الاستثمارات المطعمية تحرّك القطاع العقاري

يغيب القطاع العقاري عن الدورة الاقتصادية في ظل غيابٍ شبه تام لأي مشاريع عمرانية جديدة. صحيح انّ اسباب ذلك باتت معروفة ومبررة، إنما اللافت انّ القطاع المطعمي خلقَ حركة عقارية. فكيف ذلك؟

بعد الهجمة اللافتة التي شهدها القطاع العقاري اللبناني إبّان الأزمة المالية عام 2019، والتي كان الهدف منها إخراج الاموال العالقة في المصارف، يسيطر اليوم الجمود على القطاع، فمذّاك لا استثمارات ولا مشاريع جديدة والحركة تتركّز على عقارات موجودة ومبنية منذ ما قبل الأزمة، أي بمعنى آخر «من الموجود جود».

لكن الحركة اللافتة على مستوى القطاع المطعمي اللبناني، والتي تتفوّق على ما عداها من قطاعات سياحية واقتصادية، دفعت المستثمرين الى البحث عن محلات لاستخدامها وتحويلها الى مطاعم مستفيدين من النمو والاستقطاب اللافت الذي يسجله هذا القطاع.

في السياق، كشف الخبير العقاري رجا مكارم لـ»الجمهورية» انه «بعد ازدهار قطاع المطاعم، لوحظ ازدياد الطلب على استئجار المحلات التجارية، وقد جرى استخدام غالبيتها كمطاعم ومَقاه»، لافتاً الى انه بعد إقدام المصارف على اقفال عدد كبير من فروعها في غالبية المناطق كنوع من سياسة تخفيض اكلافها التشغيلية، وعرض هذه الاماكن للبيع او للايجار، لاحظنا انّ غالبيتها استُثمِر في القطاع المطعمي والمقاهي والملاهي، الى جانب اعادة تأهيل بعض المحلات القديمة الموجودة وتحويلها الى مطاعم. وقد شهدنا هذه الحركة خصوصا في شارع مونو والجميزة.

الشقق السكنية

اما عن الشقق السكنية، فقد كشف مكارم انّ اسعارها لم تعد بعد الى ما كانت عليه قبل الأزمة، بحيث ان بعض الشقق الواقعة في ابنية فخمة في بيروت مُطلّة على البحر بيعَت مؤخراً بنحو 70% الى 75% من سعرها الذي كان معمولاً به قبل الأزمة، بعدما كانت تُباع بما بين 50 الى 60% من قيمتها السابقة إبّان الازمة، لكن هذا النوع من الشقق محدود جداً.

وأكد مكاري ان لا مخزون جديداً للشقق، لأنّ المشاريع العقارية متوقفة منذ سنوات، والمخزون القديم بيع إبّان الأزمة، والحركة التي حصلت هي في غالبيتها عمليات اعادة بيع من اشخاص يسعون الى تحسين وضعهم المادي، فيبيعون الشقق للحصول على الفريش. ووصف هذه الحركة بالمحدودة والخجولة، لافتاً الى انها انصَبّت خصوصا على الشقق الفخمة، فيما بقي الطلب على الشقق المتوسطة على حاله.

وكشف مكارم عن حصول بعض العمليات المحدودة لبيع اراضٍ في بيروت بأسعار أعلى من المتوقع تراوحت ما بين 8 و 9 ملايين دولار.

وردا على سؤال، أكد ان بيوعات الاراضي هذه لا تدل مطلقاً على انّ هناك مشاريع عقارية قيد التطوير، إنما هي استثمارات تعود للبنانيين يعملون في افريقيا، وبما انه لا يمكنهم ادخال الاموال الى القطاع المصرفي، فقد عمدوا الى شراء اراض فيها على شكل cash property، مؤكداً انه في ظل الاوضاع السائدة لا مشاريع عقارية جديدة لأسباب عدة ابرزها أن ليس هناك شُراة وسط استمرار غياب القروض المصرفية، عدا عن انّ المطوّر العقاري ما عاد قادراً على البيع المُسبَق على الخريطة او بناء على قروض مصرفية لتمويل مشروعه العقاري كما كان يفعل سابقاً.

