الاقتصاد العالمي على شفا استنساخ تجربة الجائحة

رجح محللون أن يتجاوز رد الفعل القوي من الغرب ضد موسكو حدود الكارثة على روسيا لتصل تداعياته إلى الاقتصاد العالمي والأسواق المالية وتجعل الحياة أكثر خطورة على الجميع من العمال المهاجرين إلى المستهلكين وحتى الأسر الجائعة.

وحتى قبل غزو روسيا لأوكرانيا كان الوضع العام يعاني من ضغوط تحت مجموعة من الأعباء منها ارتفاع معدلات التضخم وتعطل سلاسل التوريد المتشابكة وهبوط في أسعار الأسهم الأمر الذي يضع اقتصاد العالم على شفا استنساخ تجربة الجائحة.

وقال كلاي لوري نائب الرئيس التنفيذي في معهد التمويل الدولي “نحن في الواقع في منطقة مجهولة”. وأضاف في تصريح لوكالة أستوشيتد برس “نعلم أن هناك عواقب لا يمكننا التنبؤ بها”.

وحاليا على الأقل يبدو أن الضرر الذي يلحق بالاقتصاد العالمي بشكل عام ضئيل نسبيا، وذلك فقط لأن روسيا وأوكرانيا ليستا قوتين اقتصاديتين.

ونظرا لأهميتهما كمصدرين للطاقة والمعادن النفيسة والقمح والسلع الأخرى، فإنهما معا تمثلان أقل من اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العالم.

ومعظم الاقتصادات الكبرى لديها تعرض تجاري محدود لروسيا فقط، فبالنسبة إلى الولايات المتحدة تمثل الصادرات الروسية نحو 0.5 في المئة من إجمالي تجارتها الخارجية قياسا بالصين حيث تبلغ 2.4 في المئة.

ومع ذلك فإن روسيا هي مورد مهم للغاية للنفط والغاز والمعادن، ومن المؤكد أن ارتفاع أسعار هذه السلع سيلحق أضرارا اقتصادية في جميع أنحاء العالم.

وتعتمد أوروبا على روسيا في ما يقرب من 40 في المئة من غازها و25 في المئة من نفطها. وبالنسبة إلى الحكومات الأوروبية زادت الحرب الروسية بشكل كبير من احتمالية حدوث تضخم جامح أو نكسة اقتصادية أخرى أو كليهما.

ومع اعتمادها على الطاقة من روسيا، باتت اقتصادات الدول الأوروبية في خطر بعد أن ارتفعت أسعار الغاز بنسبة 20 في المئة خلال أسبوع، علاوة على الزيادات السابقة، وهي الآن تقارب ستة أضعاف ما كانت عليه في بداية عام 2021.

وتغذي صدمة أسعار الغاز معدلات تضخم أعلى وتضخم فواتير الخدمات العامة والنتيجة تضرر غالبية الأسر التي لديها أموال أقل لتنفقها، لتتضاءل الآمال في زيادة الإنفاق الاستهلاكي الناتج عن تخفيف قيود الإغلاق.

واعتبر اقتصاديون أن ارتفاع أسعار الغاز تسبب في “تدمير الطلب” بين المؤسسات الصناعية مثل صانعي الأسمدة الذين يستخدمون الكثير من هذه المادة، وقد أدى ذلك الآن إلى خفض الإنتاج مما يدفع المزارعين أكثر إلى تشغيل الآلات وشراء الأسمدة.

والأمر لا يقف عند ذلك الحد، فالبلدان لوحدهما يزودان العالم بنحو 13 في المئة من إمدادات التيتانيوم المستخدم في صناعة طائرات الركاب و30 في المئة من البلاديوم الذي يستخدم في صناعة السيارات والهواتف المحمولة وحشوات الأسنان.

كما تعتبر روسيا أيضا منتجا رئيسيًا للنيكل المستخدم في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية والصلب.

وتتزامن الأزمة الراهنة في شرق أوروبا مع لحظة عالية المخاطر بالنسبة إلى التضخم الذي ارتفع بشكل مفزع منذ بداية 2022 والذي كان نتيجته في الغالب للانتعاش القوي غير المتوقع للاقتصاد.

ويرى الخبراء أن على البنوك المركزية العالمية أن تزن الضغوط التضخمية المكثفة مقابل خطر أن تؤدي الأزمة الأوكرانية إلى إضعاف الاقتصادات وخاصة الضعيفة منها بشكل أكبر.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةحرب القمح تترك مشتري شمال أفريقيا أكثر عرضة للخطر
المقالة القادمةالنقد الدولي يكثف ضغطه على لبنان لتنفيذ إصلاح شامل