنانية إلى 8.81 % خلال شهر تموز 2019، من 8.80 % في الشهر الذي سبقه و 6.94 % في شهر تموز من العام 2018 الماضي. كذلك ازداد متوسط الفائدة على الودائع بالدولار الأميركي إلى 6.01 % في شهر تمّوز 2019، من 5.84 % في حزيران، و 4.14 % في الشهر السابع من العام 2018. وقد تطوّر متوسّط الفائدة على التسليفات المعنونة بالليرة اللبنانية إلى 11.13 % في شهر تمّوز 2019، ترافقاً مع ارتفاع متوسّط الفائدة على التسليفات المعنونة بالدّولار الأميركي إلى 9.90 %.
وتظهر إحصاءات البنك المركزي إرتفاعاً بنسبة 3.89 % في الميزانية المجمّعة للمصارف التجارية العاملة في لبنان خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري إلى 259.18 مليار دولار، مقابل 249.42 مليار دولار في نهاية العام السّابق. أمّا على صعيد سنوي، فقد ازدات موجودات القطاع المصرفي المقيم بنسبة 9.68 %، مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في شهر تموز 2018، والبالغ حينها 236.31 مليار دولار.
هذا وكان “ناظر” مؤتمر “سيدر 1” بيار دوكان الذي زار بيروت مطلع هذا الأسبوع قد عقد مؤتمراً صحفياً تحدّث فيه عن نتائج زيارته إلى لبنان ولقائه مع المسؤولين، وشدد خلاله على ضرورة العمل على مجموعة من الإصلاحات والإجراءات، وقال دوكان إن الوضع الإقتصادي الملحّ في لبنان مفهوم وواضح، وحذّر من خطورة المرحلة داعياً الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات إصلاحيّة فوريّة تنقذ الوضع الإقتصادي والمالي، وتتيح للبنان الإستفادة من قروض “سيدر 1″، داعياً إلى معالجة جديّة لعجز الكهرباء وإلى معالجة عجز الموازنة ومحاربة الفساد.
من جهتها أكّدت وكالة “ستاندرد أند بورز” أن احتياطات لبنان كافية لتغطية احتياجاته من الإقتراض على مدى 12 شهراً، وأشارت إلى أنها ترى مخاطر بسبب تسارع وتيرة السّحب من الإحتياطات ممّا سيشكّل اختباراً لربط العملة.
وقالت الوكالة إن هناك تقديرات لانخفاض احتياطات لبنان القابلة للإستخدام إلى 19.2 مليار دولار بحلول نهاية عام 2019، من 25.5 مليار دولار بنهاية 2018.