بيوعات عقارية لأجانب؟

من جهة أخرى، كشف تقرير للشؤون العقارية صدر في التقرير الاسبوعي لبنك الاعتماد اللبناني انّ حصّة الأجانب من عمليّات المبيعات العقاريّة واصَلت تحسّنها لتصل إلى 2.12% خلال الأشهر الاربعة الأولى من العام 2024، من 1.87% في نهاية العام 2023 و1.04% في نهاية العام 2022، ما قد يشير إلى تزايد الإهتمام الأجنبي بالقطاع العقاري اللبناني، فما صحة هذه الترجيحات؟

في السياق، أكد مكارم ان لا مبيعات عقارية لأجانب حصلت، امّا ما يذكره التقرير فيعود على الاغلب الى صفقات بيع سابقة، حالَ إقفال الدوائر العقارية دون تسجيلها في حينه، وقد ظهرت راهناً.

المبيعات العقارية

واشار التقرير الى انّ قيمة معاملات البيع العقاريّة في لبنان بلغت 52.71 تريليون ليرة في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 مقابل 1.59 تريليون ليرة في الفترة نفسها من العام 2023.

وتراجعت حركة القطاع العقاري في الشهر الرابع من العام 2024، حيث انخفض عدد معاملات المبيع العقاريّة بنسبة 17.93% على أساسٍ شهري إلى 2،718 معاملة رافَقَه انكماش في قيمة المعاملات العقاريّة بنسبة 16.17% إلى 16.17 تريليون ليرة. نتيجةً لذلك، إرتفع متوسِّط قيمة المعاملة العقاريّة الواحدة بنسبة 2.15% إلى 5.95 مليارات ل.ل. (66.49 ألف دولار على سعر صرف الـ 89،500 ل.ل مقابل الدولار) من 5.83 مليارات ل.ل. (65.09 ألف دولار) في الشهر الذي سبقه.

أمّا على صعيدٍ تراكميّ، فقد وصل عدد المعاملات العقاريّة إلى 9،361 معاملة في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 مقارنةً بـ1،761 معاملة في الفترة نفسها من العام 2023. كما بلغت قيمة معاملات المبيع العقاريّة 52.71 تريليون ليرة في مقابل 1.59 تريليون ليرة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2023.

وتُعزى الزيادة في عدد المعاملات إلى إضراب موظّفي الدوائر العقاريّة خلال غالبية فترة الأشهر الأربعة الأولى من العام 2023، في حين اقتصر إضراب الموظّفين على دوائر جبل لبنان (بعبدا وجونية والمتن) خلال الفترة ذاتها من العام 2024. أمّا بالنسبة لزيادة قيمة المعاملات، فيمكن تعليلها بالرفع التدريجي لسعر صيرفة (والمعتمد لاحتساب قيمة المعاملات العقاريّة بالليرة اللبنانيّة) من حوالى 38،000 ليرة مقابل الدولار في شهر كانون الثاني 2023 إلى 43،622 ل.ل. في شهر شباط و79،422 ليرة في شهر آذار و86،893 ليرة في شهر نيسان من العام نفسه مقارنةً بسعر صرف 89،500 ل.ل. مقابل الدولار الأميركي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي. وقد واصلت حصّة الأجانب من عمليّات المبيع العقاريّة تحسّنها لتصل إلى 2.12% خلال الأشهر الاربعة الأولى من العام 2024، من 1.87% في نهاية العام 2023 و1.04% في نهاية العام 2022، ما قد يشير إلى تزايد الإهتمام الأجنبي بالقطاع العقاري اللبناني.

مصدرالجمهورية - ايفا ابي حيدر
المادة السابقةموظفو القطاع العام لم يقبضوا الزيادات على الرواتب
المقالة القادمةالكلام عن “انقسام مصرفي” دونه شبهة الإقصاء للإتيان بالبديل!