رفعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشكل طفيف توقعاتها للنمو العالمي في العام 2025، مشيرة إلى أنه قد يتمكن من التغلب على تبعات الرسوم الجمركية المحتملة بشكل أفضل، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من تداعيات سلبية محتملة.
وأشارت المنظمة، ومقرها باريس، في تقرير أظهر توقعاتها الاقتصادية العالمية المحدثة، إلى أن “تبعات توقع فرض رسوم جمركية أعلى على إنتاج وتجارة السلع لعبت دورا محوريا كبيرا” في الاقتصاد العالمي.
وقال رئيس المنظمة ماتياس كورمان خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء “ستتجلى الآثار الكاملة لهذه الرسوم بقدر أكبر مع استنفاد الشركات لمخزوناتها التي تراكمت نتيجة إعلان هذه الرسوم، واستمرار تطبيق هذه المعدلات المرتفعة”.
وأضاف “ربما تؤدي زيادة القيود المفروضة على التجارة أو استمرار حالة الضبابية حول السياسات إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج وتأثيرها السلبي على الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي”.
وأظهرت هذه التوقعات تفاؤلا طفيفا مقارنة مع تلك التي نشرتها المنظمة في يونيو الماضي، في ذروة حرب الرسوم، إذ قدرت الآن أن يصل النمو العالمي إلى 3.2 في المئة مقابل 2.9 في المئة آنذاك، ولكن من المحتمل أن يبقى ثابتا عند 2.9 في المئة خلال 2026.
وبذلك، تقترب المنظمة الدولية من توقعاتها للنمو الصادرة في ديسمبر 2024، أي قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عندما توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.3 في المئة لهذا العام.
غير أن توقعاتها للعام المقبل لا تزال أقل بكثير، بفارق 0.4 نقطة مئوية، مع 2.9 في المئة.
أما في ما يتعلق بالاقتصاد الأميركي، فمن المتوقع أن يدفع هذا العام ثمن حرب الرسوم الجمركية التي بدأها ترامب، مع تباطؤ النمو إلى 1.8 في المئة ثم 1.5 في المئة العام المقبل، مقارنة بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.8 في العام الماضي.
وفي حين يشدد ترامب سياسته المتعلقة بالهجرة، لاسيما من خلال القيود المفروضة على العاملين في قطاع التكنولوجيا، أكد كبير الاقتصاديين في المؤسسة ألفارو بيريرا في مقابلة مع وكالة فرانس برس، أن “ثمة نموا أقل في القوى العاملة”.
وقال إن ذلك “سيكون له تأثير واضح على الناتج المحلي الإجمالي”، معتبرا أن الهجرة “ميزة أساسية للاقتصاد الأميركي”.
أما بالنسبة لمنطقة اليورو، فمن المتوقع أن يرتفع النمو بشكل طفيف بنحو 0.2 نقطة مئوية في 2025 مقارنة بتوقعات المنظمة في يونيو البالغة 1.2 في المئة، وأن ينخفض بنحو 0.2 نقطة مئوية في عام 2026 إلى واحد في المئة.
ومن بين الدول المهددة في المنطقة، قال بيريرا إن على فرنسا خصوصا “توخي الحذر البالغ في شؤونها المالية خلال السنوات القادمة”.
وأضاف “علينا أن نتعلم مما حدث في دول مثل إيطاليا والبرتغال وغيرهما. لقد عادت هذه الدول إلى الانضباط المالي، بينما تواصل فرنسا زيادة ديونها”.
ومنذ توليه منصبه في يناير، فرض ترامب رسوما إضافية على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، مما أدى إلى زيادة المعدل الفعلي على الواردات الأميركية بنسبة 19.5 في المئة، وهو الأعلى منذ 1933، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
3.2 في المئة معدل النمو المتوقع هذا العام على أن يتقهقر إلى قرابة 2.9 في المئة خلال العام المقبل
وما أثار عوامل التفاؤل لهذا العام، نمو الإنتاج الصناعي في الأشهر الستة الأولى من العام بنسبة أكبر من متوسط نموه المتوقع في 2024 في معظم الاقتصادات المتقدمة، بحسب المصدر نفسه.
وأضافت المنظمة أن “تبعات زيادة الرسوم الجمركية لم تظهر بالكامل بعد لأن تطبيق العديد من التغييرات تم على نحو تدريجي ولقيام الشركات في البداية بتحصيل بعض هذه الزيادات من هوامش أرباحها”.
غير أن المنظمة حذرت من بروز “علامات تباطؤ” في نمو الإنتاج منذ أغسطس الماضي، لاسيما في كوريا الجنوبية وألمانيا والبرازيل. وحول الاستهلاك، لاحظت المنظمة تباطؤا في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين.
وأشار بيريرا إلى أنه “بشكل عام، عندما يكون الاقتصاد في وضع جيد للغاية، يبلغ معدل النمو حوالي 4 في المئة، وبالتالي نحن بعيدون عن ذلك”.
وأضاف بيريرا الذي عُيّن محافظا لبنك البرتغال خلال الصيف وسيغادر قريبا المنظمة “نتوقع ارتفاعا طفيفا في التضخم، لاسيما في الولايات المتحدة، ولكن ليس فيها فقط، على سبيل المثال من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية في دول مثل اليابان وجنوب أفريقيا”.
ومن بين عوامل الخطر الأخرى، تشير المنظمة إلى احتمال زيادة الرسوم وتزايد المخاوف بشأن المخاطر المالية، على خلفية ارتفاع الديون في معظم مناطق العالم والضغوط على أسعار الفائدة.



