الاستثمار في الديون الخاصة يغري شركات التأمين الكبرى

تخطط شركات التأمين العالمية لزيادة استثماراتها في سوق الائتمان الخاص (القروض الخاصة) المتنامي، وفقا لتقرير جديد صادر عن وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، رغم الغموض الذي يلف هذا النوع من الائتمانات.

والائتمان الخاص مُكون مهم من الاستثمارات البديلة، حيث يوفّر عوائد جذابة ومتناسبة بحسب درجة المخاطر، وبارتباط منخفض بسوق الأسهم وأعلى من الأصول التقليدية ذات الدخل الثابت، مثل السندات الحكومية وسندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية.

ويرجع ذلك إلى أن الدين الخاص غالبا ما يتم تنظيمه باستخدام أسعار فائدة عائمة تتم إعادة ضبطها على فترات منتظمة.

ونشأت هذه السوق منذ ثلاثة عقود تقريبا باعتبارها مصدرا لتمويل الشركات التي تمتنع البنوك التجارية عن إقراضها لعظم حجمها أو مخاطرها، أو الشركات التي لا يمكنها الاستدانة من الأسواق العامة لصغر حجمها.

وتوفر العديد من شركات قطاع التأمين حول العالم عددا من إستراتيجيات الائتمان الخاص على مستوى الأسواق الإقليمية والدولية، وذلك كجزء من التزامها بإتاحة محافظ استثمار متزنة ومتنوعة للزبائن.

وفي العادة، تتضمن منتجات الائتمان الخاص المقدمة من القطاع مجموعة كبيرة من الخيارات، بما يشمل تمويل الميزانين والائتمان المهيكل واستثمارات التمويل المدعومة بالأصول، وغيرها.

وتشمل هذه الفئة من الديون أنواعا من القروض المختلفة، مثل القروض ذات الرفع المالي وديون المشاريع. ويمكن استخدامها لتمويل مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الاستحواذ على الشركات والتطوير العقاري، واستثمارات البنية التحتية.

وفي دراسة استقصائية أجريت هذا الأسبوع لأكبر شركات التأمين في العالم، وجدت وكالة موديز أن ما يقرب من 80 في المئة من المشاركين يعتزمون زيادة ممتلكاتهم في فئة واحدة على الأقل من الائتمان الخاص.

وباعتبارها أكثر خطورة وأقل شفافية من السوق العامة، فقد اكتسبت صفقات الائتمان الخاصة التي تشمل المقرضين غير المصرفيين وشركات السوق المتوسطة تدريجيا حصة في السوق في الولايات المتحدة.

وفي جميع أنحاء العالم وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تجنبت البنوك القروض الأكثر خطورة للمقترضين ذوي الاستدانة العالية وبأسعار فائدة مرتفعة.

وأظهر تقرير نشره صندوق النقد الدولي على منصته الإلكترونية في أبريل الماضي أن قيمة الأصول ورؤوس الأموال الملتزم بها في سوق الائتمان الخاص عالميا بلغت 2.1 تريليون دولار العام الماضي.

وتقدم هذه السوق قروضا للشركات من خلال مؤسساتها المالية غير المصرفية المتخصصة. وتركزت ثلاثة أرباع هذه القيمة تقريبا في الولايات المتحدة، حيث تقارب حصة للائتمان الخاص حصة القروض المشتركة والسندات ذات العائد المرتفع.

وقامت شركات التأمين بالفعل بزيادة حيازاتها الائتمانية الخاصة في الولايات المتحدة إلى 36 في المئة من إجمالي استثماراتها، وفقا لوكالة موديز، مدفوعة بعوائدها الجذابة مقارنة بسوق الائتمان العام الأكثر تقلبا.

