الإنهيار يتسارع والعوض الوحيد… تحويلات المغتربين

بعد نحو سنة وثمانية أشهر على انفجار الأزمة النقدية، يظهر أن عناصر تفقير الشعب اللبناني اكتملت. “قشة” الإستهلاك من آخر المدخرات وأموال المغتربين التي ما زالت تغطي “عورة” الفقر، ستسقط مطلع أيلول القادم مع عصف رياح ارتفاع الأسعار، وسكون “ثلج” الإصلاحات.  في لبنان فان الليرة فقدت لغاية الآن 89.8 في المئة من قيمتها، وهذه النسبة مرشحة للإرتفاع إلى معدلات لا يصدقها العقل في حال وصل سعر الصرف إلى 999 ألف ليرة كما يتوقع الخبراء.

بعد نحو ثلاثة أشهر من اليوم تبدأ عملية التحضير لموسم الشتاء مع ما ستحمله من أعباء. معظم المدارس الخاصة التي تضم بحسب إحصاءات الدولية للمعلومات “727 ألف تلميذ من أصل مليون تلميذ في مختلف المراحل التعليمية، وبنسبة تصل إلى 68 في المئة”، ستفرض بحسب مدراء أحد المدارس “زيادة على الأقساط تتراوح بين 10 و30 في المئة”. وهي ستعمد حكماً إلى “رفع أكلاف النقل بمقدار الضعف عن العام 2019، نظراً لارتفاع سعر المازوت من 17900 ليرة إلى أكثر من 31 ألف ليرة حالياً”. نسبة المستشفيات التي لن تقبل إلا الدفع نقداً بالدولار أو بحسب سعر السوق الموازي سترتفع من 16.3 في المئة اليوم إلى نسب أعلى بكثير قد تتجاوز 50 في المئة بعد أشهر قليلة، خصوصاً في ظل ارتفاع سعر الصرف واستيراد المعدات الطبية على سعر السوق. أعداد المصروفين من العمل تحت سن التقاعد ستتخطى بأضعاف الأعداد المسجلة رسمياً في العام 2020، والتي بلغت بحسب الإحصاءات 50 ألف شخص. متوسط تعويضات نهاية الخدمة من الضمان الإجتماعي الذي يبلغ 30 مليون ليرة، لم تعد تساوي أكثر من 2000 دولار أميركي بأسعار يومنا الحاضر، وهي مرشحة للإنخفاض أكثر مع كل ارتفاع في سعر الصرف. أبناء المناطق الجبلية سيواجهون صعوبة في تأمين أكلاف التدفئة. فالمازوت سيكون مقطوعاً في حال استمرار الدعم، وإن رشّد فسيتجاوز سعر البرميل الـ 300 ألف ليرة بأشواط، كما أن سعر الحطب ارتفع بمقدار الضعف أو حتى أكثر عن العام 2019.

مقابل هذه الأرقام يظهر أن العوائد المالية التي اعتمد عليها قسم كبير من اللبنانيين في الفترة الماضية قد تراجعت بشكل ملحوظ. فصحيح أن التعميم 158 سيسدد لغاية 50 ألف دولار مناصفة بين الدولار والليرة اللبنانية على سعر 12 ألفاً، إلا أنه “سينشف”، بعد فترة تبدأ بالأشهر وتصل إلى 5 سنوات، حسابات حوالى 70 في المئة من المودعين. كما وأن قسماً كبيراً من المواطنين استنزف كامل مدخراته وتعويضات صرفه من الخدمة في الفترة الماضية نتيجة الإرتفاع الهائل بالأسعار. ولن تبقى إلا تحويلات المغتربين التي زادت بشكل كبير”، من وجهة نظر شمس الدين، “فبعيداً من إحصاءات شركات تحويل الأموال التي تسجل انخفاضاً في متوسط قيمة الحوالة قياساً إلى الفترات السابقة.

وفي ما خص البطاقة التمويلية، التي من المفترض أن تشكل سنداً لثلاثة أرباع العائلات اللبنانية (750 ألف عائلة)، وتمدهم شهرياً بنحو 137 دولاراً، فيظهر من أجواء اللجنة المنبثقة عن اللجان المشتركة الموكلة درسها أنها لن تبصر النور قريباً. وهي تثير المخاوف عند قطاعات الأعمال من تأثيرها السلبي على الإقتصاد، بالمقارنة مع دورها المحدود في محاربة الفقر والعوز.

إنهيار القدرة الشرائية للمواطنين يترافق مع فقدان الإقتصاد بشكل عام مقومات نموه ورفاهه. الأمر الذي سينعكس تراجعاً في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية ومزيداً من صرف العمال والموظفين في القادم من الأيام.