انتهى الفصل الاول من العام الحالي ولم تلح في الافق اي بارقة امل بامكانية النهوض الاقتصادي حيث ما زال يعيش الاقتصاد الوطني على المسكنات التي تقيه من الموت البطىء وبالتالي لم تقم السلطة السياسية ومن ورائها المنظومة السياسية التي تدير البلد بالاصلاحات الموعودة والتي يطالب بها صندوق النقد الدولي لاقراض لبنان تمهيدا لوضعه على سكة التعافي ولا عمدت هذه السلطة الى اطلاق خطتها للنهوض الاقتصادي بل كل ما تقوم به هو الدوران حول نفسها غير عابئة بمصير الوطن والمواطن وتعمل في الوقت نقسه على اصدار مشاريع قوانين سرعان ما تتساقط بسبب عدم الاجماع عليها مثل مشروع قانون اعادة تنظيم القطاع المصرفي، وفي الوقت نفسه يستمر الاقتصاد في البقاء في قعر القعر وفي حالة من الانكماش بعدما اضيف الى ما يعانيه هذا الاقتصاد تداعيات حرب غزة وامتداداتها الى جنوب لبنان حيث كان القطاع السياحي المتضرر الاول من هذه الحرب التي انعكست تراجعا في عدد السياح واللبنانيين المغتربين اضافة الى تراجع الانفاق السياحي .
وقد جزم البنك الدولي في تقريره الاخير بأنه إذا لم يتم تنفيذ خطة شاملة لحل الأزمة، فلن تكون هناك استثمارات طويلة الأجل ومجدية، وسيعاني لبنان مزيداً من التآكل في رأسماله المادي والبشري والاجتماعي والاقتصادي .
تقول مصادر مالية مطلعة ان الواقع السياسي هو احد اهم الورم الاقتصادي وان الحل السياسي يؤدي الى حلول اقتصادية ومن المؤسف ان الطبقة السياسية الحاكمة لم نفعل شيئا لتدارك تدهور الاوضاع السياسية فهي رغم مرور اكثر من اربع سنوات لم تتمكن من تنفيذ بعض الاصلاحات التي تضع لبنان على خطة التعافي الاقتصادي اضافة الى عدم تمكنها من اعادة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية وتشكيل حكومة اصلاحية لا بل وقفت تراقب افواج اللبنانيين وخصوصا الشباب منهم وهم يهاجرون الى بلاد الله الواسعة مع العلم ان هؤلاء الشباب هم الاقدر على المساعدة في عملية النهوض في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة عدد العاطلين من العمل ادى اكثر من ٤٠ في المئة وفي الوقت الذي تراجع فيه الناتج القومي من ٥٢ مليار دولار الى اقل من ١٨مليار دولار ليتبين ان هذه الارقام فعلا متدنية ولا تحقق النمو المستدام .
وقد شرع مصرف لبنان في إصلاحات محدودة ولكنها غير كافية وغير قادرة على احداث التغيير المطلوب ، وسط استقرار نسبي في سعر الصرف لم يشهده من قبل وذك بفضل السياسة التي اتبعتها القيادة الجديدة لمصرف لبنان وخصوصا في ما يتعلق بعدم اقراض الدولة اللبنانية وعدم طبع عملة لبنانية جديدة لا بل خففت من حجم الكتلة النقدية بالليرة التي تراجعت الى حدود ٦٠ تريليون ليرة لبنانية وعدم المس بما تبقى من الاحتياطي بالعملات الاجنبية لكن كل ذلك لا يؤدي الى تحقيق النمو لان المطلوب من السلطة السياسية اتخاذ تدابير جذرية للمعالجة ، ولا يزال استمرار غياب تسوية منصفة للقطاع المصرفي تشتمل على توزيع مسبق للخسائر، وعمليات الإنقاذ وإعادة الهيكلة، يُقوّض آفاق التعافي في لبنان مع العلم ان الجميع بانتظار خطة تعيد القطاع المصرفي الى تأدية دوره المطلوب منه وان يكون الممول للاقتصاد الوطني لا النزيف المستمر فيه. وبحسب هذه المصادر أن الاصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، هي إقرار قانون الكابيتال كونترول، وقانون إعادة هيكلة المصارف واطلاق هذة للتعافي المالي والاقتصادي وان تنفيذ هذه الاصلاحات ، كفيل بوضع لبنان على طريق الاصلاح والنهوض، مما يؤدي الى حالة من الثقة على صعيد محلي وعالمي، ما يساعد في جذب الاستثمارات وتحفيز النمو وخلق فرص عمل وبالتالي إعادة إحياء العجلة الاقتصادية.
ومما يزيد من حدة الازمة الاقتصادية النمو المضطرد للاقتصاد النقدي وتجاوزه نسبة ال ٥٠في المئة مما يشكل تهديدا لموقع لبنان وامكانية عزله ماليا خصوصا مع مجىء وفد من وزارة الخزانة الاميركية مؤخرا وتهديد السلطتين السياسية والنقدية بالويل والثبور في حاز لم تتم معالجة هذا الموضوع خصوصا ان القطاع الخاص الشرعي يشكو من تزايده وتأثيره سلبا في مختلف القطاعات الاقتصادية .
لقد اثبتت الازمة الاقتصادية التي نعيشها ان لبنان هو لكل القطاعات فكما ان خطة ماكنزي شجعت القطاعات الانتاجية بما فيها الصناعة التي اثبتت فعاليتها خلال السنوات الاربع الماضية كذلك فإن قطاع السياحة قد اثبت تفوقه وتحامله على ذاته رغم التطورات السياسية والعسكرية المؤثرة ومد لبنان بالعملة النادرة التي كان ابنان بأمس الحاجة اليها كما لا يمكن ان ننسى موضوع التحويلات التي تقدر ب ٧ مليارات سنويا كانت العون الضروري للبنانيين في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.