وكتب مؤلفو التقرير “لقد أعادت (العديد) من شركات التأمين تخصيص جزء من محفظتها الاستثمارية نحو أصول أقل سيولة ذات مخاطر ائتمانية مماثلة لأنها تشعر أن هذه الاستثمارات تقدم الآن تعويضا إضافيا كافيا مقابل انخفاض سيولتها”.

وعلى الرغم من افتقارهم إلى الشفافية، فقد زعم المشاركون في المسح أن الأصول ذات الجودة الاستثمارية تشكل معظم ممتلكاتهم الائتمانية الخاصة.

ومع ذلك، سلط التقرير الضوء على مخاوف بعض المشاركين في المسح، من أن المخاطر طويلة المدى المتمثلة في تزايد استثمارات الائتمان الخاصة لشركات التأمين يمكن أن تفوق جاذبيتها على المدى القصير.

وقالت موديز “يعتقد عدد من الشركات التي تحدثنا إليها أن تقلبات الانتشار على المدى القصير في الأسواق العامة يمكن أن تبالغ في تقدير اتجاهات الائتمان الأساسية”.

وأضافت أن تلك التقلبات “أقل أهمية من مخاطر الائتمان لأصول الائتمان الخاصة، والتي يتم الاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق طالما أن شركة التأمين تعمل على أساس الاستمرارية”.

ويتوقع المحللون والمشاركين في السوق ارتفاع حالات التأخر في السداد والتخلف عن السداد بين المقترضين، وفقا للتقرير.

ونظرا لأن التضخم وارتفاع الفائدة يدفع المزيد من المقترضين إلى تجنب التخلف عن السداد والتحول إلى الائتمان الخاص، فمن المتوقع أن تزيد الشركات ممتلكاتها بسرعة أكبر في الأصول مثل الإيداعات الخاصة والتمويل القائم على الأصول والقروض العقارية.

ومع زيادة ممتلكاتها الائتمانية الخاصة، تتعرض شركات التأمين أيضا لخطر سوء إدارة أصولها والتزاماتها، وهو ما حذرت موديز من أنه “سلبي للغاية من الناحية الائتمانية”.

ومع أن صندوق النقد أكد سابقا أن المخاطر المباشرة للائتمان الخاص على الاستقرار المالي في الوقت الحالي تبدو محدودة، لكنه يرى أن الأمر يتطلب الانتباه والكثير من الانضباط، والمراقبة الحثيثة.

وأكد خبراء المؤسسة المالية المانحة أنه نظرا لغموض هذه المنظومة وشدة ترابطها، وحال استمرار نموها السريع دون رقابة كافية، فقد تتحول مواطن الضعف الحالية إلى مخاطر نظامية تهدد النظام المالي ككل.

وأشاروا إلى أنع يتعين تنفيذ آليات تنظيمية أكثر يقظة لمراقبة المخاطر وتقييمها، حيث ينبغي أن تنظر السلطات في تبني منهج رقابي وتنظيمي أكثر فعالية تجاه الائتمان الخاص، مع التركيز على الرقابة وإدارة المخاطر، والرفع المالي، والروابط، وتركز الانكشافات.

كما أن على الجهات التنظيمية العمل على تعزيز التعاون عبر القطاعات والحدود الوطنية لمعالجة فجوات البيانات وزيادة الاتساق بين تقييمات المخاطر عبر القطاعات المالية.

وعلاوة على ذلك، يفترض أن تقوم أيضا على تحسين معايير الإبلاغ وآليات جمع البيانات لإحكام الرقابة على نمو الائتمان الخاص وانعكاساته على الاستقرار المالي.

ويرى صندوق النقد أن على جهات تنظيم الأوراق المالية حول العالم مراقبة مخاطر السيولة والسلوك عن كثب عبر صناديق الائتمان الخاص، ولاسيما صناديق التجزئة، التي قد تكون أكثر انكشافا لمخاطر الاسترداد.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتجار النفط يراقبون بقلق تفاعلات سياسة أوبك+
المقالة القادمةتريليونا دولار الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة خلال 2024