الأرقام السعيدة تطفئها الأرقام الحزينة، فالاحصاءات الأخيرة عن تراجع قيمة الاستيراد الى لبنان تقابلها احصاءات عن درجة بيروت رابع أغلى مدينة في كلفة المعيشة بين مدن المنطقة. حيث الغلاء يتعاظم بقدر ما تتراجع كميات السلع المستوردة دون أن يقابلها من الانتاج المحلي بما يسد العجز ويمنع ارتفاع الأسعار الذي يستنزف باستمرار القوة الشرائية للبنانيين لا سيما مع الارتفاع المتواصل في سعر الدولار، والنموذج «المثالي» اللحوم التي ارتفع سعرها بشكل صاروخي لأن لبنان يستوردها تقريباً ١٠٠٪ حتي بات لها اغنية خاصة تقول لها: وداعاً!
وهكذا فإن انخفاض استيرادات لبنان بشكل ملحوظ خلال الـ٤ أشهر من هذا العام بمعدل ٤٠% بالمقارنة مع الفترة نفسها من ٢٠١٩ من 5,2 مليار دولار الى 2,6 مليار دولار، يكون ظاهرة إيجابية، إذا كان هذا الانخفاض يخفف بعض العبء على الميزان التجاري وميزان المدفوعات والاحتفاظ بكميات من الدولارات داخل لبنان لاستخدامها في الانتاج بدل الاستهلاك، لولا انه في حال لبنان لا تسير الأمور على هذا النهج، حيث ما نوفره من دولارات من تراجع الاستيراد إما يذهب هدرا أو استنزافا في أبواب اخرى، مع سلبية اضافية هي أن هذا التراجع في الاستيراد الناشيء غالبا عن عدم توافر الدولارات الكافية، أو قد ينتج عنه نقص في كميات السلع المطلوبة بما يزيد في ارتفاع الأسعار الذي جعل من العاصمة اللبنانية، حسب التقرير الأخير لـ Mercer Institute، المدينة الرابعة في غلاء كلفة سلة المعيشة بعد دبي والرياض وأبو ظبي، وبعدها أقل غلاء ١١ عاصمة عربية على لائحة آخرها تونس الأرخص كلفة بين كل المدن العربية وحازت الرقم الأدنى ١٥ مقابل الرقم ٤ للعاصمة اللبنانية.
ومع ذلك ورغم هذه االدرجة العالية في الغلاء في لبنان، يستمر التداول حول احتمال رفع الدعم عن العديد من المواد الأساسية بما يؤدي الى استفحال الغلاء بكل تأثيراته السلبية ليس فقط على معيشة المواطن وانما أيضا على حركة السياحة والاستثمارات. الأمر الذي يدل على اخطاء وفوضى حكومية في اختيار البدائل الاقتصادية لا سيما مع التراجع الهائل في معدل النمو.
ففي التقرير الصادر عن Fitch Solutions ان معدل نمو اقتصاد لبنان انخفض من سلبي ناقص (- 3,9% ) الى سلبي ناقص (- 10,6%) بسبب الضغوطات المتزايدة على النفقات العامة والتراجع في النشاط الناتج عن جائحة الكورونا وعدم قدرة الحكومة اللبنانية على معالجة العجز البالغ 10,6% من الناتج لعام ٢٠١٩ وارتفاع كلفة الدين العام التي فاقت نسبة 166,9% من الناتج ووسط ما يسميه التقرير أزمة ثقة وعدم استقرار تتسبب بخروج أموال وتوقف استثمارات مع تراجع الاحتياطيات وارتفاع معدلات التضخم في غياب سياسة مالية تحد من قدرة الدولة على اعطاء الحوافز اللازمة لمساندة الاقتصاد ورفع معدلات النمو.
البلدان التي انخفض منها
الاستيراد ونسبة الانخفاض
البلد النسبة
الكويت 76,7 %
روسيا 67,6%
الصين 62,3%
ألمانيا 44,1%
رومانيا 42,9%
ايطاليا 40,3%